شنّ المرشّح الديمقراطي إلى الانتخابات الرئاسية الأميركية جو بايدن، هجوماً شرساً على منافسه الرئيس الجمهوري دونالد ترامب، معتبراً أنّ الركود الاقتصادي الذي تعاني منه الولايات المتّحدة سببه سوء إدارة ترامب لأزمة فيروس كورونا الجديد، بينا أقر ترامب بأنه قلّل من مدى خطورة الفيروس لتجنيب الأميركيين الهلع.
وقال بايدن في خطاب ألقاه في الهواء الطلق في بلدة وارن القريبة من مدينة ديترويت، عاصمة صناعة السيارات في الولايات المتّحدة، أمس الأربعاء إنّ "هذا الركود تسبّب به إهمال دونالد ترامب، وبالتالي فهو غير أهل لهذا المنصب".
وأمام عدد محدود من المدعوّين الذين تجمّعوا أمام مقرّ "يو دبليو إيه"، النقابة القوية للعاملين في قطاع صناعة السيارات، تساءل بايدن "كم عدد العائلات التي تفتقد أحباء لها على مائدة العشاء هذه الليلة بسبب إخفاقاته؟"، مذكّراً بأنّ جائحة "كوفيد-19" حصدت أرواح 190 ألف شخص في الولايات المتّحدة.
وأضاف نائب الرئيس الديمقراطي السابق "هذا أكثر من عار. هذا تقصير في الواجب". ويعتبر أداء ترامب في الملف الاقتصادي من بين نقاط القوة النادرة للرئيس الجمهوري في استطلاعات الرأي، ومن هنا فقد حرص بايدن في خطابه على التشكيك بقدرة منافسه على النهوض بالاقتصاد.
وسعى بايدن، وفق وكالة "فرانس برس"، إلى رسم صورة قاتمة لترامب أظهره فيها رئيساً هجّر الوظائف الأميركية إلى الخارج بدلاً من توطينها وأطلق حروباً تجارية زعزعت الاستقرار ودفعت بالعجز التجاري لبلوغ أعلى مستوى له على الإطلاق.
كما ذكّر بايدن بأنّ ترامب فشل في الوفاء بوعده بأنّه في عهده لن يغلق أي مصنع للسيارات في البلاد. وقال "عندما أغلق مصنع جنرال موتورز هنا في وارن العام الماضي، أراهن أنّ الناس هنا لم يكونوا مرتاحين لوعود ترامب الفارغة".
وهذه أول رحلة انتخابية يقوم بها بايدن إلى ولاية ميشيغن المتأرجحة منذ فوزه بترشيح الحزب الديمقراطي للانتخابات الرئاسية في إبريل/ نيسان الماضي.
وفي الوقت الذي لم يتبق فيه سوى عدة أسابيع على الانتخابات الرئاسية المقررة في الثالث من نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، ينصب التركيز مرة أخرى، بفعل الأخبار حول تعليقات ترامب، على جهود محاربة كورونا، التي يصفها الديمقراطيون بأنها محدودة جدا ومتأخرة للغاية.
وقال بايدن "بينما كان المرض الفتاك يتفشى في أمتنا، قصر هو في أداء وظيفته عن عمد. لقد كانت خيانة (في مسألة) حياة أو موت للشعب الأميركي".
وكانت الولايات المتحدة هي الدولة التي أزهق فيروس كورونا أكبر عدد من الأرواح بها في العالم، مع زيادة في الحالات الجديدة في الغرب الأوسط وبروز ولايات مثل أيوا وساوث داكوتا كنقاط ساخنة جديدة للتفشي في الأسابيع القلائل الماضية.
وأقر ترامب بأنه حاول التقليل من مدى خطورة كورونا في بداية تفشيه، وذلك وفق تسجيلات صوتية لمقتطفات من مقابلة أجراها معه الصحافي الأميركي المخضرم بوب وودورد نشرت، أمس الأربعاء.
وقال ترامب في مقابلة مع وودورد أُجريت في 19 مارس/ آذار ، وفق وكالة رويترز، اليوم الخميس،:"أردت أن أقلل على الدوام من مدى خطورته (الفيروس)"، وفق ما أوردت شبكة "سي أن أن" التي اطّلعت على الكتاب "غضب" المقرّر نشره في 15 سبتمبر/ أيلول الجاري
وأضاف في مقابلته المسجلة مع وودورد "ما زلت أرغب بالتقليل من مدى خطورته، لأني لا أريد أن أخلق حالة من الذعر".
ويتعرض الاقتصاد الأميركي لانكماش هو الأسوأ في تاريخ الولايات المتحدة، فقد أظهر تقرير صادر عن وزارة التجارة الأميركية نهاية أغسطس/آب الماضي انكماش الاقتصاد، خلال الربع الثاني من العام الحالي، بنسبة 7.31%.
كما توقع مكتب الميزانية بالكونغرس، الأسبوع الماضي، أن تسجل الميزانية الفيدرالية عجزاً بقمية 3.3 تريليونات دولار في السنة المالية 2020، التي تنتهي في 30 سبتمبر/أيلول الجاري، أي أكثر من ثلاثة أضعاف العجز المسجل في 2019، مشيرا إلى أن "هذه الزيادة هي في الغالب نتاج الاضطراب الاقتصادي الناجم عن جائحة كورونا".
ورجح مكتب الميزانية، أن يتجاوز الدين، المقدر حتى مطلع إبريل/نيسان الماضي بنحو 24 تريليون دولار، حجم الاقتصاد خلال العام 2021، وهو أعلى مستوى منذ الحرب العالمية الثانية.
وقد زادت جائحة كورونا من سوء وضع الديون، إذ أعلنت إدارة ترامب عزمها على اقتراض ثلاثة تريليونات دولار في الربع الثاني لمواجهة تداعيات تفشي الفيروس، بينما الرقم الذي ترغب واشنطن في اقتراضه، أكثر من خمسة أضعاف الرقم الذي اقترضته في ذروة الأزمة الاقتصادية عام 2008 - 2009، ويتجاوز إجمالي المبلغ الذي اقترضته العام الماضي، المقدر بنحو 1.28 تريليون دولار.
وسيسهم قرض التريليونات الثلاثة في قفزة إجمالي الديون الأميركية إلى أكثر من 27 تريليون دولار، الأمر الذي قد يكون بمثابة ورقة في يد الصين لتوجيه ضربة قاصمة إلى الولايات المتحدة، حال بيع ما بحوزتها من أذون وسندات خزانة أميركية (أدوات دين) سواء جاء ذلك رداً على استهداف الشركات العملاقة وتقويض التجارة الصينية، أو القفز من مركب الاقتصاد الأميركي المترنح.