في تطور غير مسبوق، تعرضت مرافق نفطية حيوية شرق السعودية، لهجوم بطائرات من دون طيار تبنته جماعة الحوثيين في اليمن، ما أدى إلى توقف ضخ النفط في خط أنابيب رئيسي في المملكة، ما تسبب في ارتدادات عنيفة لسوق المال التي خسرت نحو 11 مليار دولار في تعاملات، اليوم الثلاثاء، وصلت توابعها إلى أسهم أبوظبي الحليفة.
ويأتي إعلان السعودية عن توقف النفط في أنبوب رئيسي، في سابقة هي الأولى من نوعها، حيث دأبت في السنوات الأربع الأخيرة على التقليل من تأثير هجمات الحوثيين، الذين يشنون من وقت لآخر ضربات بطائرات من دون طيار وصواريخ موجهة، في إطار الحرب التي تقودها الرياض وأبوظبي ضدهم في اليمن لدعم الحكومة الشرعية.
وقال وزير الطاقة السعودي خالد الفالح، في بيان نشرته وكالة الأنباء الرسمية "واس": "تعرّضت محطتا ضخ لخط الأنابيب شرق - غرب الذي ينقل النفط السعودي من حقول النفط بالمنطقة الشرقية إلى ميناء ينبع على الساحل الغربي، لهجوم من طائرات بدون طيار مفخخة".
وأضاف: "قامت أرامكو السعودية بإيقاف الضخ في خط الأنابيب حيث يجري تقييم الأضرار وإصلاح المحطة لإعادة الخط والضخ إلى وضعه الطبيعي"، مشددا في الوقت ذاته على "استمرار الإنتاج والصادرات السعودية من النفط الخام والمنتجات بدون انقطاع".
وتقع المحطتان في محافظتي الدوادمي ومحافظة عفيف بمنطقة الرياض على بعد 220 و380 كيلومترا شرق العاصمة السعودية.
ويبلغ طول خط الأنابيب نحو 1200 كيلومتر، وتمر عبره خمسة ملايين برميل نفط يومياً على الأقل، من المنطقة الشرقية الغنية بالخام، إلى المنطقة الغربية على ساحل البحر الأحمر.
ويتيح خط الأنابيب للمملكة نقل النفط من المنطقة الشرقية وتصديره عبر موانئ البحر الأحمر، بعيداً عن الخليج ومنطقة مضيق هرمز حيث تتصاعد التوترات بين الولايات المتحدة وإيران.
وأعلن الحوثيون في وقت سابق، الثلاثاء، عبر قناة المسيرة المتحدثة باسمهم عن استهداف "منشآت حيوية سعودية" بسبع طائرات من دون طيار، مشيرين إلى أن "هذه العملية العسكرية الواسعة رد على استمرار العدوان والحصار على أبناء شعبنا".
وانعكس الهجوم على مرافق النفط السعودية، على أسعار الخام عالميا، حيث بلغت العقود الآجلة لخام القياس العالمي برنت 70.79 دولارا للبرميل مرتفعة 56 سنتا بما يعادل 0.80 في المائة. وبلغت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 61.35 دولارا للبرميل، مرتفعة 31 سنتا أو 0.51 في المائة.
وشهدت البورصة السعودية تذبذباً حاداً بين الصعود والهبوط، حيث بدأت التعاملات على ارتفاع تجاوزت نسبته 2 في المائة، لكن سرعان ما تحول إلى هبوط بنفس النسبة في أعقاب إعلان الحكومة تعرض محطتي ضخ نفط للهجوم، لكن عمليات شراء على أسهم منتقاة تدخلت لإنقاذ السوق من التهاوي، لكن موجات البيع جاءت أكثر حدة ودفعت السوق إلى الإغلاق على ارتفاع طفيف بلغت نسبته 0.09 في المائة عند مستوى 8374.27 نقطة.
وتراجعت أسهم 145 شركة من إجمالي 192 شركة مقيدة، لتخسر الأسهم نحو 41.5 مليار ريال (11 مليار دولار)، حيث أغلق رأس المال السوقي عند 1.961 تريليون ريال (522.9 مليار دولار) ما يرفع الخسائر منذ نهاية تعاملات الأسبوع الماضي إلى نحو 92 مليار ريال (24.5 مليار دولار).
وكانت السوق قد تعرضت في الجلستين السابقتين لخسائر ثقيلة، متأثرة بالتوترات في منطقة الخليج، خاصة إعلان واشنطن، نهاية الأسبوع الماضي، موافقة وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) على نشر سفينة حربية وصواريخ باتريوت في المنطقة لمواجهة تهديدات إيرانية للمصالح الأميركية، وكذلك تعرض سفن تجارية منها ناقلتا نفط سعوديتان لهجمات قبالة ساحل إمارة الفجيرة في الإمارات يوم الأحد الماضي.
وطاولت الخسائر السعودية، سوق أبوظبي للأوراق المالية، ليهبط بنسبة 2.57 في المائة عند مستوى 4802.58 نقطة، ويلامس أدنى مستوى له خلال 2019.
وخسر رأس المال السوقي نحو 5.47 مليارات درهم (1.49 مليار دولار) بنهاية التعاملات، ليصل إلى 493.95 مليار درهم، ما يزيد من الخسائر المسجلة منذ نهاية الأسبوع الماضي إلى نحو 18.8 مليار درهم.
وتتزايد مخاوف المستثمرين، ما يضغط على البورصات الخليجية، ولا سيما السعودية والإماراتية التي تشهد عمليات بيع عشوائية وواسعة.
وكان مسؤول كبير في أحد بنوك الاستثمار الإقليمية، قد قال لـ"العربي الجديد" أمس الاثنين، إن ما شهدته البورصات الخليجية يومي الأحد والاثنين الماضيين من تراجع حاد، هو بداية فقط لعمليات هروب كبيرة من جانب المستثمرين من أسواق المال، في ظل التوترات السياسية والعسكرية المتسارعة في المنطقة.