وليس مستغرباً مهاجمة أي قرار تتخذه وزارة بلقاسم، خاصة عند تأييدها مراجعة مرسوم لوك شاتيل، الوزير اليميني السابق للتربية الوطنية، الذي يَحظُر على الأمهات المحجبات اصطحاب أبنائهن، بشكل مجاني تطوّعي، في نزهات مدرسية خارج المدرسة، فوصفتها مجلة "فالور أكتويال" بآية من آيات الله. ثم جاءت محنة المطاعم المدرسية وما سمي بـ"الوجبة الجمهورية"، التي قرّر بعض رؤساء البلديات اليمينيين عدم تقديم طبق أو وجبة بديلة للتلاميذ المنحدرين من أُسَر مسلمة.
آخر هذه المعارك التي تواجهها الوزيرة مسألة "تدريس اللغة العربية وفق نفس شروط تدريس باقي اللغات الحيّة الأخرى"، في "المدرسة الجمهورية". ولكن الأمر الذي يبدو منطقياً ويصلح الحيف الذي تتعرض له لغة الضاد، لا يروق لبعض ممثلي اليمين المعارض (الكلاسيكي).
فالنائبة آني جينيفارد رأت في الأمر: "إدخالاً لِلُغات "جماعاتية" (طائفية)، في البرامج المدرسية، ما يُلغّم الوئام الوطني"، وهي تصريحات أشعلت قسماً من الرأي العام الفرنسي.
الوزيرة نجاة فالو- بلقاسم، ردّت ساخرة على النائبة اليمينية التي اعتبرت اللغات البرتغالية والإسبانية والإيطالية والتركية والصربية والكرواتية والعربية، لغاتٍ جماعاتية، في مقال لها في صحيفة "لوجورنال دي ديمانش": "بأن الجميع يعرف إلى أيّ درجة تُعتبَرُ قراءة نصوص دانتي وبيسوا وسيرفانتس وأورهان باموك ونجيب محفوظ ثمينة، وفعلاً تلغّم الوئام الوطني!".
كما ذكّرت في البرلمان بردّ صريح "بالكرامة المتكافئة لجميع اللغات الأجنبية داخل الجمهورية".
ولكن الأمر، كما تقول وزيرة التربية الوطنية الفرنسية، يتجاوز "جهل هذه النائبة، ونواياها السخيفة في إطلاق سجال يضاف إلى السجالات السابقة حول التربية، وإضفاء الطابع الكاريكاتوري على الإصلاحات التي أقوم بها حتى تكونَ مدرسةُ الجمهورية في مستوى الرهانات التعليمية في زمننا".
وأضافت "أجدني مضطرة لإدانة فكر يدافع عن الإقصاء والانطواء على الذات بعنف غير مشهود. وهو صراع شعبويّ وديماغوجيّ يُوظِّف مدرسةَ الجمهورية لِغايات أيديولوجية مستترة، والتي لا يجب أن نتردد في وصفها بأنها كارهة للأجانب، بشكل عميق، ومُعارِضة للتقليد الجمهوري الذي جعل من فرنسا البلد الجميل والكبير".
وتكشف الوزيرة أن النائبة كان عليها أن تبتهج بالإصلاح الذي تقوم به الوزارة، لأنه "يقوم، تحديداً، ببسط سيطرة الدولة على التعليم الذي كانت تنجزه "إلكو"ELCO، (تدريس اللغات والثقافات الأصلية)، الذي كان يضطلع به، منذ سبعينات القرن الماضي، مدرّسون أجانب تبعث بهم حكوماتهم، والذي كان يؤدي، أحياناً إلى انحرافات، وبالتالي إدراج هذه اللغات الأجنبية الحية في إطار المدرسة العلمانية المجانية والإلزامية".
وتفنّد الوزيرة رأي القائلين بأن تعليم اللغات الأجنبية يتناقض مع الأولوية المطلقة المتمثلة في تعلم اللغة الفرنسية في البرامج الجديدة، وتكتب: "بأن الدراسات العلمية برهنت، على العكس، بأن التعددية اللسانية تُحسّن القدرات اللسانية لدى التلاميذ".
وتعتبر بلقاسم، أن "معارضة لغتنا الفرنسية، باللغات الأخرى، رؤية ضيقة ورجعية. وحتى نُنمّي لدى كل أبناء بلدنا الشعور الثمين بالانتماء إلى الجمهورية، علينا أن نتيح لهم الانفتاح على الثراء الذي تمثّله التعددية اللسانية".