بطاقة الفنان المغربي.. طرق مختلفة للإقصاء

30 سبتمبر 2019
(من مراكش، تصوير: إيفجيني زوتوف)
+ الخط -

احتجاجات هنا وهناك، على وسائط التواصل الاجتماعي أثارتها معالجة ملفات الفنانين المتقدمين لنيل البطاقة المهنية في المغرب والتي أعلنت وزارة الثقافة عن تسليمها قبل أيام. فبالرغم من أن ثمة مقتضيات أقرها القانون الصادر عام 2017 حين حدّد شروط وآليات منع وسحب البطاقة المهنية للفنان أو البطاقة المهنية لتقنيي وإداريي الأعمال الفنية، غير أن ثمة من يرى أن طريقة عمل اللجنة وضوابط اختيارها لهذه الملفات أفضت إلى إقصاء عدد من الفنانين في مجال الدراما.

وأعلن المسرحي عمر جدلي، رفضه بطاقة الفنان وتضامنه مع باقي زملائه ممّن أقصتهم اللجنة، موجّهاً رسالة تحت عنوان "إلى من لا يهمه الأمر من لجنة بطاقة الفنان"، قائلًا: "عن الذين يمثلون قطاع الدراما أتحدث، إن كنتم قد صادرتم بطائق الفنانين من أبناء هذا الوطن، ممن يخالفونكم الرأي والتوجه والاختيار، فلن تستطيعوا مصادرة الإبداع منهم، ولن تسقطوا عنهم صفتهم ومهنيتهم القائمة بحكم الواقع وبقوة الممارسة".

جدلي أوضح لـ "العربي الجديد" ملابسات احتجاجه موضحاً أنه "منذ تأسيس الاتحاد المغربي لمهن الدراما، ضمن حركة وصفت بالتصحيحية في مجال العمل النقابي الفني، تحكّم منطق التجاذبات في هذا التأسيس بحكم أن الكثير من الأطر كانت فاعلة ضمن "النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية".

واعتبر جدلي أنه قد يتفهم أن اللجنة الحالية، والتي شكلتها وزارة الثقافة والاتصال، لم يكن بالإمكان أن تشمل جميع الأطياف الفاعلة في الساحة الفنية، على اعتبار أنه عند تاريخ تشكيل اللجنة لم يكن "الاتحاد المغربي لمهن الدراما" إطاراً مؤسساً في الواقع، لافتاً إلى أن الوزارة أكدت حينها حس المسؤولية، والتي حكمت مبدئياً الاختيار.

لكن، حين صدور اللوائح، يضيف جدلي، كان "هناك إقصاء ممنهج وتصفية للحسابات لفنانين ينتمون إلى أجيال مختلفة اختاروا الإطار الجديد، وهو ما حكم منطق الإقصاء". لذلك رفض، ما وسمها بـ"هدية مسمومة"، واختار أن "يتضامن مع زملائه، خصوصاً فنانين ينتمون إلى مدينة مراكش"، ويطالب جدلي بضرورة أن تراعي اللجنة في المرحلة الثانية مبدأ التمثيلية الديمقراطية، وضرورة البت في الملفات من دون "رغبة إقصائية قبلية".

بدوره، سارع الفنان والموسيقي ياسر الترجماني، إلى التساؤل عن المعايير الفعلية التي تتحكم في تقديم بطاقة الفنان، خصوصاً تنبيهه إلى أن بعضهم ممن استفادوا برسم السنة الحالية، "لا علاقة لهم بالفن"، وفقاً لتعبيره.

وتحوّلت وسائط التواصل الاجتماعي، إلى مجال للنقاش والجدل، وهو نقاش يتجدد باستمرار كلما تعلق الأمر بالمجال الفني، وببطاقة عرفت مسلسلاً طويلًا من النضال، أسهمت فيه الإطارات الفنية المهنية بهدف الرفع من الوضع الاعتباري للفنان المغربي، وجعل البطاقة معياراً للمهنية.

تشكل السنة الحالية، في عمر الوزارة الجديدة، محطة أخرى لاختبار المرحلة الثانية من استراتيجية بطاقة الفنان وغيرها من القضايا التي بدأت تستوجب تقديم حلول جديدة، تراعي خصوصيات المجال الفني اليوم، لا سيما وقد سبق لـ"النقابة المغربية لمحترفي المسرح" (والتي أمست اليوم تحمل اسم "النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية")، أن قادت مرحلة عسيرة من الترافع من أجل هذا الملف بالذات.

واعتبر رئيس النقابة الفنان مسعود بوحسين أن لحظة مصادقة مجلس النواب المغربي على مقترح تعديل قانون الفنان والمهن الفنية، لحظة مفصلية واستجابة لحراك قادته النقابة لسنوات، إلى جانب إطارات وطنية أخرى كـ"النقابة المغربية للمهن الموسيقية" و"النقابة الحرة للموسيقيين المغاربة" و"الفيدرالية المغربية للفرق المسرحية المحترفة" و"اتحاد كتاب المغرب" و"جمعية خريجي المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي" وغيرها.

من 2003 إلى 2019، مسار طويل يحتاج اليوم إلى إعادة مراجعة وتحيين، ويدفع في اتجاه إشراك جميع الفاعلين في المجال، وفق منهجية تشاركية حقيقية.

المساهمون