عادة ما تعاني المرأة اليمنية، وخصوصاً الريفية، من الحرمان والتهميش لأسباب ثقافية واجتماعية عدة، بحسب التقارير الدولية. وعلى الرغم من أن النساء يشكلن نصف عدد السكان، إلا أن معاناتهن ما زالت على حالها منذ عقود، ولم تشهد نهضة قوية توازي مثيلاتها في عدد من الدول النامية.
يقيم في الريف أكثر من ثلثي نساء اليمن. هذا التفوق الديموغرافي الكبير كان نتيجة طبيعية لانتقال رجال الريف إلى المدن أو السفر إلى خارج البلاد للعمل. وجرت العادة أن تنخرط النساء في أعمال متعبة من دون أن تحصل غالبيتهن على أجورهن، بعكس المرأة في المدن التي تعاني بسبب قلة فرص العمل بالمقارنة مع الرجل. لدى نساء الريف أعباء كثيرة. هن مسؤولات عن تربية الأطفال وتدبير شؤون المنزل والعمل في الحقول وتربية المواشي والدواجن وغير ذلك.
في السياق، تقول فاطمة علي سعد (30 عاماً) من قرية المقنع في محافظة حجة الجبلية، إن لديها مهامَّ إضافية. في أوقات فراغها، تحيك الصوف وتخوص سعف النخيل من أجل بيعها للمساهمة في زيادة دخل الأسرة وإعانة زوجها الفلاح بعدما أضر الجفاف بمحصول العام الماضي.
تضيف: "أُعطي زوجي المال، فيقتطع جزءاً منه لشراء القات ومضغه مساء. لذلك، تسوء أحوالنا وخصوصاً مع زيادة عدد أطفالي وازدياد احتياجاتهم".
تتابع سعد أنها حُرمت من التعليم قبل زواجها، حين كانت ما زالت في الخامسة عشر من عمرها، بسبب فرض والدها بعض الأعباء عليها، مثل جلب الماء من موارد تبعد مسافة ساعتين يومياً، والمساعدة في الحقل والمنزل، عدا عن تحريم المجتمع تعليم الإناث إلى جانب الذكور. ترى أن الأمور لم تتغير كثيراً اليوم. تقول إن بناتها الثلاث يعانين من المشاكل نفسها. لكنهن ما زلن يذهبن إلى المدرسة بسبب صغر سنهن.
وتُحرم المرأة الريفية من معظم الخدمات الاجتماعية. على سبيل المثال، لا توجد في القرى قابلات قانونيات لتوليدها، إلا إذا انتقلت إلى مراكز المديريات البعيدة، ما يؤدي إلى ارتفاع معدلات وفيات الحوامل والأجنة. ينطبق ذلك على الأطباء. أيضاً، لا توفّر الدولة مدارس للفتيات أو معلمات أو تبني آباراً للمياه قريبة من قراهن.
من جهتها، تقول القابلة القانونية أسماء، وهي من قرية الجراف في محافظة تعز (وسط اليمن)، والتي تخرجت أخيراً ضمن برنامج القابلات المموّل من الصندوق الاجتماعي للتنمية الحكومي: "ظلّت قريتي لعقود تعتمد على الجدة الشعبية التي تولّد الحوامل وتستخدم أدوات غير معقمة وأساليب غير صحية قد تؤدي الى وفاة الحامل أو تسبب مضاعفات عقب الولادة. وعادة ما تنصح الجدات الأمهات بطرق ضارة جداً للاهتمام بالمواليد".
وعند الزواج، لا يحق للفتاة قبول أو رفض الشاب لزعم الوالد أنه الأكثر دراية بمصلحة ابنته، أو بسبب الخوف من الشك بعلاقتها بآخر. وتكثر ظاهرة زواج القاصرات دون سن الـ 17 عاماً.
من جهة أخرى، يحول الموروث الاجتماعي وعادات المجتمع دون امتلاك المرأة الريفية بعض حقوقها الشرعية. على سبيل المثال، عندما يموت الوالد، يرفض الذكور من الأسرة توريث الأنثى لأن الإرث في النهاية سيذهب الى ملكية أو فائدة زوجها الذي هو من خارج الأسرة. وفي بعض المجتمعات، يقبل بعض الرجال توريث النساء، على أن يعطوهن عقاراً قديماً أو حقولاً تقع في مناطق بعيدة أو غير خصبة.
في السياق، يقول أستاذ السكان والتنمية في جامعة صنعاء عبدالملك الضرعي إنه "على الرغم من الأدوار المتعددة للمرأة الريفية، إلا أن مساهمتها في مؤشرات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية محدودة للغاية". ويؤكد لـ "العربي الجديد" أن "معالجة التهميش بأنواعه ضدها يكمن في تبني استراتيجية تعليم موجهة وجادة مع تعزيز مشاركتها في مجالات التنمية"، مشيراً إلى أهمية "إنشاء برامج خاصة تعمل على تعزيز مشاركة المرأة عبر رؤية واقعية تستلهم تجارب ناجحة من دول العالم الثالث".
ولخمس سنوات متتالية، ما زال اليمن يحتل المرتبة الأخيرة من بين 136 دولة، لناحية الفجوة في ما يتعلق بالتنوع الاجتماعي. ويبلغ معدل الأمية 65% لدى النساء في مقابل 30% لدى الرجال. ويذكر المسح الوطني الصحي الديموغرافي للعام 2013 أن معدل الرعاية الصحية للأمهات اليمنيات من قبل كادر صحي متدرب بلغت 60% فقط، معظمها في المدن.