الصحف الجزائرية الصادرة، خلال اليومين الماضيين، عجت بالتقارير والتعليقات، حول قرار الرئيس بوتفليقة المتعلق بتنحية محمد مدين، الذي يلقب بالجنرال "توفيق" من منصبه، ووصف أغلب المحررين القرار بـ"التاريخي"، بسب النفوذ الكبير للمخابرات، وهي جهاز الأمن الأهم والأقوى في البلاد.
اقرأ أيضاً: رئيس ديوان الرئاسة الجزائرية:هيكلة المخابرات فرضتها ظروف المرحلة
ويقول علي موسى رابحي، المختص في العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة الجزائر "المعارضون لنظام الحكم في الجزائر، يقولون إن 7 جنرالات كانوا هم الحكام الفعليين للجزائر، في فترة التسعينيات أثناء الحرب الأهلية في البلاد".
وبحسب رابحي، فإن هؤلاء السبعة هم أولاً: "الفريق أول محمد العماري، رئيس أركان الجيش، وكان يلقب بالرجل القوي، الذي استقال عام 2004، بعد خلاف مع بوتفليقة".
ثانياً: "خالد نزار، وزير الدفاع الأسبق، وعضو في المجلس الأعلى للدولة (هيئة رئاسية تم استحداثها في الجزائر لخلافة الرئيس الجزائري الأسبق، الشاذلي بن جديد، الذي استقال عام 1992، وترك منصبه شاغراً)، وقد تقاعد نزار من الجيش عام 1994".
ثالثاً: اللواء شريف فوضيل، قائد ميداني في الجيش، عُرف خلال فترة الأزمة الأمنية في الجزائر، حيث شارك في قيادة عمليات مكافحة "الإرهاب".
رابعاً: اللواء محمد قنايزية، قائد في الجيش، ترقى إلى منصب نائب وزير دفاع، ثم أقاله الرئيس بوتفليقة سنة 2013".
خامساً: اللواء إسماعيل العماري، وقد شغل منصب الرجل الثاني في المخابرات، قبل أن يتوفى عام 2007.
سادساً: اللواء العربي بلخير، قائد عسكري تقاعد عام 1987 من الخدمة، إلا أنه كان يُلقب بصانع الرؤساء في الجزائر، بسبب قربه الشديد من الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد (حكم بين 1979و1992)، وقد شغل مناصب عدة، منها وزير الداخلية، ورئيس ديوان رئاسة الجمهورية في عهد الرئيسين بن جديد وبوتفليقة، ثم تم تعيينه سفيراً للجزائر في المغرب.
اقرأ أيضاً: صراع الرئاسة والاستخبارات الجزائرية... معركة كسر عظم
سابعاً: الفريق محمد مدين، الذي أُقيل من منصبه، أمس الأول الأحد، حيث كان يلقب برجل الظل، ويعتقد كثيرٌ من الجزائريين أن هذا الرجل كان له دورٌ كبيرٌ في كثيرٍ من القرارات المهمة التي تم اتخاذها خلال الفترة التي قضاها على رأس جهاز المخابرات.
وفي هذا الصدد، يمضي رابحي في قوله: "يبدو أن الرئيس بوتفليقة الذي وصل إلى الحكم عام 1999، أنهى مرحلة من تاريخ الجزائر، بقراره الذي لم يكن متوقعاً، على الرغم من أن بوادره كانت ظاهرة، فقبل عامين تقريباً بدأ عملية إعادة تنظيم وهيكلة أجهزة المخابرات، شملت فصل مصالح عدة عنها، وإلحاقها بقيادة الجيش".
من جهته، يقول الصحافي الجزائري، فوزي بوعلام، المتخصص في الشأن الأمني: "كان قرار الرئيس بوتفليقة بتنحية مدين من منصبه، متوقعاً، فالصحف المحلية الكبيرة، ومواقع إلكترونية إخبارية، دأبت طيلة العامين الماضيين على نشر تقارير حول الخلاف بين الرجلين، لدرجة دفعت قيادة الجيش مرات عدة، إلى تكذيب وجود أي خلاف في افتتاحية مجلة الجيش، الناطقة الرسمية باسم القوات المسلحة".
ويتابع: "كما أن مسؤولين جزائريين كباراً، كذبوا أكثر من مرة، وجود خلاف أو نزاع بين الرئاسة والمخابرات، لدرجة أن أحمد أويحيى، مدير ديوان الرئيس، صرّح بذلك، قبل ساعات من تنحية الفريق محمد مدين".
واستدرك: "إلا أن المنطق يقول شيئاً آخر، فالرئيس قال في بداية حكمه عام 1999، إنه يرفض أن يكون ثلاثة أرباع رئيس، وأعتقد أنه كان يقصد النفوذ الكبير للجنرالات السبعة الذين كانوا جميعاً إما في مناصبهم الرسمية أو على قيد الحياة، غير أن السنوات الـ16 من حكم بوتفليقة، شهدت موت أو تقاعد كل الجنرالات السياسيين".
أما الخبير الأمني، محمد تاوتي، فأعرب عن اعتقاده أن "وسائل الإعلام الجزائرية بالغت في توصيف نفوذ الجنرالات الكبار الذين ساهموا قبل 23 سنة، في تغيير مسار الحياة السياسية في البلاد، من خلال وقف المسار الانتخابي، وإلغاء نتائج الانتخابات البرلمانية عام 1992".
اقرأ أيضاً: بوتفليقة والاستخبارات: تاريخ من الخلاف