دفعت موجة الحرّ غير المسبوقة، شمال غربي سورية، بالنازحين في المخيمات، لاتّباع طرق بدائية بهدف الصمود أمام الحرارة الحارقة، التي زاد من حدتها افتقار المخيمات للأدوات المناسبة لمواجهتها.
النازحة يسرى (أم خالد) في مخيّم الساروت شمالي إدلب تعيش "في جحيم"، كما تقول لـ"العربي الجديد"، "فدرجات الحرارة لا تحتمل، وموجة الحرّ الحالية أصعب بكثير من الموجة السابقة التي ضربت المنطقة قبل أيام". وتوضح أن لا حلول لديها "سوى الصبر حتى انقضاء هذه الموجة".
وليس لدى يسرى وعائلتها سوى الماء لمواجهة الحرّ الشديد، فتبليل الملابس هو الخيار الوحيد لديهم، مشيرة إلى أنّها هي وأفراد عائلتها يحصلون على الماء البارد بعد شراء قوالب الثلج ووضعها في حافظة، حيث تدوم برودته لعدّة ساعات فقط، نظراً للحرارة المرتفعة التي بلغت ظهر اليوم الخميس، 45 درجة مئوية. وتوضح أنّ فترة الظهيرة، هي أصعب ساعات النهار، كون الذباب ينتشر بكثرة ويشكّل ازعاجاً إضافياً في ظلّ الجو الحار.
بدوره، تحدّث عبد السلام يوسف، مدير مخيم أهل التح في باتنته بريف إدلب الشمالي الغربي، لـ"العربي الجديد"، عن طرق مواجهة الحر في المخيم.
وقال إنّ "البعض يلجأ لوضع قطعة من القماش فوق الخيمة ويرشّها بالماء للتخفيف من الحرارة، بينما يقوم البعض الآخر بوضع الطين على الخيمة من الخارج، هذا الأمر أيضاً يخفّف نوعاً ما من وطأة الحرّ. أما بخصوص الأطفال الصغار، فيُغسل الطفل بالماء كل نصف ساعة، كون الحرارة لا تحتمل بالنسبة إليهم، وهناك بعض العوائل التي تغادر الخيم في ساعات الظهيرة، وتلجأ لظلّ الأشجار القريبة".
وأضاف يوسف: "ليس هناك وسائل لمواجهة الحرّ الشديد، سواء المراوح أو غيرها، لعدم توفّر الكهرباء أو ألواح الطاقة، والأهالي لا يملكون أيّ مقومات لمواجهة الحرّ الشديد. الأمر خطير جداً، كونه ساهم في انتشار العديد من الأمراض في المخيم، خاصة بين الأطفال، مثل الإسهال والأمراض الجلدية".
ووفق الإحصائيات الأخيرة، فإنّ عدد المخيّمات الكلّي يبلغ 1293 مخيماً، يقيم فيها نحو مليون و44 ألف نازح، وهي تتضمّن مخيمات عشوائية يبلغ عددها 382 مخيماً، ويقيم فيها 185557 نازحاً.
وكان فريق "منسّقو استجابة سورية" قد أوصى، في بيان صدر عنه، يوم أمس الأربعاء، النازحين في المخيمات بعدم التعرّض المباشر لأشعة الشمس تفادياً لخطر الإصابة بضربات الشمس والإجهاد الحراري، وارتداء الملابس الخفيفة والفضفاضة، والابتعاد عن الملابس الداكنة، إضافة لارتداء أغطية الرأس الواقية والقبّعات، خصوصاً الأشخاص العاملين في القطاعات الزراعية ومربّي المواشي، والذين تقتضي طبيعة عملهم البقاء تحت أشعة الشمس المباشرة لفترات طويلة.
كما أوصى الفريق بضرورة تجنّب الخروج في وقت الذروة، واختيار الأوقات المناسبة للخروج ومراعاة عدم اصطحاب الأطفال، وعدم إشعال النار في أوقات الذروة لمنع حصول حرائق، ومراقبة الأطفال، وعدم السماح لهم بالخروج في الأجواء الحارة، خاصةً مع تسجيل أول حالة وفاة لطفلة، حديثة الولادة، في مخيمات الشيخ بحر، بريف إدلب الشمالي. إضافة إلى تجنّب التماس الكهربائي، وخاصة مولدات الطاقة الكهربائية والبطاريات، خاصةً داخل الخيم.
ودعا الفريق النازحين للاتصال بفرق الطوارئ، في حال حدوث أي طارئ أو اندلاع الحرائق ضمن المخيمات، بشكل عاجل، حتى تتمّ السيطرة على الحريق قبل انتشاره إلى الخيم المجاورة.