اعتبرت مؤسسة القاهرة للتنمية والقانون -منظمة مجتمع مدني مصرية-، أن تقديم خدمات صحية آمنة للنساء خالية من العنف هي أحد أهم أهداف نبذ العنف ضد النساء داخل المجتمع المصري، ورأت أن الولادة القيصرية دون حاجة طبية تعد عنفا ممارسا ضد النساء.
وتوصلت المؤسسة من خلال إحدى ورش عملها، لمقدمي الرعاية الطبية، خلال الأيام القليلة الماضية، أن انتشار حالات الولادة القيصرية دون سبب طبي أصبح ظاهرة في مصر وهو يؤثر بالسلب على صحة النساء بشكل عام، وتصل في بعض الحالات إلى مستوى خطر يؤثر على حياتهن، كما أن الولادة القيصرية تتسبب في بعض المضاعفات الصحية التي تؤثر على حياة النساء وتضعف من قدرتهن على ممارسة حياتهن بشكل طبيعي.
وتحتل مصر المركز الأول عالميا بنسبة وصلت إلى 63 بالمائة في انتشار ظاهرة الولادة القيصرية حتى عام 2019.
وكانت منظمة الصحة العالمية وصفت الولادة القيصرية بـ"الوباء"، معتبرة أنه الوباء الوحيد في العالم الذي يختار مرضاه الإصابة به.
وأكدت المنظمة أن نسبة الوفيات الناتجة عن "وباء القيصرية" تتعدى أربعة إلى عشرة أضعافه لدى النساء اللواتي وضعن بولادة طبيعية على مستوى العالم، سواء للطفل أو الأم.
كما حذرت المنظمة من اللجوء إلى الولادة القيصرية دون مبرر طبي، لتسببها في ارتفاع إمكانية إصابة النساء بعدها بالنزيف أو العدوى، ومضاعفات التخدير، واكتئاب بعد الوضع، فضلا عن زيادة احتمالات العقم.
محليًا، لفتت دراسة صادرة في فبراير/شباط الماضي، أعدها نائب وزيرة الصحة والسكان لشؤون السكان، طارق توفيق، شملت مسحاً لمعدلات الولادة القيصرية خلال الفترة ما بين 2008 و2017، وفقاً لمعدلات المسح السكاني، إلى أن معدلات الولادة القيصرية فى مصر زادت 4 أضعاف المعدلات العالمية، بينما معدل الولادات القيصرية الآمن الذي وضعته منظمة الصحة العالمية هو 15 بالمائة، من إجمالي عدد الولادات في الدول.
وتوصلت الدراسة إلى أن ارتفاع معدلات الولادات القيصرية في مصر، بين السيدات الأكثر تعليماً، وأنه كلما زادت الدرجة العلمية للسيدة زادت معها احتمالات الولادة القيصرية. إذ رصدت الدراسة أن نسبة الولادة القيصرية بين السيدات الحاملات لشهادات عليا، وصلت لـ58.5%، بينما بلغت النسبة بين السيدات الحاملات لشهادات تعليم متوسط 46.4%، فيما وصلت النسبة بين السيدات الحاملات لشهادة التعليم الأساسي 43.5%، أما السيدات غير المتعلمات فوصلت النسبة بينهن إلى 37 بالمائة.
كما توصلت الدراسة إلى أن الحالة الاقتصادية للمرأة تلعب دوراً مهماً فى موضوع الولادة القيصرية؛ فكلما علت الحالة الاقتصادية للمرأة، زادت نسب لجوئها للولادة القيصرية. وأن الأسر المصرية التي تلجأ للولادة القيصرية، تتحمل أعباء مادية كبيرة مقارنة بتلك التي تلجأ سيداتها إلى الولادة الطبيعية؛ إذ تزيد تكلفة الولادات القيصرية ماديًا على 466% عما لو كانت جرت الولادة طبيعية، وفقاً للمسح السكاني لعام 2014.
وبحسب مسح صحي صادر عن وزارة الصحة والسكان المصرية، ينفق المصريون نحو 14 مليارا و525 مليون جنيه على الولادات القيصرية سنويا، مقابل 3 مليارات و675 مليون جنيه، في الولادات الطبيعية.
وجغرافيا، توصلت الدراسة إلى أن نسبة الولادات القيصرية بلغت أعلى معدلاتها في حضر الوجه البحري بنسبة 70.6% مقابل 57.8% في ريف الوجه البحري.
بينما بلغت نسبة الولادات القيصرية بين السيدات في حضر الوجه القبلي 50.8% مقابل 35.9% في ريف الوجه البحري، كما بلغت نسبة الولادات القيصرية في المناطق الحدودية 41 بالمائة.
وحول معدلات الولادات القيصرية في المستشفيات الخاصة والحكومية، لفتت الدراسة إلى أن الولادة في مستشفيات القطاع الخاص تزيد من احتمالية الولادة القيصرية بمعدل مرة ونصف المرة عن الولادة القيصرية في مستشفيات القطاع الحكومي، إذ تبلغ معدلات الولادات القيصرية في مستشفيات القطاع الخاص 65.7% بينما بلغت معدلات الولادات القيصرية في مستشفيات القطاع 45.3%
الدراسة نفسها أشارت إلى أن الأكثر تعرضاً للولادة القيصرية بين السيدات كانت في الولادة الأولى بنسبة بلغت 60%. وأن نسبة الولادة القيصرية بين السيدات في الولادات الثانية والثالثة بلغت 51.9%، بينما بلغت نسبة الولادات القيصرية بين السيدات في الولادات الرابعة 38.8%، أما نسبة الولادة القيصرية بين السيدات في الولادات السادسة أو أكثر فبلغت 33 بالمائة.
وعالميًا؛ توصلت دراسة أميركية صادرة في إبريل/نيسان الماضي، طبقت على أكثر من 30 ألف امرأة أميركية، إلى أن الولادة بعملية قيصرية من الممكن أن تخلف نتائج خطيرة على المدى الطويل.
وأشارت الدراسة المنشورة في مجلة "JAMA Network Open" إلى أن الولادة بعملية قيصرية قد تزيد من خطر الإصابة بالسمنة والسكري من النوع 2 للأشخاص البالغين. وأن النساء اللواتي يلدن بعملية قيصرية أكثر عرضة للإصابة بالسمنة بنسبة 11% من إجمالي نسبة الولادات الطبيعية، ولديهن خطر الإصابة بالسكري من النوع 2 بنسبة 46% أكثر من النساء اللواتي يلدَن طبيعيا.
ونوهت الدراسة بأن أكثر من 1.2 مليون ولادة قيصرية تُجرى سنويًا في الولايات المتحدة، مما يجعلها أكثر العمليات الجراحية شيوعا وتمثل ما يقارب ثلث الولادات، وعلى الصعيد العالمي، يولد طفل واحد من كل خمسة أطفال بعملية قيصرية.