برلمانيون رافضون لدستور السيسي: يعود بمصر للعصور الوسطى

13 فبراير 2019
يجتمع البرلمان للتصويت على مبدأ التعديل(Getty)
+ الخط -

أعلن عددٌ من أعضاء مجلس النواب المصري، اليوم الأربعاء، رفضهم لتعديلات الدستور المطروحة من ائتلاف الأغلبية، والتي تهدف إلى تمديد ولاية الرئيس عبد الفتاح السيسي حتى العام 2034، مؤكدين في جلسة التصويت على مبدأ التعديل، أن التعديلات المقترحة "تعود بالبلاد إلى العصور الوسطى، وتنسف المسار الديمقراطي، وتمثل ردة وانتكاسة وعودة لما قبل ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011".

وشدد النائب أحمد الطنطاوي على أن "جميع التعديلات المقترحة تمثل ردة وانتكاسة وعودة لما قبل ثورة 25 يناير، فضلاً عن كونها باطلة دستورياً، لأنه لا يحق للمجلس (البرلمان) تعديل المادة 226 منه إلا بمزيد من الضمانات، كما أنه ليس من حق المجلس استحداث مادة جديدة تخالف الدستور"، في إشارة إلى النصّ الانتقالي الخاص بترشح الرئيس الحالي مجدداً بعد انتهاء ولايته.

وأضاف الطنطاوي أن "كل التعديلات المقترحة جاءت في الاتجاه الخاطئ، فبينما كان الشعب المصري ينتظر من البرلمان العيش والحرية والعدالة الاجتماعية، قدمت له الأغلبية تعديلاً دستورياً لتمديد ولاية الرئيس الحالي، بالرغم من أنه ليس من حق البرلمان تعديل مواد الرئاسة أو الحقوق والحريات، إلا لمزيد من الضمانات، أو استحداث أي مادة جديدة تخالف الأعراف القانونية واللائحية".

واعتبر الطنطاوي أن "جميع هذه التعديلات المقترحة تمثل ردة وانتكاسة، وعودة بنظام الحكم إلى أوضاع أسوأ من أوضاع ما قبل الثورة المصرية في عام 2011، علاوة على أنها تركز السلطة المطلقة في يد شخص واحد، مع العلم أن السلطة المطلقة مفسدة مطلقة". وقال "نحن نضحي الآن بما يعد مكتسباً وحيداً للشعب المصري، و(التعديلات) تعود بمصر لما يشبه العصور الوسطى".

وعلق الطنطاوي على مدة الدقيقتين المتاحتين للنواب لإبداء الرأي، بقوله "لا أعرف كيف يكون الحديث عن تعديل الدستور في دقيقتين فقط، وهي مدة الحديث ذاتها عن اتفاقية من مادة واحدة"، خاتماً بأن "المادة الانتقالية الموضوعة للرئيس الحالي انتفت عنها صفة العموم والتجرد، وفُصّلت لشخص واحد بعينه، ولم يكن يتبقى سوى أن نفتح قوسين، ونذكر اسم الشخص".

بدوره، اعتبر عضو تكتل (25 - 30) النائب هيثم الحريري، أن "التعديلات المقترحة من الأغلبية تنسف المسار الديمقراطي الذي يأمل الشعب المصري في التوافق عليه، بالإضافة إلى كونها تمثل إخلالاً بالدستور وإرادة المصريين"، منبهاً إلى أن "التعديلات تُدخل المؤسسة العسكرية في العمل السياسي، وهو أمر مرفوض على الإطلاق، مع الاعتراف في الوقت ذاته بتقديمها العديد من التضحيات"، حسب قوله.

وتطرق الحريري إلى التعديلات المقترحة على مواد السلطة القضائية، معتبراً أنها تستهدف عدم استقلال القضاة، "لأنه من المقبول أن يكون رئيس الجمهورية هو من يختار النائب العام، ورئيس المحكمة الدستورية العليا"، منتقداً كذلك نص اقتراح عودة مجلس الشيوخ في التعديلات الدستورية، بالقول: "مصر في وضع اقتصادي سيئ، وبالتالي لا ضرورة لعودة الغرفة الثانية للبرلمان".

واستشهد الحريري، في رفضه للتعديلات الدستورية المقترحة، بموافقة مجلس الشعب السابق على تعديل الدستور في العام 1980 بهدف فتح مدد الرئاسة، واغتيال الرئيس الراحل أنور السادات بعدها بعام واحد، قائلاً "لو النواب استشرفوا المستقبل حينها كانوا غيروا موقفهم من التعديلات"، مختتماً بأن "التعديلات المقترحة تخالف روح الدستور، وإرادة المواطنين الذين نزلوا في ثورتي يناير ويونيو".

بدوره، أعلن رئيس الهيئة البرلمانية لـ"الحزب المصري الديمقراطي"، النائب إيهاب منصور، رفض حزبه للتعديلات الدستورية، قائلاً إن "دستور 2014 توافق عليه نحو 98 في المائة من الأغلبية الشعبية، لأنه استهدف تحسين أوضاع التعليم والصحة والبحث العلمي، وما زال في مرحلة التطبيق، ويحتاج لاستكمال إجراءاته"، مستدركاً "سنعمل على الوصول بالتعديلات إلى أفضل صورة، وسنحترم رأي الأغلبية في النهاية".

كذلك قال النائب أحمد الشرقاوي إن "التعديلات الدستورية تصطدم بنص المادة 226 من الدستور، ما يستوجب إجراء استفتاء شعبي أولاً على تعديل المادة، والتي تحظر تعديل المواد الخاصة بالحكم ومدده"، لافتاً إلى "وجود تضارب إذا طاولت التعديلات هذه المادة مع المواد المنظمة لإجراءات تعديل الدستور".

وأضاف الشرقاوي أن أحد التعديلات المقترحة "غير الوجيهة" يتمثل في عودة مجلس الشورى تحت اسم جديد "مجلس الشيوخ"، رغم أن إلغاء "الشورى" جاء بسبب العيوب التي ظهرت في أدائه، وتقييده عمل مجلس النواب، مشيراً إلى أن اثنين في المائة فقط من التشريعات التي صدرت من البرلمان الحالي قدمت من النواب، مقابل 98 في المائة من التشريعات المقدمة من الحكومة.

وعلى الدرب ذاته، قال النائب محمد عبد الغني: "نحن في موقف دقيق، لأن الناس اختارتنا بناءً على دستور معين، وقلنا إنه أعظم الدساتير، ولم يظهر أنه طبق بشكل كامل... ولم تظهر أزمة سياسية طاحنة تدعونا لتعديل الدستور"، مخاطباً النواب الموجودين في الجلسة: "أذكركم بثقل الأمانة الملقاة على عاتق كل واحد منكم، ومن حق الشعب المصري أن يعيش مثل باقي الشعوب".

من جهته، تساءل النائب عن حزب "التجمع"، عبد الحميد كمال، عن إخفاء أسماء الموقعين على طلب تعديل الدستور في مخالفة لنصوص اللائحة المنظمة، قائلاً "كان لا بد من تضمن تقرير اللجنة العامة هذه الأسماء طبقاً للائحة... وهذا الإجراء يعد مهماً للذين يشككون في إدارة البرلمان المصري، أو يقولون إن جهة ما، أو جهات ما (الاستخبارات)، هي التي قدمت هذه التعديلات نيابة عن النواب".

واقترح النائب سمير غطاس صياغة دستور جديد دائم في البلاد، بدلاً من تعديل بعض مواده من وقت لآخر، مشيراً إلى أن الدستور الجديد "يجب أن يقوم على ثلاثة مبادئ رئيسية، هي التأكيد على مدنية الدولة، والتحول إلى نظام الحكم البرلماني بدلاً من الرئاسي، وتغيير نظام الحكم المحلي في إطار تطبيق اللامركزية".

المساهمون