باليه في الضفة

04 نوفمبر 2014
"متمردة لكن بإيجابية" (نور حميدان)
+ الخط -
ما زال رقص الباليه في المنطقة العربية، ومنها فلسطين المحتلة، يعتبر خروجاً على التقاليد. ويصطدم في كثير من الأحيان بالبنى المحافظة، بخاصة أنّ هذا النوع من الرقص، مرتبط بالعنصر الأنثوي، في معظم الأحيان.
من جهتها، تتحدى الشابة الفلسطينية شيرين زيادة (24 عاماً) كل تلك القيود الإجتماعية، وتواصل مسيرتها في تعليم الفتيات في مدينة رام الله فن رقص الباليه. بل تذهب أبعد من ذلك، وتحاول تصميم رقصات خاصة بها.
وتتندر زيادة على ذلك بالقول: "صار عندي باليه فلسطيني". ومع ذلك، فإنّ ما تقدمه الشابة المدرّبة، ليس مجرد فن للفن، بل يرتبط بفلسطين الوطن، القضية التي تسعى لخدمتها في عملها.
تدير شيرين اليوم "مركز رام الله للباليه". وهو مركز نجحت الفتاة في تأسيسه من الصفر. وأصبح اليوم يضج بالفتيات الراغبات بتعلم هذا الرقص. وبسبب الإقبال الكبير على المركز، تبحث زيادة عن مدربين جدد لمساندتها في مهمتها.
تردّ زيادة على سؤال "العربي الجديد" عن حقيقة تمردها على المجتمع. وتقول: "نعم! أنا متمردة لكن بإيجابية. وأريد لهذا الفن أن ينمو ويتطور في فلسطين، وسأواصل جهودي لتطويره أكثر وأكثر، وتجسيده لخدمة القضايا الوطنية الكبيرة".
وتوضح شيرين أنّ فكرة إقامة مركز لتعليم رقص الباليه ليست وليدة اللحظة. فهي تقول إنّها خططت لهذا المشروع منذ أن كانت على مقاعد الدراسة. ورغم أن تخصصها الجامعي هو إدارة الاعمال، إلا أنها كانت تدخل رقص الباليه في المشاريع الدراسية التي تُطلب منها. وتصمم مشاريعها على هذا الأساس.
كما تكشف أنّها تعلمت هذا الفن من خلال مدربة أميركية، قبل سنوات. ومنذ ذلك الوقت، كانت بدايتها الفعلية. لتتحول بعدها إلى مدربة للباليه، بدورها.
تشارك زيادة اليوم، من خلال مركزها والفتيات المتدربات فيه، في العديد من الأنشطة الفنية المجتمعية. كما باتت حاضرة في المهرجانات، التي تقدم خلالها لوحات فنية، تُدخل فيها اسم فلسطين بأشكال مختلفة، ومنها تصميم الملابس.
وترفض شيرين أن يقلل أحد من وطنيتها. وتقول: "من يعترض على الباليه، ويقول إنني أريد إلهاء الفتيات عن القضايا الوطنية، فأنا على استعداد لمواجهته وإقناعه بما أقوم به".

أما بخصوص المصاعب التي تتوقعها شيرين مستقبلاً، فتقول إنّها قلقة دائما من احتمال عدم استمرار الفتيات في هذا الفن، إما لضغوط مجتمعية، أو لأسباب أخرى.
وتشير إلى أنّها اختارت تعليم الفتيات الصغيرات الباليه، لسهولة إتقانه في مراحل عمرية مبكرة. وتضيف أنّ تعليمه للكبار صعب جداً فنياً، بالإضافة إلى الحالة المجتمعية الرافضة.
وتوضح أنها تتفهم الرفض الاجتماعي أحيانا لرقص الباليه، باعتباره فناً جديدا يدخل إلى فلسطين. وتقول إنّ أيّ فكرة جديدة تواجهها صعوبات في التنفيذ. ومع ذلك تبدي عزمها على الاستمرار، وتطوير نفسها وإكمال دراستها في هذا المجال.
وتعتبر مدينة رام الله من أكثر المدن الفلسطينية انفتاحاً. وهو ما جعل مهمة زيادة في تأسيس مركزها هناك أسهل من إقامته في أي مدينة أخرى. لكنها تحلم أن يصل هذا الفن إلى كلّ فلسطين، ولا يبقى في رام الله وحدها.
ولا يقتصر عمل شيرين مع تلميذاتها على تعليمهن رقص الباليه. إنما تسعى لزرع روح التحدي فيهن، وتعليمهن كيفية تجاوز الصعوبات. كما تريد لمركزها أن يتكامل، ولا يقتصر على الرقص فقط. وبدأت بالفعل، تخصص مدربين لمجالات أخرى تساهم في تقوية شخصية الفتيات المشاركات، وتعلمهن الكثير من مهارات الحياة الضرورية.
وتعتبر شيرين أنّها تحمل رسالة تحدٍ واضحة. وتعلن أنّها لن ترضخ لأيّ صعوبات تعترضها. بل ستستكمل دراساتها العليا في هذا المجال خارج فلسطين، لتعود بعدها أقوى.
المساهمون