الوظائف الرقمية في الجزائر.. الشباب في الصدارة

05 أكتوبر 2017
+ الخط -

تشهد سوق العمل في الجزائر زيادة الطلب على الوظائف الرقمية، التي ظهرت حديثًا من قبل المؤسسات والشركات الاقتصادية والتجارية، سواء الجزائرية منها أو الأجنبية العاملة في الجزائر.

واستحدثت هذه المؤسسات وظائف جديدة من أجل التكيف مع التحولات التكنولوجية في عالم الأعمال والاقتصاد، التي تحتم عليها التواجد بقوة عبر شبكة الإنترنت من أجل الوصول إلى أكبر عدد ممكن من المستخدمين بغرض تسويق منتجاتها وخدماتها أو لتعزيز صورتها وهويتها كمؤسسة، أو للترويج لأنشطتها في إطار المنافسة الرقمية، وذلك حسب طبيعة عمل المؤسسة في حد ذاتها.


وظائف متعددة
ومن أبرز هذه الوظائف الرقمية الجديدة نجد مسيري "أقسام الميلتي ميديا" أو الوسائط المتعددة، المشرفين على إدارة المحتوى الرقمي الخاص بالمؤسسات عبر مواقعها الإلكترونية أو مواقع التواصل الاجتماعي، على غرار الفيسبوك، وتويتر وإنستغرام، بالإضافة إلى ذلك تعتبر وظيفة مسؤول التسويق الرقمي أو الشبكي من أهم الوظائف التي تبحث عنها الشركات أيضا.

وتلجأ بعض المؤسسات، التي تولي أهمية كبيرة للرقمنة، إلى توظيف "رئيس رقمي" من قبل المدير التنفيذي مباشرة، ويعمل مع فريقه على إدارة البيانات الكبيرة والمهمة في الشركة، والتواصل مع العملاء عبر الإنترنت، وخلق منتجات رقمية تحقق أرباحا للمؤسسة، والترويج للخدمات والسلع إلكترونيا.

لم تكن مثل هذه الوظائف الرقمية تظهر في إعلانات التوظيف بالجزائر خلال السنوات القليلة الماضية، إلا أنها أصبحت اليوم من الوظائف الجديدة المطلوبة من قبل المؤسسات الجزائرية والأجنبية أيضا، لا سيما وكالات الإعلان والاتصال.


محترفون أم هواة؟
يشترط أصحاب المؤسسات في المترشحين القادمين لمقابلة العمل للحصول على وظيفة رقمية، توفر مؤهلات ومهارات مهنيين محترفين قادرين على إدارة المحتوى الرقمي بشكل جيد وتحقيق الأهداف المسطرة. والقيام بوظيفتهم بشكل محترف والمتمثلة أساسا في الإشراف على المحتوى الرقمي لعلامة تجارية ما أو مؤسسة أو شركة على شبكات التواصل الاجتماعي  والمواقع الإلكترونية.

غير أن التحدي الكبير، الذي يواجهه هؤلاء، يتمثل في صعوبة العثور على أشخاص محترفين ومختصين بسبب غياب التكوين الجامعي والأكاديمي في مجال إدارة المحتوى الرقمي بشكل تام في الجزائر.

ويقول رفيق عبيد، مدير وكالة اتصال لموقع "جيل": "معظم من يتقدمون لمثل هذه الوظائف هم الشباب المتحصلون على شهادات في الإعلام الآلي، بسبب مهاراتهم في مجال المعلوماتية، الاقتصاد والتسويق، وبنسبة أقل خريجو كليات الإعلام والاتصال الذين تلقوا بعض أساسيات استخدام التكنولوجيات الحديثة".

ويعمل الشباب الجزائري في إدارة المحتوى الرقمي للمؤسسات والوكالات كهواة يتمتعون بقدر من الكفاءة في استخدام الكمبيوتر، ومطلعين على ما يجري من مستجدات في عالم شبكات التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى التحكم في أدوات إدارة وتسيير وتتبع هذه الأخيرة وإنتاج بعض المضامين الرقمية.

وفي هذا الشأن، تتحدث رقية لموقع "جيل"، مشرفة على إدارة صفحات شركة وطنية لإنتاج السميد والعجائن: "وظيفتنا تنشيط الصفحات وخلق التفاعل مع العلامة التجارية ومحاولة تقريبها من مستخدمي الإنترنت، من خلال نشر منشورات تتعلق بالمنتوجات وإعداد فيديوهات ترويجية لأطباق الطعام. بالإضافة إلى ذلك نحاول خلق علاقات اجتماعية مع الناس عن طريق نشر التهاني بالمناسبات الوطنية والدينية، وكذلك تمنيات بشهية طيبة في أوقات الطعام، وتقديم نصائح في التغذية".

ويستخدم الموظفون المشرفون على المحتوى الرقمي برامج الفوتوشوب وتركيب الفيديوهات وغيرها من البرامج الرقمية الضرورية لصنع المحتوى اللازم للمؤسسة. ولهذا فإن المؤسسات تراعي في عملية التوظيف اختيار الشباب الذين كانت لهم تجربة سابقة في العمل كمدير رقمي أو استفادوا من دورة تدريبة ميدانية في هذا المجال.


وظائف تستقطب الشباب
ونظرا لزيادة الطلب على هذه الوظائف واستجابة لمتطلبات سوق العمل، بدأت العديد من وكالات الاتصال الخاصة في الجزائر بتقديم دورات تدريبية لفائدة الشباب عبر مختلف مناطق الوطن حول مهارات التسويق الرقمي، إدارة وتسيير المحتويات الرقمية وتقنيات التواصل والترويج للخدمات والسلع عبر مواقع التواصل الاجتماعي. ويوضح رفيق عبيد، مدير وكالة اتصال بالعاصمة: "أحيانا نعمل كوسيط للمؤسسات التي تلجأ إلينا، حيث نقوم بتدريب مجموعة من الشباب ثم نوظفهم كمدراء للمحتوى الرقمي لدى الشركات المتعاملة معنا".

وتستقطب هذه الوظائف الشباب، الذين يجدون فيها فرصة حقيقية لممارسة شغفهم بالتكنولوجيات الحديثة من جهة، وطبيعة الوظيفة التي تتميز بالمرونة من جهة أخرى، حيث تتيح بعض المؤسسات للأشخاص الذين يشغلون وظيفة رقمية بممارسة عملهم كمتعاون حر من البيت أو من وكالة اتصال معينة، ولا تحتم عليه الحضور إلى المقر، ولكن هذا الأمر يخضع لنوع وطبيعة المؤسسة، ففي الوقت الذي تعتمد فيه الوكالات المحلية والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة للموظفين بالعمل عن بعد، تشترط بعض العلامات التجارية المعروفة، سواء الوطنية أو الأجنبية، على الرؤساء الرقميين العمل داخل المؤسسة باعتبارهم جزءاً من النظام الداخلي لها، ومن أبرز هذه المؤسسات تلك التي تنتج علامات معروفة من الأغذية، المشروبات، الأجهزة الإلكترونية، ودور النشر والطباعة والإعلام أيضاً.

ومع زيادة الحاجة إلى تكيف المؤسسات والشركات مع التكنولوجيات الحديثة، والتوجه نحو الرقمنة في الجزائر، ستشهد سوق العمل زيادة الطلب على الوظائف المرتبطة بهذا النشاط مع توقع ظهور وظائف جديدة ستحتم على الجامعات ومراكز التكوين والمعاهد العلمية، التي لا تزال متأخرة، إدراج تخصصات علمية جديدة استجابة لهذه المتغيرات، حيث تشير الدراسات الاستشرافية إلى أن 80 بالمائة من الوظائف التي ستكون موجودة في العالم سنة 2030  ما زالت لم تظهر إلى اليوم، ما يجعلنا نتخيل حجم التغير الذي ستشهده سوق العمل مستقبلا.

المساهمون