01 فبراير 2019
بعد "13 نوفمبر" في باريس
بين بيروت وباريس، بَصم الإرهاب من جديد على توقيعٍ دمويٍ مُرعبٍ، الأسبوع الماضي، مُخلفاً عشرات الضحايا ومثلُهم من الجرحى، وعالماً مصدوماً من هول بشاعة القتل الأعمى الذي يصطاد الأبرياء.
في بيروت، وقع هجوم إرهابيٌ مزدوج، في برج البراجنة في قلب الضاحية الجنوبية، تاركاً وراءه عشرات القتلى، وعدداً أكبر من المُصابين. وفي باريس، حَبست فرنسا أنفاسها في ليلةٍ طويلة وحزينةٍ، وهي تُحصي ضحاياها على إيقاع الهلع والخوف، النّاجم عن ست ضربات إرهابية مُتزامنة.
بيروت وباريس، وما تشكلانه من علاماتٍ مُضيئةٍ في التاريخ والحضارة والإنسانية، كانتا على موعدٍ مع الهمجية والقتل.
سيتذكّر العالم طويلاً تاريخ 13نوفمبر، تماماً مثلما صار "11 سبتمبر" من العلامات الكبرى للزمن الحاضر، والمُؤكد كذلك أن فرنسا ما بعد هذا التاريخ لن تكون فرنسا ما قبله.
في ليلة السبت الأسود هذه، أعدنا اكتشاف قدرة الإرهاب على زعزعة فكرة العيش المُشترك، وعلى نفي مُمكنات الاجتماع البشري، وعلى التشكيك في دور الدّولة والمؤسسات والقانون، وبكلمةٍ واحدةٍ، قدرته الجهنمية على اجتثاث الحياة.
تابع العالم، بشكلٍ مُباشر، ردود الفعل السياسية الأولى للدولة الفرنسية، وكيف تعاملت الخطابات السياسية مع الحدث في لحظة وقوعه، بإعلان الحزم الواجب، وبعث رسائل الطمأنة، والتّمسك بالوحدة الوطنية، ثم كيف توالت القرارات السّريعة: الخُروج الإعلامي للرئيس، دعوة مجلس الوزراء، الإعلان عن حالة الطوارئ، غلق الحدود.
بعد هذه القرارات الإجرائية، سيأتي بالتأكيد زمن القرارات الاستراتيجية، بعد مدةٍ تكفي لاستيعاب الأبعاد السياسية والأمنية والدولية للحدث، وتسمح ببناء الأجوبة الكبرى والمُطابقة لهَوْلِ ما وَقع.
قرارات استراتيجية، لا شك في أنها ستهم العقيدة الأمنية من جهة، والسياسة الخارجية، خصوصاً ما يتعلق داخلها بالموقف من القضية السورية.
أكثر من ذلك، سيطاول أثر 13 نوفمبر الحياة الحزبية الفرنسية الداخلية، وقد يُعزّز ميل المجتمع أكثر نحو اليمين، عبر التّطبيع مع أيديولوجيا الخوف من الإسلام وكراهية الأجانب، وهو ما قد يقوّي بالضرورة الاتجاه نحو الابتعاد عن ثنائية اليمين الجمهوري واليسار الإصلاحي، عبر تعزيز نفوذ قوةٍ ثالثةٍ ليست سوى اليمين المتطرف. وهو ما يعني أن الإرهاب، هنا، يشكل امتحاناً جديداً لمنظومة من القيم الإنسية المبنية على الأنوار، والحاضنة للاختلاف والمساواة وثقافة العيش المشترك. حيث سيكون على الديمقراطيين، ورثة التقاليد الجمهورية الفرنسية، مقاومة الانزياح الغرائزي في شكله القاعدي الأولي الذي قد يختار الرّد على خطابات الكراهية والحقد، في ردود فعلٍ تقترب من سقف العنصرية الكريهة.
مرّةً أخرى، إذن، يتّضح أن الإرهاب يُمثل، بالمعنى السّلبي، روحَ هذا العصر، إذ يبقى في تاريخنا المُعاصر المتغير الاستراتيجي الأكثر تأثيراً في مسار الحياة السياسية الدولية.
بالنسبة للإرهاب اليوم، ليَس هناك من مكانٍ بعيدٍ أو آمن. كل الإنسانية هدف مفترضٍ لضرباته العشوائية. لذلك، هو لا يحتاج إلى أن نبحث له عن مُبررات، لأنه أخلاقياً فعلٌ مُدانٌ ولا إنسانيٌ في المُطلق.
في المُقابل، لا بد من القول إن خطابات الكراهية والحقد والتكفير يتم تغذيتها، سياسياً وعاطفياً، ببؤر الصراع المنتجة لدى أبناء المجتمعات الإسلامية، لإحساس عارم باللاعدالة وبالظلم وبنفاق وتواطؤ المجتمع الدولي، كما هو الحال بالنسبة للقضية الفلسطينية، أو يتم منحها مجالاً حيوياً وفضاءً استراتيجياً للتّمدد ولإعادة الإنتاج، تحت أنظار العالم، كما هو الحال بالنسبة للحالة السورية.
في بيروت، وقع هجوم إرهابيٌ مزدوج، في برج البراجنة في قلب الضاحية الجنوبية، تاركاً وراءه عشرات القتلى، وعدداً أكبر من المُصابين. وفي باريس، حَبست فرنسا أنفاسها في ليلةٍ طويلة وحزينةٍ، وهي تُحصي ضحاياها على إيقاع الهلع والخوف، النّاجم عن ست ضربات إرهابية مُتزامنة.
بيروت وباريس، وما تشكلانه من علاماتٍ مُضيئةٍ في التاريخ والحضارة والإنسانية، كانتا على موعدٍ مع الهمجية والقتل.
سيتذكّر العالم طويلاً تاريخ 13نوفمبر، تماماً مثلما صار "11 سبتمبر" من العلامات الكبرى للزمن الحاضر، والمُؤكد كذلك أن فرنسا ما بعد هذا التاريخ لن تكون فرنسا ما قبله.
في ليلة السبت الأسود هذه، أعدنا اكتشاف قدرة الإرهاب على زعزعة فكرة العيش المُشترك، وعلى نفي مُمكنات الاجتماع البشري، وعلى التشكيك في دور الدّولة والمؤسسات والقانون، وبكلمةٍ واحدةٍ، قدرته الجهنمية على اجتثاث الحياة.
تابع العالم، بشكلٍ مُباشر، ردود الفعل السياسية الأولى للدولة الفرنسية، وكيف تعاملت الخطابات السياسية مع الحدث في لحظة وقوعه، بإعلان الحزم الواجب، وبعث رسائل الطمأنة، والتّمسك بالوحدة الوطنية، ثم كيف توالت القرارات السّريعة: الخُروج الإعلامي للرئيس، دعوة مجلس الوزراء، الإعلان عن حالة الطوارئ، غلق الحدود.
بعد هذه القرارات الإجرائية، سيأتي بالتأكيد زمن القرارات الاستراتيجية، بعد مدةٍ تكفي لاستيعاب الأبعاد السياسية والأمنية والدولية للحدث، وتسمح ببناء الأجوبة الكبرى والمُطابقة لهَوْلِ ما وَقع.
قرارات استراتيجية، لا شك في أنها ستهم العقيدة الأمنية من جهة، والسياسة الخارجية، خصوصاً ما يتعلق داخلها بالموقف من القضية السورية.
أكثر من ذلك، سيطاول أثر 13 نوفمبر الحياة الحزبية الفرنسية الداخلية، وقد يُعزّز ميل المجتمع أكثر نحو اليمين، عبر التّطبيع مع أيديولوجيا الخوف من الإسلام وكراهية الأجانب، وهو ما قد يقوّي بالضرورة الاتجاه نحو الابتعاد عن ثنائية اليمين الجمهوري واليسار الإصلاحي، عبر تعزيز نفوذ قوةٍ ثالثةٍ ليست سوى اليمين المتطرف. وهو ما يعني أن الإرهاب، هنا، يشكل امتحاناً جديداً لمنظومة من القيم الإنسية المبنية على الأنوار، والحاضنة للاختلاف والمساواة وثقافة العيش المشترك. حيث سيكون على الديمقراطيين، ورثة التقاليد الجمهورية الفرنسية، مقاومة الانزياح الغرائزي في شكله القاعدي الأولي الذي قد يختار الرّد على خطابات الكراهية والحقد، في ردود فعلٍ تقترب من سقف العنصرية الكريهة.
مرّةً أخرى، إذن، يتّضح أن الإرهاب يُمثل، بالمعنى السّلبي، روحَ هذا العصر، إذ يبقى في تاريخنا المُعاصر المتغير الاستراتيجي الأكثر تأثيراً في مسار الحياة السياسية الدولية.
بالنسبة للإرهاب اليوم، ليَس هناك من مكانٍ بعيدٍ أو آمن. كل الإنسانية هدف مفترضٍ لضرباته العشوائية. لذلك، هو لا يحتاج إلى أن نبحث له عن مُبررات، لأنه أخلاقياً فعلٌ مُدانٌ ولا إنسانيٌ في المُطلق.
في المُقابل، لا بد من القول إن خطابات الكراهية والحقد والتكفير يتم تغذيتها، سياسياً وعاطفياً، ببؤر الصراع المنتجة لدى أبناء المجتمعات الإسلامية، لإحساس عارم باللاعدالة وبالظلم وبنفاق وتواطؤ المجتمع الدولي، كما هو الحال بالنسبة للقضية الفلسطينية، أو يتم منحها مجالاً حيوياً وفضاءً استراتيجياً للتّمدد ولإعادة الإنتاج، تحت أنظار العالم، كما هو الحال بالنسبة للحالة السورية.