النظام السوري يرفع سعر البنزين 13% وانفلات بالدولار

17 يونيو 2019
زيادات متلاحقة في أسعار البنزين تزيد أعباء المواطنين(فرانس برس)
+ الخط -

رفع النظام السوري سعر البنزين "90 أوكتان" الأكثر استهلاكا في سورية بنحو 13%، لتصل نسبة الزيادات التي فرضها النظام منذ عام 2012 حتى الآن إلى 673%، في إطار سياسة لتعويض خسائر فقدان موارد النفط من جيوب السوريين، وفق محللين اقتصاديين.

ووفق قرار لوزارة الداخلية وحماية المستهلك، تقرر زيادة سعر لتر البنزين "أوكتان 90" غير المدعوم إلى 425 ليرة (0.97 دولار وفق سعر الصرف الرسمي) بدلاً من 375 ليرة.

وأشار القرار إلى خفض سعر البنزين "أوكتان 95" لنحو 550 ليرة ، مقابل 600 ليرة في السابق. لكن مصدرا مطلعا قال لـ"العربي الجديد" إن هذا الصنف من البنزين لا ينتج في سورية ولا يمكن استيراده في ظل العقوبات الأميركية، واصفا وضع هذا النوع من البنزين في قرار تحريك الأسعار مع خفض قيمته "بمثابة تضليل من قبل الحكومة".

وشهدت سورية خلال سنوات الثورة، ارتفاعات متتالية في سعر البنزين، بدأت في مارس/ آذار 2012، بأول زيادة سعرية من 55 ليرة للتر إلى 65 ليرة، ليليها الارتفاع الثاني بعد نحو شهرين إلى 80 ليرة، وبعد عام رفعت وزارة حماية المستهلك السعر إلى 100 ليرة، واستمر مسلسل رفع السعر في عام 2013 ليصل إلى 140 ليرة، وفي 2015 إلى 150 ليرة.

وفي أغسطس/آب 2016 ارتفع سعر لتر البنزين إلى 160 ليرة، وتتالت الارتفاعات خلال عامي 2017 و2018 ليصل السعر قبل الزيادة الأخيرة، امس الأحد إلى 375 ليرة للتر.

ويرى محللون اقتصاديون أن نظام الأسد، يسعى من وراء زيادة الأسعار، إلى تعويض الخسائر نتيجة فقدانه موارد النفط التي كانت تساهم بنحو 24% من الناتج الإجمالي لسورية ونحو 25% من عائدات الموازنة وحوالي 40% من عائدات التصدير.

ووصلت خسائر القطاع النفطي المباشرة وغير المباشرة منذ بدء الثورة عام 2011 إلى 74.2 مليار دولار، وهو ما يزيد عن 20 تريليون ليرة سورية، بحسب تصريحات أخيرة لوزير النفط والثروة المعدنية علي غانم.

وتفاقمت الخسائر بعد العقوبات الأخيرة التي فرضتها الولايات المتحدة نهاية مارس/آذار الماضي، والتي تهدف إلى إعاقة وصول النفط إلى سورية.

وتحتاج سورية بوضعها الحالي يومياً إلى ما لا يقل عن 4.5 ملايين لتر من البنزين وإلى 6 ملايين لتر من المازوت، و7 آلاف طن من الفيول و12 ألف طن من الغاز، أي أن الحكومة تحتاج إلى فاتورة مالية شهرية تقدر بنحو 200 مليون دولار.

ومن المتوقع أن تشهد أسعار الوقود ومختلف السلع زيادات جديدة في الفترة المقبلة، مع تهاوي سعر صرف الليرة في السوق الموازية، لتصل إلى 602 ليرة للدولار للبيع و599 ليرة للشراء، اليوم الإثنين، في دمشق، وذلك لأول مرة منذ ثلاث سنوات، ليصل الفارق بين السعرين في السوق الموازية والرسمية إلى 168 ليرة.

ويأتي تهاوي سعر الليرة في السوق الموازية رغم الحملات الأمنية التي تقوم بها حكومة بشار الأسد ضد شركات الصرافة، حيث كشفت مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد" أن هيئة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب قامت بالتعاون مع مفوضية الحكومة لدى المصارف والجهات الأمنية المختصة، بمصادرة أموال شركة صرافة في دمشق واعتقال صاحبها، أمس الأحد، بتهمة استقبال الحوالات الخارجية وإرسالها وتوزيعها بالنقد الأجنبي في السوق السوداء.

وقال عماد الدين المصبح، الخبير الاقتصادي السوري لـ"العربي الجديد" إن "هناك أسبابا اقتصادية حقيقية وراء تراجع سعر صرف الليرة، ومن الخطأ إنكار الأسباب والبحث عن ضحية لتحميلها الوزر".

وأضاف المصبح أن "حكومة الأسد التي توقفت عن تمويل العمليات التجارية، دفعت التجار والمستوردين لشراء النقد الأجنبي من الأسواق، وهذا طبعاً أحد أهم أسباب ارتفاع سعر الدولار".


وتابع : "توجد أسباب اقتصادية أخرى، منها شبه إفلاس المصرف المركزي الذي بدد على شراء الأسلحة والحرب على السوريين، جميع احتياطياته الأجنبية التي كانت مطلع 2011 نحو 18 مليار دولار ووقف عاجزاً اليوم عن التدخل وتصويب الأسعار".

وأشار إلى أن كل هذه الأسباب تزيد عدم ثقة السوريين في عملتهم، ما يدفعهم لتبديلها بالعملات الأجنبية أو الذهب، الذي قفز سعر الغرام منه أخيراً إلى 21500 ليرة، وهو أعلى سعر يسجل في سورية على الإطلاق.

وانعكس تراجع سعر صرف الليرة على أسعار الكثير من السلع التي زادت بنسبة تصل إلى 10%، اليوم الإثنين، مقارنة بالأسبوع الماضي، بحسب مصادر مطلعة في دمشق، إذ سجل سعر كيلو البندورة (الطماطم) 400 ليرة، اليوم الإثنين، وسعر كيلو الدجاج 1600 ليرة ولحم الخروف 6500 ليرة.

وقال علي الشامي الخبير الاقتنصادي، إن فوضى الأسعار وغياب الرقابة تلفّ الأسواق السورية، فضلا عن سياسة النظام عبر طرح أوراق نقدية بشكل مستمر بصرف النظر عن آثرها على التضخم، الأمر الذي يزيد من إفقار السوريين، في ظل ثبات مدخول الواحد منهم عند نحو 40 ألف ليرة شهريا.

المساهمون