وقبل أن يسلم العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز إلى الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي رئاسة القمة العربية، أكد في كلمة ضرورة قيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية، مضيفاً أن القضية الفلسطينية "على رأس اهتمامات المملكة"، كما شدد على أهمية حل سياسي في سورية، ورفض "بشكل قاطع" المساس بالسيادة السورية على الجولان المحتل.
وعبّر العاهل السعودي عن دعمه لجهود الأمم المتحدة للوصول إلى حل سياسي في اليمن، وكذلك "حرص المملكة على ضرورة الوصول إلى حل سياسي للأزمة الليبية".
ولم تفت الملك سلمان مهاجمة إيران، إذ قال إنها "تواصل دعم الإرهاب في العالم"، وأن "السياسات العدوانية للنظام الإيراني تنتهك المعاهدات الدولية".
وبعد إدانة هجوم نيوزيلندا الإرهابي، الذي راح ضحيته خمسون قتيلاً وعشرات الجرحى على يد متطرف يميني أسترالي هاجم مسجدين، أكد العاهل السعودي أن "الإرهاب لا دين له ولا عرق".
وفي كلمته في افتتاح القمة، قال السبسي الذي اقترح "قمة العزم والتضامن" عنواناً لهذه القمة: "علينا تجاوز الخلافات وتنمية أواصر التعاون الفعلي بين الدول العربية"، مشدداً على أنه "من غير المقبول أن تستمر المنطقة العربية في صدارة بؤر التوتر والإرهاب في العالم".
وأضاف: "بات من الضروري تجاوز الخلافات بين دولنا العربية لاستعادة زمام المبادرة"، مشدداً على أن "تحقيق الأمن في المنطقة لن يتحقق إلا عبر إقامة دولة فلسطينية مستقلة"، ومحذراً من "تداعيات الأزمة في ليبيا على الأمن والاستقرار في المنطقة"، وأن "الحوار والتوافق هو السبيل لإنهاء الأزمات في ليبيا، ولا بد من دعم الجهود الدولية".
وجدد السبسي التأكيد أن "الجولان أرض عربية، وهي أرض محتلة"، ثم دعا إلى أن "نرتب أولياتنا على قاعدة الأهم قبل المهم".
عباس: فلسطين قضية العرب الأولى
وذكر الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في كلمته، أن الفلسطينيين يتطلعون إلى الزعماء العرب لنصرة القضية الفلسطينية. وأضاف: "نتطلع إليكم لنصرة فلسطين.. قضية العرب الأولى".
وانتقد الدعم الأميركي لإسرائيل، قائلاً "ما تشهده فلسطين من ممارسات قمعية ونشاطات استيطانية وخنق للاقتصاد الفلسطيني ومواصلة إسرائيل لسياستها العنصرية والتصرف كدولة فوق القانون، ما كان له أن يكون لولا دعم الإدارة الأميركية للاحتلال الإسرائيلي".
وأضاف "في ظل غياب حل سياسي يستند للشرعية الدولية دعونا لعقد مؤتمر دولي للسلام لإنشاء آلية دولية متعددة الأطراف" لرعاية المفاوضات.
وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إنه لا مخرج من الصراع مع إسرائيل إلا بتحرير جميع الأراضي العربية.
وأضاف في كلمته أنه لا مخرج نهائياً من الصراع "إلا بحل سلمي شامل وعادل يعيد الحقوق إلى أصحابها، حيث يحصل الشعب الفلسطيني على حقوقه في الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وتعود الجولان إلى سورية، وتتحرر جميع أراضي الدول العربية المحتلة".
من جهته، قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إن "التدخلات من (جانب) جيراننا في الإقليم، وخاصة من إيران وتركيا، فاقمت من تعقد الأزمات، وأدت إلى استطالتها واستعصائها على الحل"، حسب تعبيره.
وشدد على أنه "من غير المقبول أن تتدخل قوى إقليمية في الشأن العربي لدعم فصيل أو آخر لغرض طائفي"، مضيفاً أن "الأمن القومي العربي تعرض لأخطر التحديات خلال السنوات الماضية"، وأنه "نحتاج لمفهوم جامع لتحديد أولويات الأمن القومي العربي".
كذللك أكد أبو الغيط أن "الجولان أرض سورية محتلة، والاحتلال الإسرائيلي يسعى لاغتنام المكاسب".
وأكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، في كلمته أمام القمة، أن "الأمم المتحدة تدعم وحدة العالم العربي"، داعياً إلى "وحدة العالم العربي كشرط لاستقرار المنطقة ومنع التدخلات الخارجية".
وأبرز غوتيريس "أهمية حل الدولتين بين الفلسطينيين والإسرائيليين والقدس عاصمة لهما"، مشيراً إلى سعي المنظمة الأممية إلى "إنهاء مشاكل الشعب اليمني عبر اتفاق استوكهولم".
وقال غوتيريس إن "أي حل للصراع السوري يجب أن يضمن وحدة أراضي سورية، بما في ذلك الجولان المحتل"، مشيراً إلى أن "الدعوة إلى مؤتمر وطني مؤشر إيجابي لمسار الحل في ليبيا".
إلى ذلك، غادر أمير دولة قطر تميم بن حمد آل ثاني، اليوم الأحد، تونس، بعد مشاركته في الجلسة الافتتاحية لاجتماعات مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة في دورتها الثلاثين.
وبحسب ما ذكرت وكالة الأنباء القطرية (قنا)، بعث أمير قطر ببرقية إلى الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي "أعرب فيها عن خالص شكره وتقديره على ما قوبل به سموه والوفد المرافق من حفاوة وتكريم خلال وجودهم في تونس للمشاركة في اجتماعات القمة العربية في دورتها الثلاثين".
وكانت قد ترددت أنباء عن أن أمير دولة قطر انسحب من القمة، غير أن مصادر في الوفد القطري نفت لـ"العربي الجديد" الأمر، وأكدت أن جدول المشاركة كان يتضمن حضور الجلسة الافتتاحية وعدم إلقاء كلمة. وأشارت إلى أن سبب المغادرة يعود إلى الارتباط بالتزامات مقررة سلفاً.
وقبل ساعات من بدء القمة العربية الثلاثين تأكد غياب العديد من رؤساء الدول لأسباب مختلفة، ومعهم تُغيَّب العديد من الملفات الخلافية والحساسة، بل حتى موضوع إعلان الولايات المتحدة "سيادة إسرائيل" على هضبة الجولان السوري المحتل، الذي لقي إدانة دولية كبيرة، سُجلت بشأنه خلافات واضحة، بين المطالبة بتحرك دولي في الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي لإدانة القرار، وبين من يريد الاكتفاء بنصّ للإدانة.
كذلك، شكّل موضوع إعادة سورية إلى الجامعة العربية ملفاً خلافياً آخر استدعى تأجيله، فيما غابت قضايا حساسة عن القمة، من الموجة الجديدة من الحراك العربي، في الجزائر والسودان، إلى الأزمة الخليجية.
وكانت تونس تأمل أن تُحدث القمة اختراقاً في أيّ من الملفات العربية الحساسة، لكن يبدو أن وضع العلاقات العربية معقّد إلى درجة أن الطموح تحوّل إلى مجرد جمع أكبر عدد من القادة العرب على طاولة واحدة، الأمر الذي يبدو أنه لن يتحقق أيضاً.
وبينما تأكد حضور أمير قطر، والرئيس اللبناني ميشال عون، ووصول الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز إلى تونس منذ الخميس لترؤس وفود بلادهم في القمة، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، فإن الحضور الإماراتي والبحريني والعُماني لم يكن على مستوى "الصف الأول".
واختارت الإمارات حاكم الفجيرة حمد بن محمد الشرقي، لتمثيلها. كذلك يغيب ملك المغرب محمد السادس والرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة. كما تأكد غياب الرئيس السوداني عمر البشير، الملاحق من المحكمة الجنائية الدولية، عن القمة، ولا سيما أن تونس عضو في المحكمة.
وعشية انعقاد القمة، فجّر الرئيس الأميركي دونالد ترامب قنبلة في وجه المسؤولين العرب، بإعلان اعتراف بلاده بـ"سيادة إسرائيل" على هضبة الجولان السوري المحتل، في تحدٍ للمعايير الدولية وللقرار العربي، مستغلاً الانقسام العربي.
ويصادف انعقاد القمة الثلاثين مع إحياء الفلسطينيين يوم الأرض، في وقت تحوّل فيه التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي من عملية سرّية لبعض الدول إلى مجاهرة علنية أمام مرأى الجميع.