النظام السوري يقصف الأسواق...وانفلات الأسعار يتواصل

10 مارس 2016
الأسعار تواصل الارتفاع رغم الهدنة (فرانس برس)
+ الخط -
رغم تطلعات الشعب السوري إلى أن تخفف هدنة وقف إطلاق النار، من أزماتهم المعيشية وتوفر لهم المنتجات الغذائية والخدمات، إلا أن ممثلي منظمات إنسانية ومواطنين رأوا عكس ذلك، بعد استمرار نظام بشار الأسد وحلفائه بخرق الهدنة، واستهداف الأسواق والمنازل، ما أدى إلى استمرار فلتان الأسواق وارتفاع الأسعار، ولكنهم أكدوا أن الأعمال القتالية قلت في بعض المناطق ما أعطى دفعة طفيفة لأسواقها.
ووثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، مئات الخروقات للهدنة عبر القصف وإطلاق النار وتدمير المنازل والمؤسسات.
ويقول مسؤول بارز في اتحاد الفلاحين بالعاصمة دمشق، لـ"العربي الجديد"، إن إطلاق النار لم يتوقف كلياً، ولكن الهدوء يعم ساحات سورية ومناطق إنتاج غذاء في درعا وريف دمشق ومدن الساحل السوري، ما زاد من العرض السلعي للمنتجات الموسمية بأسواق العاصمة، لكن الأسعار لم تتغير.
ويضيف المسؤول، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن أنماطاً استهلاكية جديدة ظهرت بالأسواق السورية مؤخراً، في ظل تفاقم الأزمات الاقتصادية، ومنها شراء المنتجات الزراعية بالحبة، لارتفاع أسعارها.
وحول أسباب استمرار ارتفاع الأسعار رغم الهدوء النسبي للأعمال القتالية، يؤكد المسؤول، أن تضخم الليرة السورية وارتفاع أجور النقل هما السببان الرئيسان وراء ارتفاع الأسعار، فسعر صرف الدولار بدمشق ورغم كل محاولات الحكومة، مازال نحو 440 ليرة سورية، وأجور نقل الخضر والمنتجات تضاعفت أكثر من عشرة أضعاف خلال السنوات الماضية.
ويتابع "كانت أجور سيارة تنقل الخضر من مدينة إزرع بدرعا إلى دمشق قبل الحرب، نحو 2000 ليرة (الدولار = 405 ليرات رسمياً) لكن الأجور تزيد حالياً عن 25 ألف ليرة للسيارة، رغم أن المسافة 78 كيلومتراً فقط، بالإضافة إلى الرشى التي تدفع على حواجز المعارضة والنظام، في حين تبلغ أجور سيارة نقل المواد الغذائية من مدينة طرطوس الساحلية غربي سورية، إلى دمشق نحو 100 ألف ليرة".
ويعاني المواطنون السوريون من غلاء فاحش في الأسعار، تشمل المناطق التي يسيطر عليها النظام، مما خلف حالة تذمر شديد.

وفي هذا الصدد تقول المواطنة حنان جبور إن "أسعار المنتجات الغذائية لم تنخفض في دمشق رغم مرور عشرة أيام على وقف القتال، فما زالت الأسعار أعلى من قدرة السوريين الشرائية، فسعر كيلو البطاطا 200 ليرة، والبندورة 250 ليرة، واللحوم وصلت إلى 4500 ليرة. وتشير جبور لـ"العربي الجديد"، إلى تراجع عرض ونوعية الفواكه بالسوق السورية وارتفاع أسعارها خلال الأسابيع الأخيرة، فسعر كيلو التفاح بلغ 250 ليرة والبرتقال 150 ليرة.
وفي هذا السياق، أكد الاقتصادي محمود حسين، لـ"العربي الجديد"، أن أسباب ارتفاع الأسعار، يرجع إلى تصدير المنتجات السورية إلى روسيا، قائلاً: "إن الحكومة السورية صدرت منذ شهر فبراير/شباط الماضي، باخرتين بحمولة تزيد عن 3000 طن من الخضر والفواكه، ما أدى لتراجع العرض للسلع الموسمية وعلى رأسها الحمضيات داخل البلاد، وبالتالي ارتفاع أسعارها".
ويضيف حسين أن نظام بشار الأسد استفاد من الهدنة ليجمع المنتجات من المحافظات باتجاه قرية الصادرات بمدينة اللاذقية، ليتم تصديرها إلى موسكو، لأن القرار السياسي اتخذ بتصدير باخرة كل 15 يوماً، رغم ما تعانيه الأسواق من ندرة وارتفاع أسعار وما يعانيه السوريون من فقر وتجويع.
والحال ينسحب على المناطق المحررة شمالي سورية، بل زاد المعاناة خرق الهدنة واستمرار قصف المراكز الحيوية والأسواق الشعبية.

اقرأ أيضا: روسيا تنقب عن الغاز بالمياه الإقليمية السورية

وقالت تنسيقيات الثورة، إن الطيران الحربي استهدف بلدة "أبو الظهور" بريف إدلب الشرقي عبر ثلاث غارات ضربت سوقا شعبيا تلاها استهداف المكان ذاته بالبراميل المتفجرة، وأوضحت في بيان صحافي، أن مركزاً لبيع المحروقات أصابته صواريخ الطائرات، ما تسبب باشتعال حرائق كبيرة وانفجار عدة أسطوانات غاز وإصابة العشرات على إثره.
ويقول العامل بالشؤون الإغاثية في ريف إدلب، محمود عبد الرحمن، لـ"العربي الجديد"، إن وتيرة القصف تراجعت عدا بعض الخروقات، لكن ذلك لم ينعكس على حياة السوريين، مشيراً إلى شح المنتجات الغذائية في الأسواق بالمناطق المحررة، مع الاعتماد على بعض المنتجات التي تأتي عبر تركيا من معبر باب الهوى والتي لا تكفي احتياجات المواطنين. ويضيف عبد الرحمن أن أسعار المازوت ارتفعت من 70 ليرة إلى 270 ليرة، بعد توقف ضخ تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) المحروقات إلى ريفي إدلب وحلب.

وزاد من معاناة السوريين بالمناطق المحررة، بحسب عبد الرحمن، تراجع سعر صرف الليرة مقابل الدولار لنحو 440 ليرة في السوق السوداء في حين أن سعره الرسمي يبلغ 405 ليرات، مشيراً إلى أن الباعة يحسبون أسعار المنتجات المحلية والمستوردة على أساس سعر الدولار.
وتوقع محللون مزيداً من تراجع سعر صرف الليرة خلال الفترة المقبلة، رغم القبضة الأمنية وملاحقة شركات الصرافة، لنحو 500 ليرة للدولار، ما يعني تراجع القدرة الشرائية للسوريين الثابتة دخولهم، كما ستقفز أسعار السلع بشكل كبير، حيث إن معظم احتياجات السوريين يتم استيرادها. ويتوقع المحللون أيضاً، زيادة نسبة الفقر التي تجاوزت 70% من السوريين حالياً، حسب تقارير دولية.
وثمة إيجابيات حققها وقف إطلاق النار تجلت في إفساح بعض مجال لعودة مهجرين لمنازلهم، فضلاً عن إصلاح بعض محطات الكهرباء ومراكز توزيع المياه، حسب عبد الرحمن.
وقالت مصادر، لـ"العربي الجديد"، إن "حركة أحرار الشام" في ريف حمص، وثوار ريف حماة، اتفقا مع جيش بشار الأسد والمليشيات المقاتلة معه، على تزويد قرى منطقة "الحولة" بريف حمص وسط سورية بالكهرباء، لعدة ساعات باليوم، مقابل السماح لورشات الكهرباء التابعة للنظام بالدخول إلى "حربنفسه" و"كيسين" لإصلاح أبراج الكهرباء المنهارة وصيانة خطوط نقل الطاقة، وعدم استهداف محطة "الزارة"، لتوليد الكهرباء من قبل الجيش الحر بريفي حمص الشمالي وحماة الجنوبي.
وأكدت المصادر، التي رفضت ذكر اسمها، أن شركة صينية تعمل على توسعة محطة "الزارة" لتوليد الكهرباء، وطلبت من النظام ومليشياته، إيقاف الحملة العسكرية على "حربنفسه" و"طلف"، فورا وعقد هدنة مع ثوار المنطقة، وذلك بعد أن تعرّضت المحطة في بداية شهر مارس/آذار الجاري لصواريخ "غراد"، أطلقها "جيش التوحيد" بريف حمص الشمالي، ردا على 100 غارة للطيران الروسي وطيران النظام الحربي والمروحي، وعشرات الصواريخ والقذائف في خرق للهدنة من قوات الأسد والطيران الروسي.



اقرأ أيضا: منازل سورية في مزاد إيران وحزب الله
المساهمون