بعد غلق الحدود تونس قد تفرض التأشيرة على الليبيين

27 نوفمبر 2015
التوجّه لإغلاق الحدود سيعقد العلاقات بين البلدين (Getty)
+ الخط -
من بين القرارات الأربعة عشر التي أعلن عنها مجلس الأمن القومي في اجتماعه الأخير غلق الحدود مع ليبيا لمدة خمسة عشر يوماً، وذلك بداية من يوم الخميس الماضي. وهو القرار الذي فاجأ الليبيين، وبالأخص جماعة "فجر ليبيا"، حيث اعتبر المسؤول الليبي على البوابة الحدودية بأن القرار قد اتخذته الجهات التونسية بدون التشاور مع الجهات الليبية في طرابلس.

ويأتي هذا القرار نتيجة تأكّد السلطات الأمنية التونسية من أن معظم العمليات الإرهابية التي حصلت داخل التراب التونسي، بما في ذلك العمليات التي تم تنفيذها خلال الأشهر الأربعة الأخيرة، كانت على علاقة بالتنظيمات المتشددة في ليبيا. فالحزام الناسف الذي استعمله الإرهابي لتفجير حافلة الأمن الرئاسي تم تهريبه من ليبيا. والشخص الذي قتل 38 سائحاً بمدينة سوسة تم تدريبه والتخطيط للعملية في ليبيا. كما أن المسلحين اللذين اقتحما متحف باردو تدربا في معسكرات ليبية. كذلك فإن تدفق مختلف أنواع الأسلحة خلال الأربع سنوات الأخيرة تم تصديرها من ليبيا نحو تونس.

ويأتي هذا الإجراء الخاص بغلق مؤقت للحدود في سياق التخفيف من حجم المخاطر التي تهدد الدولة التونسية، والتي سبق لها أن شرعت قبل أشهر في بناء ساتر ترابي يفصل بين البلدين، والذي تكاد أشغاله تشرف على نهايتها وقد لعب أنصار الشريعة في هذا الشأن دوراً مهماً قبل أن تدخل تنظيمات مسلحة أخرى على الخط، وآخرها "تنظيم الدولة الإسلامية".

في نفس السياق أعلن وزير الخارجية التونسي الطيب البكوش قبل أيام أن جميع المسؤولين عن الفصائل المسلحة في ليبيا غير مرغوب فيهم في تونس. وبرر ذلك بقوله إن دخولهم إلى تونس من شأنه أن يعرض التونسيين الموجودين على الأراضي الليبية إلى مخاطر عديدة، في حال اضطرار الجهات الأمنية أو القضائية التونسية للتحقيق مع أحد هؤلاء المسؤولين عن إحدى المليشيات.

اقرأ أيضاً: الأمن التونسي يطيح بـ"كتيبة الفرقان" ويكشف مخازن أسلحة

هذا وقد لا يكون غلق الحدود الإجراء الوحيد الذي ستتخذه تونس في هذا الشأن فقد أكد كاتب الدولة لدى وزير الداخلية المكلف بالشؤون الأمنية أن السلطات التونسية تدرس حالياً إمكانية فرض التأشيرة على الليبيين الراغبين في دخول التراب التونسي. وهو إجراء سبق أن اتخذته المملكة المغربية قبل أشهر بعد 25 عاماً من العمل بقرار إلغاء التأشيرة بين مواطني دول المغرب العربي الخمس، وهي ليبيا وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا.

وإذ عبّرت أوساط فجر ليبيا عن انزعاجها من قرار غلق الحدود بشكل مؤقت، فإن احتمال فرض التأشيرة على الليبيين سينعكس سلباً على العلاقات الثنائية، وذلك نظرا للعدد المهم من الليبيين الذين يتوجهون إلى تونس سواء للعلاج أو للقيام بزيارة عائلاتهم المقيمة بالمدن التونسية، إذ يوجد ما لا يقل عن 300 ألف ليبي يعيشون على الأراضي التونسية، وذلك هرباً من أجواء الحرب والتقاتل بين مختلف الفصائل المتنازعة بعد انهيار الدولة المركزية.

وفي حال لجوء تونس إلى فرض تأشيرة على المواطنين الليبيين، فإنه من المتوقع أن تلجأ حكومتا برقة، وخاصة حكومة طرابلس، إلى فرض تأشيرة على التونسيين الذين يتوجهون بكثافة نحو ليبيا للعمل أو التجارة، وفي مقدمة هؤلاء سكان المناطق الحدودية التي تشهد حركة واسعة في مجال التهريب بمختلف أنواعه.

إن إغلاق الحدود المشتركة بين البلدين من قبل السلطات التونسية من شأنه أن يشكل اختباراً لمدى قدرة الليبيين على تحمل تبعات الحصار الذي سيزداد شمولاً، حيث بقيت البوابة التونسية بمثابة الرئة المتبقية لليبيين التي تربطهم بالعالم الخارجي بعد أن قررت جميع دول الجوار إغلاق حدودها مع ليبيا بسبب ما تشهده هذه الأخيرة من انفلات أمني غير مسبوق.

وهو ما جعل كثيراً من الأصوات الليبية تحاول أن تلقي بالمسؤولية على الحكومة التونسية، وذلك بالقول إن المخاطر التي تهدد تونس ليس مصدرها البوابة الليبية بحجة أن الإرهابيين لا يمرون عبرها وإنما يلجأون إلى التسلل عبر الصحراء، ومن المحللين السياسيين والعسكريين الليبيين مثل عادل عبد الكافي الذي ذهب إلى حد القول بأن جذور الخطر الإرهابي وأسبابه في تونس تكمن في الفقر وفي عوامل داخلية تتحمل أسبابها الحكومات المحلية المتعاقبة.

اقرأ أيضاً: تونس: الصيد يتعهد بتعديل وزاري وتقليص عدد الوزراء

المساهمون