انطلقت صباح اليوم الأحد في تونس عملية الاقتراع لانتخاب مجلس النواب الأول بعد الثورة وكتابة الدستور، وسط آمال بأن تعوّض نسبة المشاركة في الداخل ضعف المشاركة في انتخابات الخارج.
وشهدت مكاتب الاقتراع إقبالاً كثيفاً منذ الصباح الباكر، إذ نقلت القنوات التلفزيونية صور طوابير الناخبين في العديد من الدوائر، وخاصة في القصرين وسط غربي تونس، وقفصة وسكرة في محافظة أريانة قرب العاصمة، والمرسى شمالي تونس، وبنزرت في أقصى الشمال، وغيرها من المكاتب.
واعتبر رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات شفيق صرصار في تصريح من منطقة بن عروس قرب العاصمة تونس، أن إقبال الناخبين على مكتب الاقتراع "محترم".
من جهته، قال رئيس الحكومة التونسية مهدي جمعة بعد قيامه بالاقتراع، إن التونسيين كانوا مُجنَّدين منذ الصباح الباكر، وهو أمر يثلج الصدر، مشدّداً على أهمية هذا اليوم التاريخي، ومتمنياً أن يمر اليوم بسلام ومن دون أحداث تعكره.
وتعوّل تونس على الإقبال الكثيف هذا اليوم على مكاتب الاقتراع كرد على التهديدات التي تستهدف المسار الانتخابي، خاصة بعد العملية الأمنية التي جرت في وادي الليل منذ يومين.
ويبدو أن الرد جاء سريعاً من المنطقة ذاتها، حيث يبعد أحد مكاتب الاقتراع بضعة أمتار عن المنزل الذي شهد محاصرة قوات الأمن للمجموعة المتشددة في حي الورد من منطقة شباو، حيث توافد عدد كبير من الناخبين على المكتب.
ويبدو أن مرور يوم أمس السبت بأمان، أثّر إيجابياً على التونسيين الذين توحي الأخبار صباح اليوم أن إقبالهم سيكون مُرضياً على مكاتب الاقتراع.
وعلى عكس صورة الساعات الأولى في الداخل، جاءت الأخبار من دوائر الخارج مخيبة للآمال حتى الآن، إذ بلغ عدد التونسيين الذين شاركوا في عملية الاقتراع في الدوائر الانتخابية بالخارج في الانتخابات التشريعية خلال يومين 63 ألفاً و940 مقترعاً، أي ما يعادل 18 في المائة من العدد الإجمالي للناخبين المسجّلين، وفق ما أعلنت عنه عضو الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات فوزية الدريسي خلال ندوة صحافية مساء أمس، داعية أفراد الجالية التونسية في الخارج إلى التوجه بكثافة إلى مكاتب الاقتراع اليوم الأحد لتعزيز نسبة المشاركة.
وفي صورة طريفة ومعبّرة، تناقلت صفحات التواصل الاجتماعي صورة عريسين في يوم زفافهما، توجّها بلباس الزفاف إلى قنصلية تونس في باريس للقيام بواجبهما الانتخابي، وعلّق بعض المتابعين بأن العروسين ينتخبان لضمان مستقبل أولادهما.
وتجري انتخابات الخارج وسط انتقادات من بعض هيئات المجتمع المدني، حول عدم وجود عدد كبير من المسجلين لأسمائهم في سجلات الانتخاب، مما خلق حالة من الاحتجاج في أكثر من عاصمة أوروبية.
لكن رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات شفيق صرصار، نفى صحة ما يُروّج على شبكات التواصل الاجتماعي بخصوص النتائج الجزئية للانتخابات التشريعية في الخارج، وحول عدم تمكن المرشّحَين للانتخابات التشريعية عبد الرؤوف الماي ووحيد الغريبي، إيجاد اسميهما في سجل الناخبين.
وأكدت الهيئة أن الماي والغريبي قاما فعلياً بالتصويت، وحذرت هيئة الانتخابات في بلاغ لها من وجود حملة للتشكيك تقف وراءها أحزاب متنافسة، داعية الرأي العام ووسائل الإعلام إلى التعاطي بكل حذر مع هذه النوعية من الأخبار الزائفة.
وتجري الانتخابات وسط حضور لافت للمراقبين المحليين والأجانب، إذ أعلن صرصار، أن عدد الملاحظين الذين تم اعتمادهم إلى غاية السبت، بلغ 22 ألف مراقب، من بينهم 600 مراقب دولي، بالإضافة إلى عدد من الضيوف ومن ممثلي البعثات الدبلوماسية الذين سيُتاح لهم التنقل على قرابة 11 ألف مكتب.
وقال إن مراقبة العملية الانتخابية ستتم كذلك عن طريق قرابة 60 ألفاً من ممثلي القائمات الذين سيكونون في مكاتب الاقتراع لتأمين المراقبة لصالح المرشحين.