بطارية "بلير" تدوم أطول

09 يونيو 2015
يجمع بلير بين السياسة والتجارة (Getty)
+ الخط -
هل تذكرون ذلك الأرنب زهري اللون، الذي يرقص ويرقص ويستمر في الرقص، بينما أقرانه من الأرانب تتوقف عن الرقص؟ إنه الدب المزود ببطاريات "دوريسل" التي تدوم وتدوم أطول. قفز أرنب الإعلان التلفزيوني أمامي وأنا أتابع خبر تعيين رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، توني بلير، رئيساً لـ "المجلس الأوروبي للتسامح والمصالحة"، حتى قبل أن يُسّلم بشكل تام مكتبه كمبعوث خاص للجنة الرباعية للسلام في الشرق الأوسط، تماماً كما تَسلم مهامه في الرباعية الدولية قبل أن يُسلم مكتبه كرئيس لوزراء بريطانيا.

لا شك أن توني بلير، اليساري السابق والبرجوازي الصاعد، صاحب شركتي "ويند رش" و"فاير رش"، وراعي "جمعية الإيمان" الخيرية، و"مبادرة الحكم في أفريقيا" غير الربحية، والمستشار لأكثر من 20 حكومة وشركة في أنحاء العالم يدوم أطول من بطاريات "دوريسل"، بل ويرقص على جميع الحبال ببراعة تفوق براعة ورشاقة الأرنب الزهري. يقفز من اليسار إلى الوسط ثم إلى أقصى اليمين، وسرعان ما يشق لنفسه طريقاً ثالثاً يؤدي به إلى الثروة، ويُلقي بالآخرين إلى الهاوية.

ما إن يختفي ذيل الساحر "بلير" عن المسرح حتى يطل برأسه معتمراً قبعة جديدة، ويجوب بخفة لاعبي السيرك الروسي أركان المعمورة، في الشرق الأوسط هو مبعوث خاص، وفي الشرق الأدنى هو وسيط تجاري، وفي الغرب مفكر، وفي الجنوب مستشار، وبين هذه وتلك هو صاحب "المبادرات" الإنسانية لمكافحة العنصرية والتطرف الديني و"اللاسامية". يجمع السياسة والتجارة وأعمال "البر والتقوى"، ويخلط "الثلاث ورقات"؛ وإذ بها حمامة بيضاء تطير من الكيس الأسود قبل أن تتحول إلى أرنب، بينما يده الأخرى تلعب بـ "البيضة والحجر" فتسحر ألباب الناظرين والسامعين.
لا تنقصه "النزاهة" للعمل بدون راتب على رأس "المجلس الأوروبي للتسامح والمصالحة" تحت شعار مكافحة اللاسامية ومحاسبة "ناكري الهولوكست"، بمن فيهم دعاة المقاطعة ونزع الشرعية عن إسرائيل. في المقابل لا يخجل مُؤسس "جمعية الإيمان" الخيرية من طلب 330 ألف جنيه إسترليني، لقاء التكرم بمحاضرة لمدة 20 دقيقة في مؤتمر عن الجوع والجياع.

في حال استبدال شركة "دوريسل" باستبدال الاسم التجاري لبطارياتها وتسميتها "بلير"، عندها لن يشكك أي من المستهلكين بكفاءة "بطارية بلير" التي تدوم أطول وأطول وأطول.