بالمستندات: وزير التنمية المصري يهدر 12 مليون جنيه

10 يوليو 2014
لبيب يواجه المستندات (الصورة عن صفحة الوزير الفايسبوكية)
+ الخط -

تكشف مستندات حصل عليها "العربي الجديد" عن واقعة فساد بطلها وزير التنمية المحلية والإدارية الحالي، اللواء عادل لبيب، والمتورط بإهدار مبلغ 12 مليون جنيه لصالح أحد أبرز رجال الأعمال بالحزب الوطني المنحل بمحافظة الإسكندرية حامد عباس مرسي، وذلك خلال تولي لبيب منصب محافظ الإسكندرية، قبل ثورة 25 يناير 2011.

تتعلق واقعة الفساد، بإبرام المحافظة، عبر لبيب، عقداً مخالفاً للقانون مع عباس مرسي، يقوم الأخير بموجبه بتأجير مركز تجاري للمحافظة، تحت مبرر تشغيل الشباب والحد من البطالة. ليظهر فيما بعد، أن المحافظة لم تؤجر سوى عدد محدود من المحال في هذا المركز، ولم تستطع تحصيل مستحقاتها، في المقابل دفعت لمرسي طوال 5 سنوات حوالي
12 مليون جنيه.

إجارات بلا مقابل

تقول المستندات إنه في 1 أبريل/نيسان عام 2009، أبرم اللواء عادل لبيب محافظ الإسكندرية حينها، بصفته "طرف أول" ممثلاً عن المحافظة، عقد إيجار لمركز تجاري يتملكه رجل الأعمال حامد عباس مرسي، صاحب شركة التفريعة للخدمات البحرية، وهو أحد أبرز رجال الحزب الوطني المنحل بمحافظة الإسكندرية، حيث كان أمين لجنة الشباب بالحزب وقتها، بصفته طرف العقد الثاني.
ونص العقد أن الطرف الثاني، أي حامد عباس، يمتلك، في العقار الكائن برقم67 بشارع محمود فهمي النقراشي، دوراً أرضياً وثلاثة أدوار بمساحة إجمالية قدرها 4550 متراً، وتم إعدادها كمركز تجاري مكون من 285 محلاً تجارياً، وأن الطرف الأول "المحافظة" ترغب في  تأجير هذا المركز، على أن تكون مدة الإيجار خمس سنوات تبدأ من 15 مايو/أيار 2009 وتنتهي في أخر إبريل/نيسان 2014، بقيمة إيجارية 500 جنيه للمحل الواحد البالغ مساحته 4 أمتار مربعة، و750 جنيهاً للمحل البالغ مساحته 6 أمتار مربعة.

وتبين أنه منذ تاريخ التعاقد المذكور وحتى الآن، وبعد مرور 5 سنوات على التعاقد ونهاية الإيجار، لم تقم المحافظة بتأجير سوى 91 محلاً فقط، وتسديد إيجار 51 محلاً فقط، كقيمة إيجارية لمدة تتراوح بين شهر وشهرين لا غير، ثم تم الامتناع عن السداد، رغم استمرار تواجد المستأجرين في المحلات، وأن إجمالي ما تم تحصيله من هذه العملية نظير إيجار المحلات نحو 75 ألف جنيه فقط.

هدر المال العام

 وتشير المستندات إلى أنه بالدور الأرضي قام 47 محلاً بسداد القيمة الإيجارية عن شهر أغسطس/آب 2009، بإجمالي مبلغ 55 ألفاً و265 جنيهاً، وبالدور الأول علوي والدور الثاني، قام  14 مستأجراً بسداد القيمة الإيجارية عن شهري أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني، بإجمالي 21 ألفاً و932 جنيهاً، وقد تم توريد إجمالي المبلغ بشيك برقم (1975532) إلى وزارة الإسكان بتاريخ 10 يونيو/حزيران 2010، ومن وقتها لم يدخل أي دَخْل من هذا المشروع لصالح المحافظة.

ورغم ذلك استمرت المحافظة في تسديد القيمة الإيجارية الشهرية إلى صاحب المركز التجاري، اعتباراً من 2009 وحتى نهاية التعاقد بنهاية شهر إبريل الماضي، بواقع 156 ألفاً و166 جنيهاً شهرياً، حيث يقوم البنك المركزي، شهرياً، بخصم هذا المبلغ من حساب المحافظة لصالح البنك الأهلي "سان ستيفانو" حيث الحساب الخاص بصاحب المركز التجاري، وذلك تطبيقاً لما ورد ببنود العقد المحرر مع المحافظة، بإجمالي مبلغ وصل إلى نحو 12 مليون جنيه على مدار خمس سنوات.

مخالفة القوانين

المفاجأة الأولى، التي تظهرها المستندات، أن عقد الإيجار المبرم يخالف في الأساس قانون المناقصات والمزايدات، حيث أقرت وكيلة الجهاز وقتها المحاسبة منيرة أحمد عبد الهادي أن إبرام العقد جاء بمخالفة للمادة رقم 1 من القانون رقم 89 لسنة 1998 بشأن تنظيم المناقصات والمزايدات ولائحته التنفيذية، وذلك لإبرام العقد عن طريق "الأمر المباشر"، والذي تسبب في إهدار مبلغ 11 مليوناً و439 ألفاً و972 جنيهاً من أموال المحافظة.

كما أقرت أيضاً أنه لم يتم مخاطبة محافظة الإسكندرية بتلك الملاحظات والمخالفات، رغم مرور أكثر من سنتين على العقد وتحقيقه للخسائر، رغم قيام القائمين على التفتيش في محافظة الإسكندرية في ذلك الوقت بإعداد تقرير بهذه الوقائع وقيمة إهدار المال العام نتيجة التعاقد، ورفع التقرير إلى عبد الهادي، وكيلة الجهاز. كما أقرت أيضاً أنه لم يتم مراجعة التقرير في مجلس الدولة.

فساد ينتهي بالهدر

 المفاجأة الثانية، هي تفاصيل الصفقة الخاصة بهذا العقد، والتي تبدأ عندما نجح رجل الحزب الوطني في عام 2009 في الحصول على قطعة أرض، وحصل على قرض من البنك الأهلي المصري، مقابل إنشاء عقار مرفق به مركز تجاري يتكون من 285 محلاً تجارياً لتأجيره للشباب بحجة حل مشكله البطالة، بحكم كونه أمين لجنة الشباب بالحزب الوطني المنحل، وبالفعل حصل على القرض بتسهيلات مصرفية وأقام المبنى إلا أنه تعثر في السداد.

وخوفاً من سحب قطعة الأرض والعقار وحجزهما وبيعهما في المزاد العلني لسداد قيمة القرض، لجأ رجل الحزب الوطني إلى موظفين فاسدين في المحافظة، وتم الاتفاق في البداية على شراء المركز التجاري بالكامل، لصالح المحافظة وضمها ضمن الأصول الثابتة الخاصة بها، رغم أنه ليس من شأن المحافظة أيضاً شراء عقار بالأمر بالمباشر، ورغم ذلك لم ينته الأمر عند هذا الحد، بل إنه بصفقة مستترة تم تعديل صيغة العقد من البيع إلى الإيجار.

وتم الاتفاق مع محافظ الإسكندرية ورجال المحافظة مع رجل الحزب الوطني وقتها، على أن تقوم المحافظة بالإيجار عن طريق "الأمر المباشر" للمركز التجاري، وتتولى المحافظة سداد قيمة قرض البناء للمصرف على مدار خمس سنوات، ليبقى رجل الحزب الوطني على الأرض والعقار بالمركز التجاري، وترتفع قيمتها من جانب، وفي الوقت ذاته يتم سداد الأقساط المطلوبة للبنك على مدار خمس سنوات، من دون الاستفادة من المشروع الذي أهدر مبلغاً يقارب 12 مليون جنيه.

 










المساهمون