النفط... لتمويل داعش

14 ديسمبر 2015
النفط من مصادر تمويل داعش (وكالة الأناضول)
+ الخط -
تُمثّل مبيعات النفط أكبر مصدر دخل مستمر لتنظيم "داعش"، وهو السبب الأساسي الذي ساعد التنظيم على استمرار سيطرته على دولة "الخلافة" المعلنة على مناطق شاسعة في العراق وسورية. اليوم، التنظيم بات يسيطر على ما يقارب من ثلثي طاقة إنتاج النفط في سورية، ما يوفر مصدراً أساسياً لتمويل آلته الحربية. لكن إلى أي مدى يمكن لقادة التنظيم العمل في حقول النفط وتوصيل إنتاجهم إلى الأسواق؟ هذا السؤال أصبح محور اهتمام قوات التحالف، بقيادة الولايات المتحدة، والتي كثفت من ضرباتها الجوية ضد منشآت النفط في الأسابيع الأخيرة لوقف التنظيم من استخدام عائدات النفط لتمويل دولة "الخلافة". 
سيطر "داعش" على معظم المنشآت النفطية في سورية منذ أن استولى على المنطقة الشرقية لدير الزور في صيف العام 2014. وبحلول يوليو/تموز من ذلك العام، أدت هزيمة الفصائل المنتشرة في المنطقة على يد "داعش" إلى استيلاء التنظيم على أكثر من حقل نفطي استراتيجي بما فيها حقل "عمر"، والذي يعتبر أهم المنشآت النفطية في سورية، إضافة إلى حقول التنك والجفرا والورد. علاوة على ذلك، يواصل مسلحو التنظيم حربهم من أجل السيطرة على حقل الشاعر للغاز وحقل جزل للنفط، القريبين من المناطق الصحراوية الشرقية في محافظة حمص، إضافة إلى حقول الغاز القريبة من مدينة تدمر، والتي تعتبر من أهم حقول الغاز في سورية.
رغم ذلك، فإن إنتاج النفط والغاز في سورية ليس قريباً، بأي حال من الأحوال، من مستويات ما قبل الحرب، حيث يشير محللو الطاقة إلى أن إنتاج النفط الحالي في سورية يتراوح بين 32 ألفاً إلى 45 ألف برميل يومياً مقارنة مع 380 ألف برميل يومياً قبل الحرب، مع تراجع إنتاج الغاز بنسبة 45٪ على الأقل عن مستوياته السابقة.

أليات التسويق

لكن كيف بإمكان هذا التنظيم القيام بجميع العمليات المتعلقة بالنفط من تكرير ونقل وبيع؟ في الواقع، يُباع معظم النفط المنتج إلى المصافي الصغيرة المملوكة للقطاع الخاص والمنتشرة، بمعظمها، في شمال شرق سورية، حيث يتم تشغيل هذه المصافي، في الغالب، من قبل مدنيين غير تابعين لتنظيم داعش. هؤلاء المدنيون هم سكان المناطق التي دمرت الحرب سبل رزقهم الوحيدة، حيث يقومون باستخراج الخام مباشرة من حقول النفط، ومن ثم تكريره وبيعه في السوق السوداء. هؤلاء المدنيون، في واقع الحال، هم مفتاح صمود تجارة النفط بالنسبة لتنظيم داعش، إذ يقع على عاتقهم تكرير ونقل وبيع النفط، إضافة إلى تحملهم مخاطر الضربات الجوية، من قبل قوات التحالف ضد البنية التحتية للنفط، دون حصولهم على أي تعويضات من قبل داعش.

ويستخدم النفط المنتج للاستهلاك المحلي في المناطق التي يسيطر عليها داعش، وفي كثير من الأحيان يتم بيعه لجماعات أخرى من المعارضة، وللحكومة السورية، حيث يقوم التنظيم ببيع النفط الخام للمهربين بأسعار متدنية تصل الأسعار فيها أحياناً إلى 10 دولارات للبرميل، فقط، أي أقل بنسبة 75% مقارنة بأسعار السوق الدولية. ورغم أن جزءاً كبيراً من نفط "داعش" لا يصل إلى الأسواق الخارجية، إلا أن بعض التقارير تحدثت عن أن كميات من النفط قد شَقّت طريقها إلى الأردن وتركيا، رغم نفي البلدين هذه المزاعم باستمرار.
ومؤخراً، شنت قوات التحالف عمليات عسكرية جديدة بغية تكثيف الهجمات على حقول وناقلات النفط، حيث قال "البنتاغون" إنه دمر بضع مئات من ناقلات النفط في مناطق داعش خلال الأسبوعين الأخيرين من الشهر الماضي. وقبل أيام، ضُربَ حقل نفط "عمر" الاستراتيجي من قبل الطائرات الحربية البريطانية في غارة شكلت أول حملة قصف بريطانية في سورية بعد موافقة البرلمان البريطاني، بأغلبية ساحقة، على البدء بشن عمليات عسكرية.
ومع بدء روسيا ضرباتها الجوية ضد داعش، فإن معظم التقديرات المتعلقة بالإيرادات النفطية تحوم حول ثلاثة ملايين دولار يومياً. مع ذلك، يرى المحللون أن هذه التقديرات مبالغ فيها بشكل كبير، في إشارة إلى التقرير الداخلي المعلن عنه من قبل التنظيم في شباط/فبراير الماضي، والذي أظهر عدم تجاوز عائدات التنظيم النفطية أكثر من مليوني دولار شهرياً.
(خبير اقتصادي أردني)

اقرأ أيضاً:"داعش" يتخطى النفط: ثروة من الصوامع والضرائب والمخدرات
المساهمون