بحر غزّة يقاوم الحصار: "إنترنت" على الشاطئ

15 يونيو 2014
بحر غزّة يحتضن الفلسطينيين عندما يضيق بهم البر(محمد عبيد/getty)
+ الخط -
أبدع فلسطينيو قطاع غزة في مواجهة الحصار البري عبر حفر أنفاق تحت الأرض لكي يواصلوا حياتهم ومقاومتهم الباسلة للاحتلال الاسرائيلي، وأبدعوا أيضاً هذه المرّة في كسر الحصار البحري، عبر مشاريع إنترنت تشغل الشباب وتوفر خدمة مميزة لزواره في نفس الوقت.

الغزاوي أحمد ميقاتي أحد هؤلاء الذين قرروا اللجوء إلى البحر، بهذا الحل غير التقليدي لمواجهة البطالة، فأسس مشروعه الجديد "نت الساحل"، الذي يقدم خدمات الاشتراك بالإنترنت اللاسلكي على كورنيش وشاطئ بحر غزة، بأسعار مخفضة.

ويعيش حوالي 1.8 مليون مواطن في قطاع غزة واقعاً اقتصادياً وإنسانياً قاسياً، في ظل تشديد الحصار الإسرائيلي، والمتزامن مع إغلاق الأنفاق الحدودية من قبل السلطات المصرية.

وتفرض إسرائيل حصاراً بحرياً وبرياً وجوياً على غزة، منذ فوز حركة "حماس" في الانتخابات التشريعية يناير/كانون الثاني عام 2006، وصار مشدداً بعد انقلاب 3 يوليو/ تموز 2013 في مصر، إذ تفرض القاهرة منذ ذلك الوقت قيوداً أكبر على حركة الفلسطينيين.

ووصلت معدلات البطالة في غزة، وفق وزارة الاقتصاد بالحكومة الفلسطينية السابقة، إلى نحو 39%، غير أنّ المؤسسات الحقوقية، والشعبية تؤكد أنّ عام 2014 سيشهد ارتفاعاً لنسب البطالة لتتجاوز "50%.

بداية الفكرة

جاءت فكرة المشروع عندما شاهد ميقاتي، وهو خريج بكالوريوس إدارة أعمال وتسويق ومدير مشروع "نت ساحل"، مشاريع مماثلة في دول عربية، وحينها اتخذ قراراً بضرورة دراسة المشروع، والنظر في مدى إمكانية تطبيقه على أرض الواقع في قطاع غزة".

ويقول ميقاتي لــ"العربي الجديد": "إنّ عدم توفر فرص عمل ومحدوديتها داخل القطاع بفعل الحصار، بالإضافة لحاجة المواطنين اليومية إلى شبكة الإنترنت في قطاع غزة، وخاصة من فئة الصحفيين والموظفين والطلاب الذين لا يستطيعون قضاء الكثير من الوقت دون متابعة أعمالهم، هي التي دفعتني للتفكير جدياً في تطبيق الفكرة وخاصة أنّها "غير تقليدية"، لافتاً إلى أنّ خدمة الإنترنت تتميز بالسرعة العالية والسعر المناسب.

وبعد دراسة الفكرة، وتوفير المعدات اللازمة للبدء بمشروع "نت الساحل"، تعاون ميقاتي مع زميله محمد سكيك، مهندس شبكات، للبدء بالتطبيق الفعلي للمشروع.

وأشار ميقاتي إلى أنّه تم توزيع المهام كل حسب اختصاصه، موضحاً أنّ الأمور الفنية والتقنية أوكلت للمهندس سكيك، أما أمور التسويق والمبيعات فتكفلت بها.

وأكدّ أنّه خلال ثمانية أيامٍ تم انجاز جميع التفاصيل الخاصة بالمشروع، لافتاً إلى أنّ المشروع  انطلق بشكل علني للمواطنين وزوار الكورنيش.

واختار ميقاتي منطقة "الكورنيش" ليقدم فيها خدماته كونه يعتبر من أكثر المناطق اكتظاظًا بالمواطنين في فصل الصيف.

تجاوز التحديات

وتعتبر مشكلة انقطاع التيار الكهربائي التي يعاني منها سكان قطاع غزة، هي أكبر تحدٍ واجه القائمون على المشروع، حيث إنّ انقطاع التيار الكهربائي مرتبط بانقطاع خدمة الإنترنت عن الزبائن، ويؤكد ميقاتي أنّه تم تجاوز تلك المشكلة عبر توفير بطاريات " UPS"، لضمان استمرارية الخدمة وعدم انقطاعها.

وتابع: كما أنّ عدم قدرة الشركة المزودة للإنترنت على إدخال الأجهزة والمواد اللازمة والأساسية للمشروع كاملاً نتيجة إغلاق المعابر، حال دون انطلاق المشروع بشكله الكامل، حيث اقتصرت خدمة الإنترنت على مساحة صغيرة تصل إلى أقل من كيلومتر.

ويعاني سكان قطاع غزة من أزمة كبيرة في الكهرباء منذ أكثر من سبع سنواتٍ عقب قصف طائرات الاحتلال لمحطة توليد الكهرباء الوحيدة صيف عام 2006، ويقطع التيار يومياً ثماني ساعاتٍ عن كل بيت، وقد تمتد ساعات القطع لأكثر من 12 ساعة.

دور التسويق

واتخذ القائمون قراراً بتشكيل طاقم تسويق للتواصل مع الجمهور على كورنيش غزة، بدلاً من طباعة كروت شحن إنترنت مكلفة، الأمر الذي يعتبر نهجاً جديداً قائماً على أساس تخفيض تكلفة المشروع وزيادة الفائدة للزبائن قدر الإمكان.

وشرّع المسوّقون بالترويج والتسويق للمشروع في المنطقة التي تغطيها شبكات الإرسال والتقوية.

ويتجلى دورهم بتفاعل واستمرار مع الزبائن المنتشرين على شاطئ البحر، لحل أيّ إشكاليةٍ قد تواجههم أثناء اشتراكهم، أو خلال تزويدهم بـ"اسم المستخدم" و"كلمة المرور"، في ظل عدم قدرة بعض المصطافين على التعامل مع الإنترنت، أو لعدم توفر دراية كافية بالتكنولوجيا.

ويتطلع ميقاتي وزملاؤه إلى توسيع نطاق عملهم الذي بدؤوه في 10 فبراير/ شباط الماضي، ليتمكنوا من تغطية الشريط الساحلي بالكامل من بيت حانون شمالاً إلى رفح جنوباً، خلال العام المقبل.

ويعبر ميقاتي عن رضاه من نجاح المشروع في ظل وجود تجاوب كبير من قبل المواطنين، وأوضح أن (50 – 60 %) من زوار شاطئ البحر يشتركون بالخدمة، معرباً عن أمله في أن يتم إدخال جميع المواد اللازمة لإكمال المرحلة الثانية من المشروع، "وبذلك يزداد عدد المقبلين على الاشتراك في الخدمات"، على حدّ تعبيره.

المساهمون