تلماسن، الجزائر، تونس، المنستير، فاس، الصويرة والآن الدار البيضاء، كل هذه مدن تعرف تظاهرات ومهرجانات منتظمة متخصصة في الموسيقى الأندلسية، إلى جانب مهرجانات الموسيقى الصوفية التي غالباً ما تترك جانباً من برنامجها لهذا الشكل الموسيقي.
وحالياً تعرف الدار البيضاء الدورة الأولى من "المهرجان الدولي للموسيقى الأندلسية"، تحت شعار "الموسيقى لغة المعرفة الصادقة"، بالتعاون مع جمعية النوبة الأندلسية لفن الآلة والسماع، حيث تتواصل الحفلات التي تبدأ في العاشرة كل ليلة، حتى مساء الغد.
ووفقاً للقائمين عليه فإن المهرجان، الذي تقام أمسياته في ساحة محمد الخامس، يهدف إلى "تطوير وصيانة فن الآلة الأندلسية باعتبارها موروثاً وطنياً"، كما يتيح لسكان الدار البيضاء التمتع بجماليات الطرب الأندلسي المغربي.
ورغم أنه يتواصل لثلاثة أيام فقط، فإن برنامجه يشهد حضور 150 فناناً من المغرب والجزائر وتونس وإسبانيا، ومن الفرق المشاركة: "جوق عبد الكريم الرايس" الذي يقوده محمد بريول، و"مجموعة الملوفجية للموسيقى الأندلسية" من تونس، و"جوق النوبة الأندلسية" و"جوق الدار الغرناطية" من الجزائر بقيادة الفنان محمد شريف سعود، و"جوق الفلامينكو" الإسباني، و"الجوق المغاربي".
ومن الفنانين يحضر مروان حجي، وزينب أفيلال، وعمر الجايدي، ومنال غربي، وعبير العابد، ومحمود فريح، ومحمد شريف سعود، وإبراهيم شريف وزاني.
لا شك أن تظاهرات الموسيقى الأندلسية كثيرة، لكن انطلاقها في مدن جديدة يتيح وصولها إلى متلقين جدد، خاصة في بلد كالمغرب مساحاته ممتدة ومدنه متباعدة، فتأسيس مهرجان جديد يجلب أشكال الموسيقى الأندلسية المغاربية إلى أهل الدار البيضاء هو مسرح جديد لهذا الفن.
ورغم أن الموسيقى تحمل لقب "الأندلسية" بوصفها المنبع الجغرافي الذي خرجت منه، لكنها موسيقى تعددت مدارسها وأشكالها وأضاف كل بلد احتضنها إليها من تراثها وثقافتها، فأصبحت هناك طرق وأساليب تختلف فيها الموسيقى الأندلسية القادمة من تلمسان عن تلك التي تقدم في الجزائر، أو تونس أو غيرها.
واليوم تعرف الموسيقى الأندلسية 16 نوبة في الجزائر، و13 في تونس، و11 في المغرب من أصل 24 نوبة كانت بداية الموسيقى الأندلسية، وقد وضع أساسات "النوبة" زرياب، ونظمها وفق تقليد منضبط، بحسب ما ورد على لسان المقري في كتابه "نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب".