اليمن.. إنسانية الإنسان

20 ديسمبر 2017
+ الخط -
ظروف مأساوية هي التي يعيشها اليمنيون على امتداد وطنهم، سواء في مناطق سيطرة ما تسمّى الشرعية، أو في مناطق سيطرة مليشيات الحوثي الإنقلابية الطائفية، إذ تختلف طرق المعاناة وتتفق في آن، فالجوع يلف الأرجاء، وثمّة أمراض خطيرة تنتشر بين الفينة والأخرى، يسقط ضحاياها العشرات من البسطاء الذين لم يجدوا الغذاء الصحي والمياه الصحية والدواء لعلاج مرضاهم، فيما الخدمات الأساسية شبه منعدمة في مدن ومناطق كثيرة، فمياه الشرب النظيفة والمستشفيات المناسبة وخدمة الكهرباء، وحتى أنبوبة الغاز المنزلي يجدها المواطن بأضعاف سعرها الرسمي، هذا إن وجدها.
الطرق التي تنقلهم بين المدن، وخصوصا في تعز المحاصرة، أصبحت وعرة تستغرق ساعات كثيرة، إذ أغلقت مليشات الانقلاب مداخل المدينة بواسطة المتارس وحقول الألغام. ومع ذلك، يضرب اليمنيون في شدّتهم أروع صور الصبر، وأروع صور التعاون والتآزر، فمن ضمن ما رأيت ولمست في بعض القرى والمناطق، تنتظم عمليات الإغاثة الإنسانية، فيتوفر لهم الدقيق وحبات العدس، وهما المادتان الوحيدتان اللتان تصرفان من إحدى منظمات الأمم المتحدة، حيث يعطى المواطنون جزءا مما يحصلون عليه إلى مواطنين آخرين، لا تصل إليهم هذه المساعدات، وأحياناً يتم توصيلها إلى مستحقين لها داخل مدينة تعز من أريافها، وطبعاً من دون أي مقابل.
هذه ظاهرة شبه جماعية، وليست حالة أو بضع حالات، وهذا أمر يدفع إلى التفاؤل في مناطق تعاني بقوة من آثار الحرب، إذ رأيت فيما رأيت من صور السخاء مواطنين يعطون لمواطني قرى أخرى ما يستطيعون إعطاءه من دقيق وعدس، فينقلونها على ظهور الحمير إلى قراهم.
تظهر هذه المشاهد عظمة الإنسان اليمني والإنسانية التي تكمن فيه، والتي ضاعت في ضمير العالم، هذا الضمير الذي لم يلتفت إلى حجم معاناة الإنسان اليمني الهائلة في جوانب كثيرة، إذ ما زال هذا العالم يعمل على إطالة أمد الحرب، ويقف سداً أمام حسمها، وذلك كي تستمر عملية استنزاف الخليج مادياً بمبيعات السلاح، يقابل ذلك استمرار نزيف الدم اليمني، ومضاعفة معاناته في مختلف الجوانب الإنسانية، فيما العالم يتفرج على أطفال اليمن وأجياله التي تغرق في الحرب والموت.
792CB557-8E75-46A4-9474-41FAE9572A01
792CB557-8E75-46A4-9474-41FAE9572A01
عبدالإله هزاع الحريبي (اليمن)
عبدالإله هزاع الحريبي (اليمن)