النساء والسلطة والفساد

11 سبتمبر 2015
سياسيو لبنان على أرض ساحة الشهداء (فرانس برس)
+ الخط -
لوحة كبيرة رُفعت في حراك بيروت تحمل صوراً لأبرز زعماء لبنان، وتحت كلّ صورة شعار فساد مختلف مع هاشتاغ "كلكم يعني كلكم". جميع من في اللوحة رجال. ما الغريب في الأمر؟ هؤلاء هم رجالات الدولة في لبنان. هم رؤساء أحزابه، والناطقون باسم طوائفه، وحكّام أبرز مفاصل السلطة فيه. وهم أنفسهم أبطال المحاصصة والتوريث. هؤلاء الرجال "طلعت ريحتهم" بسبب الفساد وآخر ملفاته النفايات.

هؤلاء الرجال فاسدون. الفساد بأبسط أشكال تعريفه هو استغلال السلطة العامة من أجل مصالح خاصة. المعادلة إذاً بسيطة: جميع من في السلطة رجال، بعقلية مركبة ذكورية ـ طائفية ـ وتقليدية، فتأتي النتيجة: تهميش لحقوق المواطنين عموماً، وتهميش مضاعف لحقوق النساء.

إلى الزعماء الذين استفزوا من الصورة ومن التوصيف، نود أن نلفت انتباهكم إلى أنه يعد فساداً عدم الالتفات إلى الحقوق المعيشية للناس، كالحق بالوصول إلى الخدمات العامة من كهرباء وماء وصرف صحي وطرقات ونفايات ومساحات عامة وغيرها. ويعد فساداً أيضاً حين تعيد المنظومة القانونية فرز أشكال التمييز بحق النساء. ويعد فساداً عدم تخصيص موازنات الدولة والإنفاق العام على قضايا اجتماعية كالتعليم والصحة والضمان الاجتماعي التي تؤثر على النساء بصورة أكبر (في ما خص التعليم الرسمي أو الصحة الجنسية والإنجابية وصحة الأم والطفل وغيرها). ويعد فساداً أيضاً عدم الالتزام بوضع حد للعنف بحق النساء، وربما القيام بدراسة لتقدير كلفته على النساء والمجتمع والاقتصاد.

لا يتأثر الرجال والنساء من نتائج الفساد بشكل متساوٍ. ولن يعرف أحد كيف تتأثر النساء من منظومة الفساد سوى النساء أنفسهن. والسؤال: هل النساء أقل فساداً في مواقع صنع القرار؟ أو ربما السؤال: هل السلطة والفساد متلازمان؟ لن نعرف كيف يمكن للنساء أن يدرن المصالح العامة إلاّ إذا شاركن في هذه المواقع. وفي ظل غياب حالي لأي بديل عن المنظومة الطائفيةـ الدينية، فإنّ الوجوه النسائية المتأملة قد يفرزها النظام نفسه. لكن في ظل ما يعيشه لبنان من حراك اجتماعي في الفترة الأخيرة، وفي مواكبة حراك بيروت الاجتماعي، نحن بحاجة إلى أن تسمع أصوات النساء في مواقع القرار.

وهنا جوهر الموضوع: نلحظ في طاولة الحوار التي عُقدت الأربعاء غياباً كاملاً للنساء، يترافق مع غياب آخر لطرح قائم على قاعدة حقوقية. نفس الوجوه يتحاصصون الأرباح من المرافق العامة، ويختلفون إذا تضاربت مصالحهم.

إلى زعماء الطوائف: ألا ترون أنّ دوركم اليوم يحتم الدعوة إلى "خطة تحرك" وليس إلى "طاولة حوار"؟ فحواركم سيسعى بأقصى حدّ إلى تقنين فسادكم.

*ناشطة نسوية

إقرأ أيضاً: هي وهو في حراك بيروت
المساهمون