21 مايو 2019
اليمن وطريق النصر الشائك
عبد الواسع الفاتكي (اليمن)
أدرك المخلوع علي عبدالله صالح، أنه ليس بمقدوره القضاء على ثورة 11فبراير 2011، ومشروعها الوطني عبر العمل السياسي، فلجأ، ومراكز قواه، إلى وسائل أخرى، تخلق بؤر صراع للسلطة الانتقالية؛ تعيقها عن أداء مهامها، وذات تأثير مباشر على مختلف الأصعدة.
على الصعيد الأمني، أوعز، بعيد انتخاب عبد ربه منصور هادي رئيسا انتقالياً لقادة عسكريين وأمنيين، موالين له في محافظتي أبين وشبوة، بتسليم المعسكرات لتنظيم القاعدة أو ما عرف بأنصار الشريعة. وفيما يتعلق بالجانب الاقتصادي، حرص على تجريف المواردالمالية والاقتصادية للسلطة الانتقالية وتجفيفها، عبر رعاية وتمويل ضرب وتفجير أنانبيب نقل النفط والغاز، وخطوط نقل الطاقة الكهربائية، وعندما لم تؤت هذه الوسائل أكلها، وتفلح في ثني المرحلة الانتقالية عن مسارها، تحالف المخلوع علي عبدالله صالح وأنصاره مع الحركة الحوثية، وانقلبوا على السلطة الشرعية، وجرّوا اليمنيين إلى مربع العنف والاقتتال، مدخلين اليمن في أتون حرب أهلية، وتدخل عسكري خارجي.
سيسقط الانقلاب، وستنتصر الشرعية، لكن التحدي الكبير الذي ينتظرها، هو ما سيحدث بعد النصر، الذي سيتحول إلى ظاهرة صوتية، أو نوع من الهزيمة، إذا لم يكن لدى الشرعية رؤية استراتيجية واضحة ودقيقة، بإسناد من دول الخليج لاسيما السعودية، وذات منظومة ضبط قيمية قوية ومحكمة، ترفع مستوى ثقة الرأي العام اليمني بها، وتمنع الانتقام وتصفية الحسابات.
تمكنت قوات الشرعية والتحالف العربي، من الانتصار العسكري على المليشيات الانقلابية في عدن. لكنْ، سرعان ما تعرض هذا الانتصار لجملة من الانتكاسات، تعتبر بمثابة خيانة للأمل في عيون اليمنيين، أبرزها ارتفاع وتيرة الاغتيالات والتفجيرات، وعدم قدرة الأجهزة الأمنية التابعة للشرعية، على فرض الأمن، وبسط سيطرتها في عموم أرجاء عدن. ويعود ذلك إلى وجود انفصام، بين الحامل السياسي داخل بيئة الشرعية والحامل العسكري لها، المتمثل بالمقاتلين على الأرض، الذين أرغموا على الانخراط في ساحة الحرب التي ولدت لديهم اعتدادا بالذات، على حساب غاياتهم التي يقاتلون من أجلها، فتلاشت غاياتهم، وتضخمت شخصياتهم.
لكي يتحقق الأمن والاستقرار في المحافظات التي تحررت، أو ستتحرر، من المليشيات الانقلابية، ينبغي على الشرعية ومن يقف في صفها، أن تصنع توازنا بين مكونها السياسي ومكونها العسكري الحامل للسلاح، ولا تسمح للأخير أن يستخدم القوة؛ للتحكم في الفعل المقاوم لصالحه وبشروطه، وإذا كانت الضرورة دعت إلى تكوين الميدان العسكري المقاوم على عجالة، فإن ذلك يعني، أن الحاجة استدعت صنع قيادات عسكرية مقاومة على عجالة أيضاً، وأن ينضم إلى هذا الميدان من يراه سبيلا لجني مكاسب شخصية، مادية كانت أو معنوية. ولذلك، من الأهمية بمكان، قطع الطريق أمام المنتفعين والفاسدين، من التسلل إلى مراكز القرار، وملء فضاءات ميدان الشرعية السياسية والعسكرية، بقيم مناقضة لها، تشوه الشرعية والتحالف، وتضع عراقيل أمام سرعة إنجار النصر، وإذا لم يؤخذ ما أشرت إليه بالاعتبار، سنكون أمام وضع يعاد فيه إنتاج قيم نظام حكم، تربع على عرش الفساد ثلاثة عقود ونيف، ما يجعل الفاتورة الباهظة التي دفعها الشعب اليمني والتحالف؛ لاجتثاث هذا النظام، الذي عاد بصورة انقلاب، تذهب أدراج الرياح.
يخشى أن تختزل مرحلة ما بعد إسقاط الانقلاب، بثنائية الشهداء والقتلة، وأن تبتر عن المبادئ والدلالات العظيمة التي من أجلها ضحى الشهداء بأرواحهم، فليس من الصواب، بعد تهاوي المليشيات الانقلابية، الانتقال للمحاسبة المجردة من قيم المصالحة الوطنية، والبعيدة عن أهداف ثورة 11 فبراير 2011 ومخرجات الحوار الوطني، والتي من دون التقيد بها، فإن المحاسبة ستتحول إلى واحدةٍ من صور الانتقام الساذج، الناجم من نشوة الشعور بالنصر، إذ علينا أن نعي أننا في يمن نهبت خيراته، وعطلت إمكاناته، وعبثت به قوى عصبوية ذات فكر مسنود بأدوات العقاب والقمع والتكفير. وعلينا، بعد أن تضع الحرب أوزارها، أن نتجه إلى بناء دولة ضامنة للتطور والسلام، تعبر باليمن نحو التنمية والاستقرار، متجاوزة أمراض النخب السابقة، وصراعاتها وأيديولوجياتها الجاهزة، برؤية ذات روح وطنية جديدة، ليست ملوثة بنزعات التغلب وعقليات التعالي، تخرجها إلى حيز الوجود أياد وطنية، لم تشارك في الإنكسارات التي عطلت سير اليمن إلى الإمام، وفتحت الباب على مصراعيه؛ لعودة الماضي البغيض، بكل تعقيداته وآلامه.
على الصعيد الأمني، أوعز، بعيد انتخاب عبد ربه منصور هادي رئيسا انتقالياً لقادة عسكريين وأمنيين، موالين له في محافظتي أبين وشبوة، بتسليم المعسكرات لتنظيم القاعدة أو ما عرف بأنصار الشريعة. وفيما يتعلق بالجانب الاقتصادي، حرص على تجريف المواردالمالية والاقتصادية للسلطة الانتقالية وتجفيفها، عبر رعاية وتمويل ضرب وتفجير أنانبيب نقل النفط والغاز، وخطوط نقل الطاقة الكهربائية، وعندما لم تؤت هذه الوسائل أكلها، وتفلح في ثني المرحلة الانتقالية عن مسارها، تحالف المخلوع علي عبدالله صالح وأنصاره مع الحركة الحوثية، وانقلبوا على السلطة الشرعية، وجرّوا اليمنيين إلى مربع العنف والاقتتال، مدخلين اليمن في أتون حرب أهلية، وتدخل عسكري خارجي.
سيسقط الانقلاب، وستنتصر الشرعية، لكن التحدي الكبير الذي ينتظرها، هو ما سيحدث بعد النصر، الذي سيتحول إلى ظاهرة صوتية، أو نوع من الهزيمة، إذا لم يكن لدى الشرعية رؤية استراتيجية واضحة ودقيقة، بإسناد من دول الخليج لاسيما السعودية، وذات منظومة ضبط قيمية قوية ومحكمة، ترفع مستوى ثقة الرأي العام اليمني بها، وتمنع الانتقام وتصفية الحسابات.
تمكنت قوات الشرعية والتحالف العربي، من الانتصار العسكري على المليشيات الانقلابية في عدن. لكنْ، سرعان ما تعرض هذا الانتصار لجملة من الانتكاسات، تعتبر بمثابة خيانة للأمل في عيون اليمنيين، أبرزها ارتفاع وتيرة الاغتيالات والتفجيرات، وعدم قدرة الأجهزة الأمنية التابعة للشرعية، على فرض الأمن، وبسط سيطرتها في عموم أرجاء عدن. ويعود ذلك إلى وجود انفصام، بين الحامل السياسي داخل بيئة الشرعية والحامل العسكري لها، المتمثل بالمقاتلين على الأرض، الذين أرغموا على الانخراط في ساحة الحرب التي ولدت لديهم اعتدادا بالذات، على حساب غاياتهم التي يقاتلون من أجلها، فتلاشت غاياتهم، وتضخمت شخصياتهم.
لكي يتحقق الأمن والاستقرار في المحافظات التي تحررت، أو ستتحرر، من المليشيات الانقلابية، ينبغي على الشرعية ومن يقف في صفها، أن تصنع توازنا بين مكونها السياسي ومكونها العسكري الحامل للسلاح، ولا تسمح للأخير أن يستخدم القوة؛ للتحكم في الفعل المقاوم لصالحه وبشروطه، وإذا كانت الضرورة دعت إلى تكوين الميدان العسكري المقاوم على عجالة، فإن ذلك يعني، أن الحاجة استدعت صنع قيادات عسكرية مقاومة على عجالة أيضاً، وأن ينضم إلى هذا الميدان من يراه سبيلا لجني مكاسب شخصية، مادية كانت أو معنوية. ولذلك، من الأهمية بمكان، قطع الطريق أمام المنتفعين والفاسدين، من التسلل إلى مراكز القرار، وملء فضاءات ميدان الشرعية السياسية والعسكرية، بقيم مناقضة لها، تشوه الشرعية والتحالف، وتضع عراقيل أمام سرعة إنجار النصر، وإذا لم يؤخذ ما أشرت إليه بالاعتبار، سنكون أمام وضع يعاد فيه إنتاج قيم نظام حكم، تربع على عرش الفساد ثلاثة عقود ونيف، ما يجعل الفاتورة الباهظة التي دفعها الشعب اليمني والتحالف؛ لاجتثاث هذا النظام، الذي عاد بصورة انقلاب، تذهب أدراج الرياح.
يخشى أن تختزل مرحلة ما بعد إسقاط الانقلاب، بثنائية الشهداء والقتلة، وأن تبتر عن المبادئ والدلالات العظيمة التي من أجلها ضحى الشهداء بأرواحهم، فليس من الصواب، بعد تهاوي المليشيات الانقلابية، الانتقال للمحاسبة المجردة من قيم المصالحة الوطنية، والبعيدة عن أهداف ثورة 11 فبراير 2011 ومخرجات الحوار الوطني، والتي من دون التقيد بها، فإن المحاسبة ستتحول إلى واحدةٍ من صور الانتقام الساذج، الناجم من نشوة الشعور بالنصر، إذ علينا أن نعي أننا في يمن نهبت خيراته، وعطلت إمكاناته، وعبثت به قوى عصبوية ذات فكر مسنود بأدوات العقاب والقمع والتكفير. وعلينا، بعد أن تضع الحرب أوزارها، أن نتجه إلى بناء دولة ضامنة للتطور والسلام، تعبر باليمن نحو التنمية والاستقرار، متجاوزة أمراض النخب السابقة، وصراعاتها وأيديولوجياتها الجاهزة، برؤية ذات روح وطنية جديدة، ليست ملوثة بنزعات التغلب وعقليات التعالي، تخرجها إلى حيز الوجود أياد وطنية، لم تشارك في الإنكسارات التي عطلت سير اليمن إلى الإمام، وفتحت الباب على مصراعيه؛ لعودة الماضي البغيض، بكل تعقيداته وآلامه.
مقالات أخرى
06 أكتوبر 2018
17 أكتوبر 2017
20 يونيو 2016