انتفاضة شاملة في القدس... ومستشفى المقاصد يعلن الطوارئ

03 يوليو 2014
متاريس الغضب الفلسطيني في وجه وحشية الاحتلال (الأناضول)
+ الخط -

زاد المشهد في بلدة شعفاط، مسقط رأس الشهيد الفتى محمد أبو خضير على أيدي مستوطنين متطرفين، قرب القدس المحتلة، اشتعالاً وسخونة ليلة الأربعاء ــ الخميس، لتبدو الصورة أقرب إلى انتفاضة شعبية جديدة فيها الكثير من الضحايا الجرحى، وصل عددهم إلى حوالي 250، عند الثالثة من فجر الخميس، بتوقيت القدس المحتلة، بحسب مصادر طبية تحدثت لـ"العربي الجديد". وبلغت درجة عنف الاحتلال ضد الفلسطينيين المنتفضين، حدّ إعلان مستشفى المقاصد في القدس المحتلة، حالة الطوارئ، بعد ارتفاع أعداد المصابين، وطلب التبرع بالدم، والإعلان عن الحاجة لكادر طبي تطوعي.

وتجددت المواجهات العنيفة على نطاق واسع الليلة في جميع أنحاء القدس وضواحيها، وكانت المواجهات الأعنف في شعفاط ومخيمها، وبيت حنينا، وباب حطة، وسلوان، ورأس العامود، والعيسوية، وحي الصوانة، وحي الطور.

وفي محيط منزل عائلة الشهيد محمد ابو خضير، اندلعت مواجهات عنيفة امتدت على جميع مداخل البلدة، وصولاً الى مخيم شعفاط، حيث أمطر الشبان الأبراج العسكرية بالزجاجات الحارقة، فردّ الجنود بإطلاق الرصاص المطاطي، ما أوقع سبع اصابات على الأقل.

وفي بلدة عناتا شمال شرق القدس اندلعت مواجهات عنيفة تمكن خلالها الشبان من إضرام النار في سيارة عسكري، بعد قذفها بالزجاجات الحارقة، في حين أكد الإعلام العبري إصابة أربعة جنود بحروق.

وفي البلدة القديمة من القدس، خصوصاً في حارة السعدية وباب حطة، اندلعت مواجهات عنيفة تخللتها مهاجمة مستوطنين وجنود بالحجارة. وسجلت العديد من الإصابات بين المواطنين، كما اندلعت مواجهات مماثلة في حي الصوانية شرق البلدة القديمة، وامتدت حتى مستشفى المقاصد.

أما في العيسوية، فقد اندلعت مواجهات عنيفة بين قوات الاحتلال والمواطنين، الذين أصيب عدد غير محدد منهم بجروح.

وكان مستوطنون متطرفون اعتدوا بالحجارة على مركبات فلسطينية بالقرب من مستوطنة آدم شمال شرق القدس المحتلة، في حين أصيب الشاب عادل جودة من مخيم شعفاط بجراح اثر دهسه من قبل مستوطن إسرائيلي.

وفي السياق، تعرض موقع عسكري للجنود الاسرائيليين لإلقاء زجاجات حارقة في حي جبل الزيتون. وتحدثت أنباء أولية عن إصابة جنود الاحتلال بجروج، بعد وصول طواقم "نجمة داوود الحمراء" الى المكان.

وتحدثت مصادر محلية عن تحطيم سيارة مستوطنين بالقرب من منطقة النبي يعقوب في القدس، فيما اندلعت مواجهات حي الثوري، في بمنطقة الراس، جنوب المسجد الاقصى، بين الشبان وقوات الاحتلال.

وأفادت الصحافية ديالا جويحان لـ"العربي الجديد"، بأن قوة من الشرطة الإسرائيلية اعتقلت، منتصف الليل، الفتى عثمان عامر إسعيد، بعد مداهمة منزله الكائن في باب حطة، واعتدت بالضرب على والده الذي أصيب في عينه.

وكانت حرارة الغضب قد ارتفعت لدى الفلسطينيين، متجاوزة ألسنة اللهب في مبنى مهجور، أضرم شبان غاضبون النار فيه، لتحاصر عدداً من قناصة شرطة الاحتلال، التي اعتلت المبنى وشرعت بقنص من تواجد في محيط منزل عائلة الشهيد أبو خضير في شعفاط، ما أدى إلى إصابة عدد من الشبان، ومن بينهم شاب بعيار ناري بالرأس، وفق ما أفاد ضابط الإسعاف الفلسطيني، عطا جبر، في حديث لـ"العربي الجديد".

وكان محيط منزل عائلة الشهيد أبو خضير تحول إلى ما يشبه ساحة حرب، فالحجارة وعربات النفايات والمتاريس، التي أقامها الشبان، تحولت هي الأخرى، ما بعد إفطار اليوم

الرابع من رمضان، إلى عناوين جديدة لانتفاضة أخرى، تعهد أحد أقرباء الشهيد أن تنطلق شرارتها من شعفاط، وأخذ على نفسه عهداً ووعداً، خلال حديث مع "العربي الجديد"، على أن تكون شعفاط، ودم شهيدها الفتى، "انطلاقة لانتفاضة متجددة، يحرم فيها على الاسرائيلي المحتل المرور في البلدة".

وكان مواطنو شعفاط نجحوا، بالفعل، منذ ساعات الصباح، بتحقيق ذلك عبر إحراق جميع محطات توقف القطار الخفيف وسط البلدة، لتزداد حرارة الغضب اشتعالاً، والتي أجّجها مشهد مؤثر لوالد الشهيد أبو خضير، الذي ما إن وصل الى محيط المنزل حتى احتضن زوجته، وأجهشا في بكاء طويل، لتتسع المواجهات بين شبان تقدموا حتى كادوا يلامسون بحجارتهم وجوه الجنود، وبين قوات الاحتلال الخاصة، وقناصة تلاحق شباب الغضب برصاصها، فيحتمي هؤلاء بالمتاريس.

لم تكن شعفاط وحدها عنوان الانتفاضة، إذ امتد حريق المبنى، وفرّ القناصة منه، إلى جبل المكبر في جنوب القدس المحتلة، مروراً بالقدس القديمة، وصولاً لبلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى،

حيث أضرم الشبان النار في بؤرة للمستوطنين، فيما حطموا زجاج سيارة لمستوطن في واد الجوز، ووصل حريق الغضب، بعد صلاة التراويح، إلى حاجز قلنديا العسكري شمال المدينة.

ولا يبدو أن غضب الفلسطينيين في طريقه للهدوء، وخصوصاً بعد محاولة مجموعة من المستوطنين، مساء الأربعاء، اختطاف الشاب حمادة عاصي، (من رام الله ــ محمد عبيدات) من بلدة بيت لقيا جنوبي غربي رام الله، عندما كان يسير في مركبته على الطريق الالتفافي بالقرب من بلدة مردة، الواقعة بين مدينتي سلفيت ونابلس، شمال الضفة الغربية.

وبحسب مصادر محلية في البلدة، تحدث "العربي الجديد" إليها، فقد اعترض أفراد المجموعة طريق السيارة التي كان يقودها عاصي، وحاولوا إنزاله منها بالقوة، إلا أنه تمكن من الفرار بعد مقاومتهم، وإغلاقه زجاج السيارة. وأشارت المصادر إلى أن عاصي تمكن من الفرار باتجاه مجموعة من جنود الاحتلال، التي كانت متواجدة بالقرب من المنطقة، لتقوم هي باعتقاله.

وفي عرض استفزازي، جاب عشرات المستوطنون محيط جبل المكبر بدراجات نارية وسيارات، الأمر الذي دفع بمواطنين فلسطينيين، لتحطيم نحو ست سيارات لمستوطنين، يعيشون في المستوطنات القريبة من قرية سلوان جنوب القدس.

المساهمون