بلدة جرف الصخر العراقية... قصة النزوح المزمن

27 مايو 2018
عودة الأهالي غير مسموحة حتى الآن (العربي الجديد)
+ الخط -

لا يزال نازحو بلدة جرف الصخر العراقية ممنوعون من العودة بعد نزوحهم عنها خلال "عمليات التحرير" التي قادتها القوات العراقية بمساندة مليشيات الحشد الشعبي، لتخليص البلدة من إرهابيي تنظيم "داعش" منتصف عام 2014.

ويعيش أهالي البلدة النازحون إلى مدن مختلفة داخل مخيمات ومعسكرات نزوح، ظروفاً اقتصادية صعبة ونفسية عصيبة. فلا يُسمح لهم بالعودة إلى جرف الصخر التابعة تنظيمياً لمحافظة بابل (100 كيلومتر جنوب بغداد)، على الرغم من إطلاق برلمانيين وسياسيين وعوداً كثيرة بعودتهم خلال حملاتهم التي سبقت الانتخابات البرلمانية التي أجريت في 12 مايو/أيار الجاري، تلك الوعود التي لم تكن سوى "دعاية سياسية".

ويقول قحطان الجنابي، وهو أربعيني نزح مع أسرته من جرف الصخر قبل أربع سنوات، ويسكن حالياً في شقة صغيرة في منطقة تابعة لمدينة كربلاء (جنوب العراق): "تعبنا من هذا الانتظار، حين خرجنا من منطقتنا قالوا لنا إن الأمر يستغرق شهراً واحداً ثم نعود إلى ديارنا، وها نحن نستقبل العام الخامس والوضع كما هو، نازحون ومصالحنا معطلة وأوضاعنا سيئة".

ويضيف، في حديثٍ مع "العربي الجديد"، "النازحون بعد تعبهم من الانتظار والإهمال الحكومي ذهبوا إلى جرف الصخر، لكن القوات العسكرية منعتهم من الدخول إلى بلدتهم لتفقد البيوت والمنشآت الحكومية فيها، ولا نعرف تماماً على من انتصرت تلك القوات ربما على المواطنين".

ويتابع "تمنعنا قوات الأمن ومليشيات الحشد الشعبي من الدخول كلما ذهبنا إلى الجرف، فهي لا تسمح لنا حتى بالوصول إلى أطراف البلدة، وتتذرع بعدم تأمين المنطقة ووجود مخلفات حربية لتنظيم "داعش" الإرهابي فيها"، مبيناً أن "عناصر من الحشد الشعبي يقولون إن المخلفات التي تركها داعش في الجرف، قد تتسبب في مشاكل صحية تؤثر على المواطنين، ويجبرون النازحين العائدين على الرحيل".
مخلفات "داعش" العسكرية هو التبرير الأول للسلطات(العربي الجديد)

ويروي الجنابي أن "أحد شباب جرف الصخر يسكن في بلدة مجاورة تسمى الحامية، غَضِب قبل نحو شهر من الإجراءات الأمنية التي تطبقها عناصر تتبع لفصائل مسلحة ضمن "الحشد الشعبي"، فحاول التسلل إلى بلدته وزيارة بيته، للتأكد إن كان المنزل ما زال موجوداً أم تعرض للسرقة أو الهدم، إلا أن "الحشد" اعتقله، وعلى الرغم من اعتراف الشاب أنه أراد العبور للاطمئنان على بيته، لكن عُثر على جثته بعد أيام مرمية على طريق عام يربط الحامية بالجرف، وتبدو عليها آثار تعذيب وضرب مبرح بالعصيّ".



يشار إلى أن ناحية جرف الصخر من بين المناطق التي شهدت تغييراً ديموغرافياً كبيراً بعد تهجير سكانها، وجميعهم من مكوّن واحد. ولم تتمّ الموافقة على عودة السكان بعد انتهاء العمليات العسكرية فيها. وهاجر أهلها عندما شنّت المليشيات والقوات الأمنية معركة ضد تنظيم "داعش"، للسيطرة عليها. ومنذ عام 2014 لم توافق الحكومة العراقية ومليشيات "الحشد الشعبي" على عودة المهجرين إلى ديارهم، لا سيما أن الكثير منهم يملكون أراضي زراعية وبساتين.
الأهالي قلقون على بيوتهم وأراضيهم الزراعية(العربي الجديد)


ويشترك أكثر من 10 فصائل مسلحة ضمن الحشد الشعبي في إدارة الملف الأمني في جرف الصخر، بحسب مصدر من الحشد، الذي أوضح، لـ"العربي الجديد"، أن الفصائل توزع المهام الأمنية في ما بينها لتأمين البلدة، منها "بدر" و"كتائب حزب الله العراق"، و"الخراساني"، و"عصائب أهل الحق"، و"أبو الفضل العباس"، و"كتائب الإمام علي"، مبيناً أن "الوضع الأمني ما زال غير مسيطر عليه، وتتعرض قطعات الحشد للهجمات بين فترة وأخرى من مجهولين يعتقد أنهم من داعش".

ويبرر المسؤول المحلي في مدينة المسيّب، قاسم المعموري، عدم السماح لنازحي جرف الصخر بالعودة "لغياب التأمين الكامل للمنطقة من قبل القوات العسكرية". وقال لـ"العربي الجديد": "ليس لدينا مانع بعودة النازحين، لكن الغرض الأساسي من هذا التأخير، بحسب القادة الأمنيين، هو معالجة الثغور التي قد يدخل عناصر تنظيم داعش من خلالها، واستهداف المواطنين".
لا يمكن الدخول إلا بالعبور عبر نقاط أمنية (العربي الجديد)


ويشير إلى أن "جرف الصخر منطقة واسعة ومفتوحة، ولا بد من توفير نقاط تفتيش داخلها، لضمان أمنها وسلامة أهلها، لأنها تربط بين مدن عراقية مثل الأنبار وكربلاء وبابل والنجف، فضلاً عن إعمار الدوائر الحكومية والمؤسسات الخدمية فيها بعد تعرّضها للتخريب من قبل الجماعات الإرهابية".

يشار إلى أن مجلس محافظة بابل صوّت، في أغسطس/آب من العام الماضي، على مشروع يقضي برفع دعوى قضائية على أيٍّ من السياسيين الذين يطالبون بعودة أهالي منطقة جرف الصخر إلى ديارهم. ويتفق قرار المجلس مع موقف القوى المسلحة التابعة للحشد الشعبي المسيطرة على البلدة.