النفط في سوق المقاومة

18 ديسمبر 2017
لا تقدّم القوى السياسية برامج واضحة (حسين بيضون)
+ الخط -


لا تُقدّم القوى السياسية اللبنانية برامج سياسية مُتكاملة للترويج الانتخابي أو لكسب ثقة الناخبين، بل تدور مُختلف العناوين الإصلاحية التي تقول إنها تتبناها حول الأهداف "المُقدّسة" التي انطلقت من أجلها هذه الأحزاب. وليس أقدس من فعل المقاومة في بلد كلبنان. الجميع قاوم، وبالتالي قدّم "شهداء". ولكل حزب قدّم "شهداء" رصيد سياسي لا ينتهي. قاوم البعض الاستعمار الفرنسي، والبعض الآخر المد الناصري، وآخرون العدو الإسرائيلي. وخلال عقود تحولّت المنافسة السياسية بين الأحزاب إلى "مقاومة لمنهج الإلغاء". وهكذا تدحرجت فكرة "المقاومة"، وفقدت الكثير من قيمتها المعنوية بين اللبنانيين لكثرة ما "قاوم المقاومون".

واليوم، ومع انطلاق الخطوات العملية لاستخراج النفط والغاز من المياه الإقليمية اللبنانية، صرّح أكثر من وزير في حكومة سعد الحريري بأن "هوية النفط اللبنانية هي هوية مُقاومة"، وأن المسارعة إلى تلزيم إحدى الرقع النفطية الواقعة على الحدود مع فلسطين المُحتلة هو "فعل مقاومة للأطماع الإسرائيلية في الثورات اللبنانية". يُلصق السياسيون اللبنانييون صفة "المقاومة" على أكبر الصفقات المالية في تاريخ لبنان الحديث.

تُقدّر قيمة الثروة النفطية بمئات مليارات الدولارات، وشاب مسار إقرار المراسيم اللازمة لإدارة القطاع والمناقصات الكثير من الشكوك حول نزاهة هذه العملية. وفاقم التوزيع الطائفي لمقاعد هيئة إدارة القطاع من مخاوف البعض، في تحول هذه الهيئة إلى أداة بيد القوى السياسية الطائفية لتصفية الحسابات وتقاسم الثروات. تحدث بعض النواب في مجلس النواب عن طلب مسؤولين رشوة بقيمة مليار دولار من شركة طاقة إيطالية مقابل رسو إحدى المناقصات عليها. انتهت فضيحة الرشوة المُفترضة دون أن تبدأ. فتشوا عن "المقاومة" ومفعولها السحري في لبنان. ​