انفجار مرفأ بيروت.. لبنان يخسر شريانه الاقتصادي الحيوي

05 اغسطس 2020
+ الخط -

دخانٌ متصاعد من جهة مرفأ العاصمة اللبنانية بيروت دفع ببعض المواطنين لتصويره بواسطة هواتفهم.
تحول ذلك الدخان إلى سحابة كثيفة تملأ سماء المدينة، ترافقت مع صوت انفجارين قويين هزّا العاصمة وضواحيها ووصل دويهما إلى محافطاتٍ أخرى.

تبدل المشهد بلحظات من مرفأ بميناء وأحواض ومخازن، إلى دمارٍ وخرابٍ وأنقاض.

هذه هي صورة ما حصل الثلاثاء في مرفأ بيروت الذي دُمّر بالكامل، بعدما شعر سكان العاصمة ومحيطها بانفجارين متتاليين كسرا زجاج بيوتهم وسياراتهم وشوارعهم.
يعد مرفأ بيروت أهم ميناء في لبنان، ومن أهم الموانئ في الحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط.

ونظرا لموقعه الاستراتيجي، كان يستخدم هذا المرفأ، الذي افتتح عام 1894، لاستيراد المواد الأساسية من دول العالم وتصديرها عبر الداخل اللبناني إلى دول الشرق الأوسط.

ويعتبر هذا المرفأ ركيزة أساسية للاقتصاد اللبناني؛ إذ إنّه يلعب دورا أساسيا في عملية الاستيراد والتصدير، وبالتالي تحريك العجلة الاقتصادية اللبنانية.

يتعامل مرفأ بيروت مع 300 مرفأ عالمي ويقدر عدد السفن التي ترسو فيه بـ3.100 سفينة سنويا.
ويتألف المرفأ من 4 أحواض يصل عمقها إلى 24 مترا، إضافة إلى حوض خامس كان قيد الإنشاء.
كما يضم 16 رصيفا والعديد من المستودعات وصوامع تخزين القمح التي تؤمن أفضل شروط التخزين.
ويرى المحلّل الاقتصادي باسل الخطيب أن "توقف المرفأ خسارة كبيرة ستؤثر بمليارات الدولارات على الاقتصاد اللبناني".
ويشير في حديثٍ لوكالة الأناضول، إلى أن هذه المليارات موزعة على شقّين؛ قسم نتيجة توقف المرفأ عن العمل والقسم الثاني كلفة الأضرار التي أصابت المرفأ.
ويقول: "ستتوقف حركة الاستيراد والتصدير لفترة، عدا عن الخسائر التي لا يمكن تقدير حجمها بالوقت الحالي ولكن بالتأكيد ستكون ضخمة".
ويضيف أن الخسارة ستشمل أيضا حركة الرسو للسفن، كما سيتأثر القطاع الجمركي "وكل يوم سنخسر رسوما جمركية".
وفي محاولة سريعة من السلطات لتخفيف الخسائر، أوصى مجلس الدفاع الأعلى في لبنان، الثلاثاء، بتجهيز مرفأ مدينة طرابلس (شمالي البلاد) لتأمين العمليات التجارية من استيراد وتصدير.
وكان وزير الاقتصاد، راوول نعمة، أشار في تصريح صحافي نقلته الوكالة اللبنانية الرسمية، إلى أنه "لا يمكن استخدام القمح المخزّن في صوامع مرفأ بيروت لأنه بات ملوثا جراء الانفجار".

في هذا السياق، يرى الخطيب أنه من المستبعد أن تحصل أزمة قمح وطحين في لبنان؛ "لأنّ الدول الشقيقة بدأت بالإعلان عن استعدادها لمساعدة لبنان وإرسال مساعدات غذائية، منها فرنسا والكويت، وبالتالي لا بوادر أزمة طحين".

ولفت الخطيب إلى أن الأفران تمتلك كميات من القمح والطحين تستطيع سد الحاجة "إلى حين استيراد كميات أخرى". 

ولكن نقيب مستوردي القمح أحمد حطيط قال، في مقابلة تلفزيونية، اليوم الأربعاء إنه لا أزمة قمح ولا أزمة خبز فالإهراءات كانت شبه فارغة إثر التأخير الذي حصل بتحويل الاعتمادات والمخزون يكفينا لشهر ونصف الشهر وهناك ٤ بواخر تنتظر دورها بالتفريغ ما يساهم بأن يكفي المخزون شهرا إضافيا.
وفي وقت سابق الثلاثاء، وقع انفجار ضخم في مرفأ بيروت؛ ما تسبب بسقوط 73 قتيلا وأكثر من 3 آلاف جريح (حصيلة غير نهائية)، بجانب أضرار مادية هائلة في أحياء عديدة بالعاصمة وضواحيها، وفق وزير الصحة، حمد حسن، ومراسلي الأناضول.
وبعد تفقده موقع الانفجار، قال المدير العام للأمن العام، اللواء عباس إبراهيم، في تصريح صحافي، إن ما انفجر في أحد مستودعات المرفأ هو "مواد شديدة الانفجار، ولا أستطيع استباق التحقيقات".

لا أزمة قمح ولا أزمة خبز، فالإهراءات كانت شبه فارغة إثر التأخير الذي حصل بتحويل الاعتمادات

وأعلن رئيس الحكومة، حسان دياب، الأربعاء، يوم حداد وطني، ووعد بأن يدفع المسؤولون عن هذه الكارثة الثمن، وناشد "الدول الشقيقة والصديقة" مساعدة "لبنان المنكوب".
فيما أعلن مجلس الدفاع الأعلى في لبنان بيروت "مدينة منكوبة"، ضمن حزمة قرارات وتوصيات لمواجهة تداعيات انفجار ضخم وقع في العاصمة.
وعقب اجتماع له، برئاسة رئيس الجمهورية، ميشال عون، قال مجلس الدفاع الأعلى إنه أوصى بتكليف لجنة تحقيق بأسباب الانفجار، "على أن ترفع نتيجة التحقيقات إلى المراجع القضائية المختصة، في مهلة أقصاها 5 أيام من تاريخه، وأن تُتخذ أقصى درجات العقوبات بحق المسؤولين".
ويأتي الانفجار في وقت تترقب الأوساط اللبنانية والعربية والدولية صدور حكم المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، الجمعة.
وهذه المحكمة مختصة بقضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق، رفيق الحريري، في تفجير ضخم استهدف موكبه، وسط بيروت، في 14 فبراير/شباط 2005.
ويزيد انفجار الثلاثاء من أوجاع بلد يعاني، منذ أشهر، من أزمة اقتصادية قاسية واستقطاب سياسي حاد، في مشهد تتداخل فيه أطراف إقليمية ودولية.

(الأناضول)

ذات صلة

الصورة
أكثر من مليون شخص نزحوا من مناطق الحرب (حسين بيضون/العربي الجديد)

اقتصاد

مع نزوح أكثر من مليون شخص في لبنان إلى عدد من المناطق الآمنة بسبب تصاعد العدوان الإسرائيلي، ظهرت على السطح فئة من تجار الأزمات الذين استغلوا أوضاع النازحين.
الصورة
جانب من تعزيزات الاحتلال العسكرية قرب الحدود اللبنانية، 1 نوفمبر 2023 (فرانس برس)

سياسة

يواصل جيش الاحتلال حشد مزيد من الدبابات والقوات البرية على الشريط الحدودي، تزامناً مع تهديدات متكررة من قادته بشن عملية برية في لبنان
الصورة
وضع حجر الأساس لمستشفى بيروت الحكومي الجامعي-الكرنتينا - بيروت - لبنان - 16 سبتمبر 2024 (محمد سلمان)

مجتمع

وُضع حجر الأساس للمبنى الجديد لمستشفى بيروت الحكومي الجامعي - الكرنتينا، ومن المتوقّع الانتهاء من إعادة إعماره وتجهيزه بالكامل بتمويل دولة قطر بعد عامَين.
الصورة
عائلات مهجّرة من قرى حدودية تطلب المساعدة في صور (حسين بيضون)

مجتمع

نزح أكثر من 100 ألف شخص قسراً من قرى جنوب لبنان الحدودية بعد التصعيد مع الاحتلال الإسرائيلي في أعقاب عملية "طوفان الأقصى" وغالبيتهم يعيشون ظروفاً صعبة.
المساهمون