انتقادات لتخفيض أسعار الغاز لمصانع حديد في مصر

11 مارس 2016
مشاكل عديدة تواجه الصناعة المصرية (Getty)
+ الخط -
أثار قرار الحكومة المصرية تخفيض سعر الغاز لمصانع الحديد والصلب فقط، دون المصانع الأخرى، من 7 دولارات إلى 4.5 دولارات للمليون وحدة حرارية، انتقادات واسعة في الأوساط الصناعية، بسبب حرمان العديد من المصانع، ومنها الإسمنت والأسمدة، من هذه الميزة، كما أثار أيضاً غضب المواطنين الذين يعانون من ارتفاع أسعار الغاز المنزلي المباع لهم.
وحذر صناع ومنتجون من التداعيات السلبية المترتبة على قرار تخفيض سعر الغاز لمصانع دون غيرها، معتبرين أن هذا القرار يعد كيلا بمكيالين، ويعطى للمصانع المستفيدة ميزات نسبية وتنافسية عن المصانع الأخرى، ومنها الإسمنت والأسمدة ومصانع الحديد الصغيرة، ما يترتب عليه فجوة كبيرة في تكلفة الإنتاج للمنتج الواحد، وبالتالي في الربح.
وقالوا إن هذا القرار يصب في مصلحة ثلاثة مصانع فقط (عز وبشاي والجارحي)، في حين لن تستفيد باقي الشركات العاملة في قطاع حديد الدرفلة والخردة بنفس الدرجة.
وأكدوا أن القرار يعنى أن الحكومة تهدي مصانع الحديد 2.7 مليار جنيه (نحو 350 مليون دولار) سنوياً فارق الأسعار الذي تدفعه الدولة للغاز المستورد من الخارج بسعر أعلى مما تبيعه لمصانع الحديد.
وأعلن وزير التجارة والصناعة المصري، طارق قابيل، في مؤتمر صحافي، أمس الأول، أن الحكومة وافقت على خفض سعر الغاز لأصحاب مصانع الحديد والصلب من 7 دولارات إلى 4.5 دولارات، لتعمل المصانع بكامل طاقتها خلال الفترة المقبلة، موضحا أن تخفيض سعر الغاز يخفض إيرادات الحكومة إلى 1.2 مليار جنيه، ولكنه يوفر 1.4 مليار دولار في سعر الخام.
وقال قابيل إنه تم اتخاذ قرار تخفيض سعر الغاز بالدراسة بين وزارتي الصناعة والبترول والمجموعة الاقتصادية ومجلس الوزراء، لافتا إلى أنه قرار لمدة سنة، وستتم مراجعته كل 3 أشهر.
وفى يوليو/تموز الماضي، رفعت الحكومة أسعار الغاز الطبيعي لصناعة الإسمنت إلى 8 دولارات لكل مليون وحدة حرارية، و7 دولارات لصناعة الحديد والصلب والألمونيوم والنحاس والسيراميك والزجاج، في خطوات لخفض دعم الطاقة على الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة، لتقليل عجز الموازنة.
وشهدت كافة المصانع العاملة في قطاع إنتاج حديد التسليح أزمة طاحنة، خلال الأشهر الأخيرة، جراء أزمة الدولار وصعوبة توفيره من قبل المنتجين للحصول على المواد الخام "البيلت" المستوردة من الخارج والضرورية لعمليات الإنتاج، الأمر الذي دفع عددا كبيرا من المصانع إلى خفض طاقتها الإنتاجية بنسب تصل إلى 50%، في أغلب الأحيان.

واستنكر رئيس هيئة التنمية الصناعية الأسبق، هشام الحارونى، توجيه الدعم للمصانع الكبيرة على حساب المصانع الصغيرة، قائلا إن مجموعة حديد عز تنتج نصف الطاقة الإنتاجية للحديد في مصر، وهذا يعني أن نصف الدعم يذهب فقط لحديد عز.
واستحوذ رجل الأعمال والأمين السابق للتنظيم في الحزب الوطني المنحل، أحمد عز، من خلال مجموعته على نحو 68% من سوق الحديد في مصر خلال فترات سابقة، لكن تلك النسبة انخفضت إلى ما يقارب 50% عقب دخول واردات الحديد التركية والأوكرانية والصينية إلى السوق المصري.
واعتبر رئيس هيئة التنمية الصناعية الأسبق، في مداخلة تلفزيونية، أن هذا القرار استمرار لسياسة عدم الدراسة، مشيرا إلى أن الدولة تخسر 500 مليون دولار بسبب دعم مصانع الأسمدة، وتكرر الخسارة مع مصانع الحديد والصلب.
وعرفت مصر صناعة الحديد والصلب في الأربعينيات بتكنولوجيا ألمانية، ثم روسية في نهاية الخمسينيات، وفي بداية الثمانينيات أسست مصر شركة بمشاركة اليابان تعتمد على تكنولوجيا جديدة لإنتاج الصلب من اختزال نوعيات عالية الجودة من خامات الحديد الاستخراجية المستوردة وباستخدام الغاز الطبيعي (بدلا من الفحم) وتحويلها إلي حديد إسفنجي (تصل نسبة الحديد فيه إلى 90%).
كما أثار القرار غضب الشارع الذي يعاني من ارتفاع أسعار السلع والخدمات، وكانت الحكومة رفعت أسعار الغاز المنزلي والتجاري، العام قبل الماضي، بنحو أربعة أضعاف.
وفي هذا الإطار، وصف رئيس جمعية "مواطنون ضد الغلاء"، محمود العسقلاني، قرار الحكومة المصرية بعدم المنطقية قائلا، "إن أزمة مصر في السنوات الماضية أنه عندما يكون لديها أموال يتم توزيعها على الأغنياء وليس الفقراء".
وأضاف: "كان أولى أن يتم تخفيض سعر الغلاء على الفقراء وليس الأغنياء"، مؤكدا أن هذا القرار خاطئ وسيؤثر بشكل سلبي خلال الفترة المقبلة.
وقال المواطن عمر نافع، لـ"العربي الجديد"، إن الحكومة ماضية في سياسة التخبط. تقوم برفع الأسعار وتهدد برفع الدعم عن كل شيء. لمصلحة من يتم تخفيض سعر الغاز للأغنياء؟ هل ليزدادوا غنى؟".
وقال العامل أحمد عبد الله، لـ"العربي الجديد"، "نحن نعاني من ظروف اقتصادية ومعيشية غاية في الخطورة، وفي المقابل تدعم الحكومة الأغنياء، ولم تضع في حسبانها المواطنين البسطاء".
ورأت هدى السيد (موظفة) أن "الشعب المصري أصبح مصدوما من كل شيء حوله، وكأن الحكومة تتعامل مع المواطنين بسياسة "اضرب دماغك في الحيط".
وحسب إحصائيات رسمية، بلغت نسبة التضخم نحو 12%، في حين ارتفعت نسبة الفقر إلى 26%.




اقرأ أيضا: غضب في مصر لتخفيض أسعار بيع الغاز للشركات
المساهمون