تجتهد طهران منذ السبت الماضي في مساعٍ حثيثة لإقناع قادة "التحالف الوطني" الحاكم في العراق، بالتوصل لاتفاق ينهي حالة الانقسام الكبرى من نوعها في "التحالف"، والاتفاق على شكل الإصلاحات السياسية لحكومة حيدر العبادي، الإصلاحات التي يصرّ العبادي عليها وسط معارضة من كتل كبيرة أبرزها التيار الصدري وتحفّظ من كتل أخرى مثل كتلة "المواطن" بزعامة عمار الحكيم.
الوساطات الإيرانية تفسّر جزءاً من التساؤل حول سبب ترك قادة "التحالف" بغداد (مقر إقامتهم) والتوجّه إلى كربلاء والاجتماع هناك بعيداً عما وصفه قيادي في "التحالف" بـ"الأعين الأميركية" التي تمارس ضغطاً على العبادي، بحسب قوله. وعقد العبادي مساء الأحد اجتماعاً في كربلاء مع قادة "التحالف الوطني"، وهم زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، ورئيس المجلس الأعلى عمار الحكيم، ورئيس التحالف ابراهيم الجعفري، وخضير الخزاعي وعلي العلاق وهاشم الهاشمي وحسين الشهرستاني وعبد الكريم الأنصاري.
وكشف قيادي بارز في كتلة "المواطن" لـ"العربي الجديد"، أن "الاجتماع في كربلاء لم يكن ودياً، بل كان متشنجاً وشهد رفع أصوات بين قياداته، انسحب إثر ذلك الزعيم الديني مقتدى الصدر بعد أن أشبع قادة الكتل تهديداً لما قد يفعله في حال لم يتم الأمر بالشكل الصحيح". وأكد القيادي أن "اجتماع كربلاء فشل بالكامل وجاء بنتائج عكسية بسبب مقتدى الصدر وسوء تعامل قادة الكتل معه خلال الاجتماع"، لافتاً إلى أن "المرجع الأعلى علي السيستاني ما زال يغلق بابه أمام قادة التحالف، وعَقد اللقاء في كربلاء وليس النجف مقر المرجعية العليا يثبت ذلك"، مشيراً إلى أن وساطات تجري حالياً لإقناع الفرقاء للجلوس مرة أخرى في اجتماع لم يحدد مكانه خلال الساعات الأربع والعشرين المقبلة.
اقرأ أيضاً: العراق: قادة "التحالف الوطني" يعقدون اجتماع "الفرصة الأخيرة"
وأصدر "التحالف" بياناً رسمياً بعد الاجتماع بثه التلفزيون الرسمي العراقي المملوك للحكومة، أكد فيه التوصل لاتفاق من عدة نقاط، أبرزها رفض تفرد أي فصيل او كتلة في "التحالف" بالقرار، ورفض حمل السلاح في بغداد وباقي المحافظات خارج إطار الدولة، والاتفاق على دعم الإصلاحات والاستمرار بالتشاور.
وحمل البيان إشارات إلى التيار الصدري الذي بدا وكأنه خارج "التحالف"، وهدد زعيم التيار مقتدى الصدر بخطوات جديدة في حال لم يضع حداً لما وصفه البيان بـ"المهزلة"، بعدما كان الصدر قد هدد باقتحام المنطقة الخضراء من قبل المحتجين في حال عدم تحقيق جملة مطالب خلال مدة 45 يوماً.
وكان الصدر قد أعلن عقب الاجتماع أن بيان "التحالف" الختامي للاجتماع الطارئ في كربلاء لا يمثّله. وقال الصدر في بيان تلقت "العربي الجديد" نسخة منه: "أجد لزاماً أن أجعل الشعب في الصورة فأقول إن البيان الختامي الذي نشرته القناة الرسمية لا يمثلنا على الإطلاق ولم يكن بحضوري ولا حضور السيد عمار الحكيم". وأضاف البيان: "الأغلب ميّال لحكومة تحزب وهذا ما رفضته وبعد هذا الاجتماع الذي لا نتائج فيه، يكون من الممكن أن نرفع المطالب من شلع إلى شلع وقلع"، وتعني باللهجة العراقية تغيير الحكومة بالكامل.
ولفت الصدر إلى أن "عدداً من قيادات التحالف لم يكن على علم بمعاناة الشعب ووضعه، وأطلعتهم لكن لا تجاوب"، مضيفاً: "بعد هذا الاجتماع سأوعز لأعضاء وممثلي التيار الصدري بتعليق حضورهم في التحالف الوطني وكنت أول الخارجين من الاجتماع والألم يعتصرني على مستقبل العراق المجهول"، متهماً العبادي بأنه "ليس لديه أي مشروع". وختم بقوله: "أنا وإياكم نستمر بالتظاهر على أعتاب المنطقة الخضراء سلمياً".
وكشف عضو التيار الصدري الشيخ حسين البصري لـ"العربي الجديد"، رفض الصدر طلباً بتجميد التظاهرات، مؤكداً أن تظاهرات يوم الجمعة المقبل ستكون بموعدها وستشمل مدناً أخرى غير بغداد، كما أن المهلة التي أعطاها الصدر لا تزال قائمة. وأضاف البصري: "الصدر يتحدّث الآن باسم السنّة والشيعة والأكراد وكل مكوّنات الشعب، فيما القادة السياسيون لا يدرون ما يحل بالشعب، والدولة على شفير الانهيار، وبالتالي يجب ان يتصدر أحد المبادرة لوقف تلك المهزلة".
وترفض قيادات التحالف حتى الآن الإدلاء بأي تصريح حول الأزمة باستثناء البيان الرسمي الذي صدر عنها فجر الاثنين والذي فنده فيما بعد الصدر.
اقرأ أيضاً: العراق: فشل اجتماع كربلاء والصدر يهاجم التحالف والحكومة