انهيار شركة "بريتيش ستيل" البريطانية... ماذا تعرف عنها؟

لندن

العربي الجديد

لوغو العربي الجديد
العربي الجديد
موقع وصحيفة "العربي الجديد"
23 مايو 2019
B4DC2A7B-7C43-4ACD-ABB0-8588C7ECD296
+ الخط -

انهارت شركة الصلب البريطانية "بريتيش ستيل" British Steel يوم الأربعاء، في ظل اضطراب كبير أصاب مجتمع الأعمال في المملكة المتحدة نتيجة النزاع السياسي الحاد المُصاحب لعملية الخروج من الاتحاد الأوروبي المسمّاة اختصاراً "بريكست"، والذي دفعت ثمنه أيضاً أسماء لامعة مثل "مجموعة توماس كوك" Thomas Cook Group و"جايمي أوليفر" Jamie Oliver. فماذا تعرف عن هذه الشركة؟

ثاني أكبر شركة صلب في بريطانيا تعثرت مباشرة بعد إعلان الحكومة أن محادثات اللحظة الأخيرة مع الشركة المالكة لها "غريبول كابيتال" Greybull Capital قد فشلت في التوصل إلى صفقة إنقاذ مالية، فيما ألقت "غريبول" لائمة الانهيار المالي على قيود "بريكست"، في وقت كانت صحيفة "ذي تايمز" البريطانية تنقل اليوم الخميس، عن مصدر أن رئيسة الوزراء تيريزا ماي قد تُعلن استقالتها غداً الجمعة.

المحكمة العليا في لندن أمرت الشركة بالتصفية الاجبارية، ما يعني أنه سيتم بيع أصولها للمساعدة على سداد ديونها.

ووصفت نقابة العمال العامة انهيار ثاني أكبر شركة للصلب في بريطانيا، بأنه "نبأ له وقع كارثي على آلاف العمال" البريطانيين، فهي توظف نحو 5 آلاف شخص، كما يعمل نحو 20 ألفاً آخرين في وظائف تتعلق بسلسلة إمدادات الشركة.




انطلاقة الشركة وتطوّرها


أُنشئت "بريتيش ستيل" عام 2016 عندما اشترت "غرايبول كابيتال" أعمال "لونغ بروداكتس يوروب" Long Products Europe من شركة "تاتا ستيل" Tata Steel Ltd الهندية، وذلك في انطلاقة جديدة تستند إلى 150 عاماً من التراث.

وقبل صفقة البيع، كان العمل الذي تخصّصت به "بريتيش ستيل" جزءاً من "تاتا ستيل" في أوروبا، والتي كانت معروفة سابقًا باسم "كوراس" Corus، التي كانت بدورها قد أبصرت النور عام 1999 من خلال دمج "بريتيش ستيل" (نفس مسمّى الشركة الجديدة لكن في كيان سابق) و"كونينكليكه هوغوفينز" Koninklijke Hoogovens.

الشركة المنهارة دأبت على تقديم مجموعة واسعة من منتجات الصلب عالية الجودة المصنعة وفقاً للمعايير الدولية، وتتوزع على قطاعات عديدة من الفولاذ المخصص لعمليات البناء والإنشاء إلى السكك الحديدية وقضبان الفولاذ والطلبيات الخاصة.

والشركة هي المورّد الرئيسي لشبكة السكك الحديدية في المملكة المتحدة، ويحصل موظفوها المهرة على أجور لائقة لقاء عملهم. وهي ليست متخصصة في المشاريع الكبرى فقط، بل تعمل أيضاً مع مختلف العملاء لتقديم حلول الصلب للطلبيات الصغيرة، من ملاعب كرة القدم إلى إضافة صغيرة في مرآب المنزل.

وكانت الشركة قد أعلنت في 5 إبريل 2019 تعيين جيرالد ريتشمان رئيساً تنفيذياً لها، وهو كان قد انضم إلى فريق عملها عام 2017، وشغل سابقاً منصب مديرها المالي ونائب رئيسها التنفيذي.

حينها، قال رئيس الشركة رولاند جانك، إن جيرالد لعب دوراً قيادياً في عملية التحوّل الحاصلة حالياً في الشركة، وإن تعيينه سيساعدها على بناء مستقبل قوي ومستدام لها، فيما وعد ريتشمان، آنذاك، بأن يعمل مع الموظفين والعملاء والمورّدين من أجل تطوير الشركة، قبل أن تصل الأمور إلى طريق مسدود اليوم.

لحظة انهيار "بريتيش ستيل"

كانت "غريبول" قد دفعت لشركة "تاتا" جنيهاً إسترلينياً واحداً (1.27 دولاراً) عام 2016، ثمناً لمصنع صلب شمال إنكلترا كان يعمل فيه أكثر من 4 آلاف موظف.

وأمس الأربعاء ، تعثرت "بريتش ستيل" بعد رفض الحكومة منحها قرضاً طارئاً آخر، بعدما كانت الدولة قد خفضت أصلاً للشركة المملوكة بأسهم خاصة شيكاً بقيمة 120 مليون جنيه إسترليني بسبب مسألة تتعلق بأرصدة انبعاثات الكربون.




وبعد انهيار استثمار آخر لشركة "غرايبول" في "مونارك آيرلاينز" Monarch Airlines عام 2017، وجدت الحكومة نفسها متشككة في جدوى الدخول على خط إنقاذ الشركة مجدداً. ففي تلك القضية، أنفقت بريطانيا الملايين لإعادة العملاء إلى ديارهم على نفقتها الخاصة، وتبيّن حينها أن "غرايبول" قد خاطرت بالقليل من أموالها.

ما المشكلة التي واجهتها الشركة؟

حول هذه النقطة، أورد تقرير لشبكة "بلومبيرغ" أن شراء شركة بجنيه واحد غالباً ما يعني القبول باستحقاقات ثقيلة، لكن يبدو أن "غرايبول" تلقت الكثير من المزايا من المالك السابق.

فقد شطبت "تاتا" الهندية قرضاً مشتركاً بين الشركتين بقيمة 135 مليون جنيه إسترليني، إضافة إلى أن الشاري تم تحريره من التزامات المعاشات المكلفة.

واستعانت "تاتا" بخدمة مستشارين من شركة "ماكنزي وشركاه" McKinsey & Co قبل عام من عملية البيع، لإعداد خطة إعادة هيكلة شاملة، وبالتالي، كانت وحدة "بريتيش ستيل" في طريقها عملياً نحو الربحية عندما اشترتها "غرايبول". كما وافق الموظفون على تخفيض رواتب مؤقت بنسبة 3% كجزء من هذا الجهد.

وكانت مصروفات الاستهلاك السنوية ضئيلة حيث أن الأصول المكتسبة كانت لها قيمة دفترية صغيرة، إضافة إلى أن الشركة قد أوجدت مبالغ كبيرة من الشهرة السلبية المزعومة بسبب سعر الشراء الصغير المدفوع.

ومستفيدة أيضاً من استعادة أسعار منتجاتها الرئيسية إلى مستويات معقولة، تباهت "بريتيش ستيل" في مارس/ آذار 2017 بأنها عادت بالفعل إلى الربح. لكن هذا لم يعكس صلابة موقف الشركة.

فقد رتّبت "غرايبول" نحو 500 مليون جنيه إسترليني لتمويل شركة "بريتيش ستيل"، لكن كل ذلك كان في شكل قروض مضمونة مقابل أصول الشركة.

وذكرت صحيفة "فاينانشال تايمز" أن "غرايبول" ساهمت بنحو 20 مليون جنيه فقط في الأسهم. وفي الوقت نفسه، فإن قرض المساهمين بحوالى 155 مليون جنيه قدّم فائدة مستحقة بنسبة 9%. وبما أنها ليست الدائن الرئيسي، باعتبار أن بعض المصارف مشاركة فيه أيضاً، فقد يكون هذا القرض الآن في خطر.

تجدر الإشارة إلى أن ضخ المزيد من الأسهم في الشركة كان مفيداً، لأن الصلب عمل متقلب بطبيعته ويتطلب رأس مال كبيراً. كما يمكن أن يتعرض لصعوبات مفاجئة مرتبطة بتقلبات أسعار صرف العملات وأسعار مصادر الطاقة (والكربون) وتكاليف المواد الخام والرسوم الجمركية وقدرات المنافسين.

ذات صلة

الصورة
مسيرة في برايتون وهوف دعماً لغزة/5 يونيو 2024(Getty)

سياسة

خرج الآلاف من مدينة برايتون وهوف (جنوب شرقي بريطانيا) يوم الأحد في مسيرة جنائزية صامتة، تكريماً لأرواح الشهداء الفلسطينيين الذين قتلهم الاحتلال الإسرائيلي.
الصورة
تظاهرة حاشدة في لندن (ربيع عيد)

سياسة

في الذكرى السنوية لحرب الإبادة الجماعية على غزة، خرج اليوم مئات الآلاف في العاصمة البريطانية، في تظاهرة تضامنية مع غزة والدعوة لمعاقبة إسرائيل على جرائمها
الصورة
تظاهرة سابقة في لندن أمام مقر الحكومة البريطانية (العربي الجديد)

سياسة

خرج العشرات في مدينة برايتون مساء اليوم الخميس في تظاهرة احتجاجية فجائية داخل محطة القطارات في المدينة، تنديدًا بالمجازر الإسرائيلية المستجدة بلبنان.
الصورة
المؤسس المشارك في حركة "بالستاين أكشن"، ريتشارد برنارد/سياسة/إكس

سياسة

يواجه ريتشارد برنارد، المؤسس المشارك في حركة "بالستاين أكشن"، ثلاث تهم تتعلق بدعم منظمة محظورة بموجب قانون الإرهاب في بريطانيا.
المساهمون