أظهرت النتائج الأولية للانتخابات المحلية، التي جرت أمس الأول في المملكة المتحدة، أن مستوى التصويت لصالح حزب العمال أفضل مما كان متوقعاً لا سيما في إنجلترا، حيث احتفظ الحزب بمعظم مقاعده في المجالس المحلية، على خلاف النتائج المخيبة التي حصل عليها الحزب في اسكتلندا، بتراجعه إلى المرتبة الثالثة في البرلمان المحلي هناك، بعد أن خسر بعض مقاعده لصالح الحزب القومي الاسكتلندي، وحزب المحافظين. ولكن "العمال" الذي واجه خلال الأسابيع الماضية حملة شرسة من الاتهامات "بمعاداة السامية" أحرز تقدّماً في برلمان ويلز.
وقد ظهر زعيم حزب "العمال"، جيرمي كوربين، أمس مرتاحاً مع تتالي النتائج الأولية، التي جاءت مخالفة للتوقعات بخسارة الحزب ما بين 100 إلى 150 من المقاعد في المجالس المحلية في إنجلترا، وخسارة الحزب لكامل مقاعده في البرلمان الاسكتلندي. وتعزز تفاؤل الزعيم العمالي بفوز مرشح العمال، صادق خان، في انتخابات عمادة لندن، متفوقاً على مرشح حزب المحافظين، زاك غولدسميث، وفق ما أظهرته نتائج أولية مساء أمس.
واكتملت أضلاع المثلث الضاغط على حزب العمال وزعيمه بحملات التحريض، التي فجّرها حزب المحافظين وإعلامه اليميني ضد شخصيات نافذة في حزب العمال، وتحديداً ضد المرشح العمالي لعمادة لندن، صادق خان، إذ لم يتوانَ زعيم حزب المحافظين، ديفيد كاميرون، وغيره من رموز الحزب، عن اللحاق بجوقة التشهير والدعاية السوداء لتلفيق تهم عنصرية للنيل من المرشح العمالي المسلم، المنحدر من أسرة متواضعة، في مقابل دعم المرشح زاك غولدسميث، المحافظ، اليهودي، وابن الأسرة الأرستقراطية. وشنّ غولدسميث حملة قاسية ضد خصمه العمالي واتهمه بالظهور بجانب مسلمين متطرفين، إضافة إلى اتهامه بمنح متشددين "منبراً للحديث ومتنفساً وغطاء" على حد وصفه. ودعم كاميرون، مزاعم غولدسميث، عندما قال في مداخلة أمام مجلس العموم إن "خان شارك منصة الحديث ذاتها مع رجل دين متشدد يدعم (داعش)، يدعى سليمان جاني، لتسع مرات". وفي نقاشات حادة الأربعاء الماضي في مجلس العموم، اتهم كاميرون رئيس حزب العمال بالفشل في معالجة مشكلة "معاداة السامية" المتفشية في حزب العمال، على حد قوله، وهاجمه مع خان واتهمهما بالتعاطف "مع المتطرفين الإسلاميين".
وعلى الرغم من إصرار الصحافة اليمينية على وصف ما جرى أمس بخسارة ساحقة لحزب العمال وزعيمه، إلا أن الرياح قد هبّت بما تشتهي سفن كوربين، على الأقل، وهي تقود صادق خان إلى عمادة لندن، وتُبدد كابوس "انقلاب" كان يُعدّ له خصوم كوربين، وترسّخ قناعة المترددين في قيادة الحزب بأن الرجل لا يزال يحظى بشعبية عريضة بين قواعد الحزب وأنصاره. وهو ما يعني أيضاً أن حزب العمال "في المراحل الأولى" من إعادة بناء التأييد، والذي "تضاءل كثيراً" في عام 2015، على حد تعبير وزير المالية في حكومة الظل العمالية، جون ماكدونيل.
وبعيداً عن المنافسة بين العمال والمحافظين في إنجلترا، ولندن، هناك "الحزب القومي" الاسكتلندي، الذي وإن فقَد أغلبيته المطلقة في البرلمان المحلي، وبالتالي فقَد القدرة على تشكيل الحكومة المحلية مُنفرداً، إلا أنه يعتبر ما تحقق في الانتخابات الراهنة "فوزاً تاريخياً" على طريق إنجاز "حلمه التاريخي" في استقلال اسكتلندا عن المملكة المتحدة، كما أكدت زعيمة الحزب نيكولا ستورجن في أكثر من مناسبة.