انتكاسة الإعلام التونسي: حرية التعبير لم تكف؟

27 ابريل 2016
(Getty)
+ الخط -
تناقلت وسائل إعلام وطنية وعالمية خبر تقدم تونس على صعيد ترتيب حرية الصحافة العالمي بحصولها على المرتبة 96 من جملة 180 بلداً. وبهذا الترتيب ربحت تونس حوالي 30 رتبة مقارنة بترتيب السنة الماضية، حسب تقرير منظمة مراسلون بلا حدود. غير أن هذا الخبر المشجع لم ينجح في الحد من غضب شريحة هامة من التونسيين ضد التعاطي الإعلامي مع قضايا البلاد ووصل الأمر إلى حد المطالبة بإغلاق بعض القنوات الخاصة. 

وتناضل الهيئات النقابية والدستورية المهتمة بإصلاح قطاع الإعلام منذ الثورة من أجل الحد من سيطرة رجال المال والسياسة على المؤسسات الإعلامية دون جدوى. وتعود ملكية المؤسسات الإعلامية الخاصة في تونس إلى رجال أعمال نافذين أو إلى جمعيات شبابية ممولة من قبل منظمات عالمية. وتعاني جميع هذه المؤسسات من التشكيك في مصداقيتها بالنظر إلى مصادر تمويلها وإلى احتمالات غياب النزاهة عنها بسبب عدم استقلالية خطها التحريري. ولئن أثبتت بعض المؤسسات الإعلامية الجمعياتية كموقع نواة وموقع أنكيفادا قدرتها على كسب ثقة المتابعين والقراء، فإن أغلب المؤسسات الإعلامية الخاصة لا زالت تعاني من انتقادات الجمهور الشديدة بخصوص نزاهتها.



في تصريح لـ"العربي الجديد"، أكدت الصحافية بموقع نواة هندة الشناوي أن جهود الهيئات الخاصة بالإعلام كالهيئة المستقلة للإعلام السمعي البصري ونقابة الصحافيين في الحفاظ على استقلالية وسائل الإعلام باتت بدون جدوى. وأضافت الشناوي "لا يمكن الحديث عن حرية التعبير لدى صحافيين يرأسهم رجال أعمال وسياسيون. فعلى سبيل المثال رئيس حزب الاتحاد الوطني الحر المشارك في تشكيل الحكومة ورجل الأعمال سليم الرياحي يملك راديو "كلمة" الذي يشغل عددا كبيرا من الصحافيين، وقناة الزيتونة تتبع ابن أحد القياديين بحركة النهضة، وجريدة الشارع المغاربي يديرها السياسي عمر صحابو، وقناة نسمة يشرف عليها القيادي بحزب نداء تونس ورجل الأعمال نبيل القروي، وبقية الإذاعات والقنوات والصحف اتخذت كل منها خطا سياسيا موجها ضد هذا الطرف الحزبي أو ذاك. كل هذا التداخل بين المال والأعمال والإعلام ساهم في الحد في من فاعلية حرية التعبير التي أتت بها الثورة وجعل منها حرية شتم للمنافسين السياسيين مما أثر على نجاعة قطاع الإعلام في التأثير الإيجابي في الوضع العام".

من جانبه، يؤكد الناشط الحقوقي والصحافي محمد علي المنصلي، في تصريح لـ"العربي الجديد" أن إثارة المواضيع الدينية والإيديولوجية لدى البرامج الحوارية الاجتماعية تندرج في إطار حرية التعبير التي حرم منها التونسيون لعشرات السنين. غير أن المنصلي يستطرد قائلا "الإشكال المطروح هو كيفية استعمال الإعلام الخاص التونسي لمثل هذه القضايا والطرق المتبعة لمناقشتها. فاعتماد الإثارة المفتعلة وتكرار استضافة أشخاص بعينهم والإصرار على الوقوع في نفس الأخطاء والمآخذ هي إجراءات مفتعلة تهدف إلى رفع نسب المشاهدة من أجل جذب المستشهرين. فبعض القضايا الدينية والاجتماعية الحساسة والهامة تحولت إلى سلعة يتاجر بها بعض القائمين على وسائل الإعلام مستخدمين حرية التعبير التي جاءت بها الثورة من أجل صالح البلاد لا من أجل مصلحة الأشخاص".


المساهمون