19 أكتوبر 2018
بواكي الضربة الأميركية على الأسد
خرج العرب عن صمتهم أخيراً بعد أن كان ضميرهم محتجزاً في غرف قلوبهِم القاسية والضيقة، نطقوا سفهاً، وخرجنا وراءهم نتفقد صدق كلماتهم المنمقة، وزيف مشاعرهم، فوجدنا أنها مسرحية يصفق فيها المنافقون لبعضهم بعضاً، بعد أن يسأم الحضور ويتركوا المسرح فارغا إلا من الكذبات والأقنعة.
خرج العرب عن صمتهم، وانهالت علينا عبارات التّنديد بالحرب ومخاطرِها وكأن الشعب السوري كان يعيش رخاء وأمانا على يد الأسد والروس والإيرانيين. كثر شعراء الرثاء في جمال سورية، ورائحة ياسمينها المعتق والحزين، وقرر المشاهير الذين لم نسمع لهم صوتا منذ بداية الثورة، أن يكسروا حاجز صمتهم هم أيضا، بعد سبع سنوات من الخوف على شعبيتهم، كتبوا يناجون الرب طالبين منه أن يكون مع سورية، راسمين إلى جانب هذا الدعاء قلبا مكسورا، يعبر عن حالتهم الحزينة، أما "القومجيون الممانعون" فقد كان السبيل لمعرفة نفاقهم سهلا، فيكفي أن تقرأَ محاضراتهم عن الشرف والأخلاق والضمير وخيانة الأوطان، لتعرف في أي مستنقع يسبحون.
حتى الأنظمة العربية التي تخلت عن الثورة السورية وادعت التزامها الحياد، خرج مسؤولوها لينددوا بما سمّوه: "العدوان الأميركي على السيادة السورية"، تلك السيادة التي لم يبق عدوان واحتلال في العالم إلا وانتهكها بفضل أحمق، سلّم بلاده للروس وخرج يضحك تارة كالأبله وهو يجرب أسلحته الصدئة على شعبه، وتارة أخرى يطمر رأسه في التراب كالنعام.
سورية التي عانت ولا تزال من صمت الساسة وبائعي الوطنيات ومن مدعي الحياد العرب، ومن خذلان المثقفين وممن ينعتون أنفسهم بالإنسانيين، وممن أطلقوا على الثورة اسم: "الحرب الأهلية" في محاولة منهم لتحييد أنفسهم عما يحدث، باعتبارِه شأنا داخليا، ها هي اليوم تعيش حبا من نوع آخر، ها هي اليوم تلقى وابلا من الخوف والدموع، وتستفيق على عواطف وضمائر فقدنا منها الأمل وشيعناها لمثواها الأخير منذ زمن.
هؤلاء المروجون للضربة على أنها ضربة على سورية كلها، يريدون منا أن نصدق خوفهم وحرصهم على الشعب السوري، وتأثرهم لمصابه وهم الصامتون على الاحتلال الروسي، والساكتون عن المجرم الإيراني، هؤلاء الذين يدعون حبا لشعب سورية بعد أن سمعوا بضربة أميركية محتملة على مواقع النظام، وضع -عزيزي القارئ- عدة خطوط حمراء على عبارة مواقع النظام، أخذوا ينعتون كل فَرِح بالضربة الأميركية بالخائن، وكأن الفرِح بها والمهلل لها، لا يعلم أنها لم تأت لتنتصر لأطفال دوما، أو لتزيح الأسد عن كرسيه، وأنها مجرد تصفية حسابات ومصالح بين بلدين، وأن كل من تمنى لهذه الضربة أن تحدث، إنما يريد أن يرى ذلك اليوم الذي ينهار فيه النظام وأسلحته ومن معه، ويذهبون إلى الجحيم الذي صيّروا سورية إليه.
أمام عنتريات المؤيدين الذين كتبوا تهديدات لترامب يعلنون فيها تفجيرهم للبيت الأبيض في حال قرر ضرب سورية، وأمام منشورات بائسة عن ياسمين الشام الحزين، حدثت الضربة الأشبه بألعاب نارية وبمسطرة أستاذ على يد تلميذ معاقب، فخرج المؤيدون للنظام، الرافضون "للعدوان" الأميركي إلى الساحات، فرحين بانتصارهم ولشدة حماسهم الوطني حملوا معهم الأعلام الروسية والإيرانية وأخذوا يرقصون الدبكة ويتفاخرون بصمود قائدهم الذي كان مختبئا في جحر ينتظر إشارة من الدب الروسي لينقذه. فسُحقا لمن يدعي رفضه لعدوان أميركي وهو يرتمي في أحضان الاحتلال الروسي والإيراني.
أما أنتم أيها العرب الواصلون متأخرين دائما عن العالم بغفوة وخيبة، سورية الآن لم تعد بحاجة لعبارات التأبين التي تكتبونها، فقد شبعت من نفاقكم واكتوت بنار خذلانكم، سورية اليوم تريد منكم أن تكفوا عن وضعِ اسمها في منشوراتكم، فكم كانت تفتقد لدموعكم المزيفة تلك، عندما كان الأسد والروس يقصفون الشّعب ويبيدونه بكافة الأسلحة المحرمة.
أما نحن، فسنبقى يتامى كثورتنا، نجرب أن نتحايل على الذكرى بالتناسي وعلى اليأس بالادعاء، لنعود ونرتطم بخيبتنا مرات ومرات. فيا رب الثأر هبنا أملا ننفض به خذلانا، ومعجزة نتوكأ عليها، وحلما نمسكه فلا يفلت منا. حتى لو كان هذا الأمل مشهدا من مسرحية، يسدل ستارها بمحي الأسد ونظامه عن وجه البسيطة.
خرج العرب عن صمتهم، وانهالت علينا عبارات التّنديد بالحرب ومخاطرِها وكأن الشعب السوري كان يعيش رخاء وأمانا على يد الأسد والروس والإيرانيين. كثر شعراء الرثاء في جمال سورية، ورائحة ياسمينها المعتق والحزين، وقرر المشاهير الذين لم نسمع لهم صوتا منذ بداية الثورة، أن يكسروا حاجز صمتهم هم أيضا، بعد سبع سنوات من الخوف على شعبيتهم، كتبوا يناجون الرب طالبين منه أن يكون مع سورية، راسمين إلى جانب هذا الدعاء قلبا مكسورا، يعبر عن حالتهم الحزينة، أما "القومجيون الممانعون" فقد كان السبيل لمعرفة نفاقهم سهلا، فيكفي أن تقرأَ محاضراتهم عن الشرف والأخلاق والضمير وخيانة الأوطان، لتعرف في أي مستنقع يسبحون.
حتى الأنظمة العربية التي تخلت عن الثورة السورية وادعت التزامها الحياد، خرج مسؤولوها لينددوا بما سمّوه: "العدوان الأميركي على السيادة السورية"، تلك السيادة التي لم يبق عدوان واحتلال في العالم إلا وانتهكها بفضل أحمق، سلّم بلاده للروس وخرج يضحك تارة كالأبله وهو يجرب أسلحته الصدئة على شعبه، وتارة أخرى يطمر رأسه في التراب كالنعام.
سورية التي عانت ولا تزال من صمت الساسة وبائعي الوطنيات ومن مدعي الحياد العرب، ومن خذلان المثقفين وممن ينعتون أنفسهم بالإنسانيين، وممن أطلقوا على الثورة اسم: "الحرب الأهلية" في محاولة منهم لتحييد أنفسهم عما يحدث، باعتبارِه شأنا داخليا، ها هي اليوم تعيش حبا من نوع آخر، ها هي اليوم تلقى وابلا من الخوف والدموع، وتستفيق على عواطف وضمائر فقدنا منها الأمل وشيعناها لمثواها الأخير منذ زمن.
هؤلاء المروجون للضربة على أنها ضربة على سورية كلها، يريدون منا أن نصدق خوفهم وحرصهم على الشعب السوري، وتأثرهم لمصابه وهم الصامتون على الاحتلال الروسي، والساكتون عن المجرم الإيراني، هؤلاء الذين يدعون حبا لشعب سورية بعد أن سمعوا بضربة أميركية محتملة على مواقع النظام، وضع -عزيزي القارئ- عدة خطوط حمراء على عبارة مواقع النظام، أخذوا ينعتون كل فَرِح بالضربة الأميركية بالخائن، وكأن الفرِح بها والمهلل لها، لا يعلم أنها لم تأت لتنتصر لأطفال دوما، أو لتزيح الأسد عن كرسيه، وأنها مجرد تصفية حسابات ومصالح بين بلدين، وأن كل من تمنى لهذه الضربة أن تحدث، إنما يريد أن يرى ذلك اليوم الذي ينهار فيه النظام وأسلحته ومن معه، ويذهبون إلى الجحيم الذي صيّروا سورية إليه.
أمام عنتريات المؤيدين الذين كتبوا تهديدات لترامب يعلنون فيها تفجيرهم للبيت الأبيض في حال قرر ضرب سورية، وأمام منشورات بائسة عن ياسمين الشام الحزين، حدثت الضربة الأشبه بألعاب نارية وبمسطرة أستاذ على يد تلميذ معاقب، فخرج المؤيدون للنظام، الرافضون "للعدوان" الأميركي إلى الساحات، فرحين بانتصارهم ولشدة حماسهم الوطني حملوا معهم الأعلام الروسية والإيرانية وأخذوا يرقصون الدبكة ويتفاخرون بصمود قائدهم الذي كان مختبئا في جحر ينتظر إشارة من الدب الروسي لينقذه. فسُحقا لمن يدعي رفضه لعدوان أميركي وهو يرتمي في أحضان الاحتلال الروسي والإيراني.
أما أنتم أيها العرب الواصلون متأخرين دائما عن العالم بغفوة وخيبة، سورية الآن لم تعد بحاجة لعبارات التأبين التي تكتبونها، فقد شبعت من نفاقكم واكتوت بنار خذلانكم، سورية اليوم تريد منكم أن تكفوا عن وضعِ اسمها في منشوراتكم، فكم كانت تفتقد لدموعكم المزيفة تلك، عندما كان الأسد والروس يقصفون الشّعب ويبيدونه بكافة الأسلحة المحرمة.
أما نحن، فسنبقى يتامى كثورتنا، نجرب أن نتحايل على الذكرى بالتناسي وعلى اليأس بالادعاء، لنعود ونرتطم بخيبتنا مرات ومرات. فيا رب الثأر هبنا أملا ننفض به خذلانا، ومعجزة نتوكأ عليها، وحلما نمسكه فلا يفلت منا. حتى لو كان هذا الأمل مشهدا من مسرحية، يسدل ستارها بمحي الأسد ونظامه عن وجه البسيطة.