المواجهة: هل تنجح الحكومة التونسية الجديدة في النهوض بالاقتصاد؟

17 فبراير 2015
من اليمين إلى اليسار: الحطاب، الشامخي (العربي الجديد)
+ الخط -
يشهد الاقتصاد التونسي تراجعاً دراماتيكياً في النمو وارتفاعاً متصاعداً في العجز، ما يثير نقاشاً في الشارع التونسي محوره: هل تستطيع الحكومة السيطرة على الأزمة؟

مراد الحطاب: 40 إجراءً لنموٍ اقتصادي قويّ
قال الخبير المالي والاقتصادي التونسي، الدكتور مراد الحطاب، إن خلية من الخبراء الاقتصاديين والماليين تقدموا للحكومة التونسية الجديدة بمذكرة، تتضمن 40 إجراءً، عبارة عن توصيات ومقترحات للنهوض بالاقتصادي التونسي، والخروج من حالة الركود التي عرفتها البلاد خلال السنة الماضية. وقدم الدكتور الحطاب، في تصريحه لـ"العربي الجديد"، العديد من الأرقام التي رصدتها الخلية خلال انكبابها على إعداد المذكرة. وذكر من بينها، تسجيل تراجع في النمو الاقتصادي الذي لم يتجاوز 2.5%، وتراجع نسبة الاستثمار الأجنبي بـ22%، وكذا تراجع نسبة الاستثمار الداخلي بـ8%، وتزايد نسبة الفقر والبطالة التي وصلت إلى 29.6 و18% على التوالي، بالإضافة إلى أزمة السيولة المالية. وأكد الحطاب أن الحكومة التونسية الجديدة أمام محك حقيقي لإظهار قدرتها على تجاوز المشاكل الاقتصادية والمطالب الاجتماعية للمواطنين. وأضاف أن من بين مهامها المستعجلة اليوم، الالتفات إلى الاقتصاد التونسي غير المهيكل، والذي يستقطب أكثر من 50% من مختلف تعاملات التونسيين. وعن مقترحات لجنة الخبراء التي جاءت بها المذكرة. أوضح الحطاب، أنها تتضمن العديد من المحاور، وعلى رأسها دعم تشغيل الشباب التونسي، حيث اقترحت اللجنة على الحكومة، تبني مشروع إدماج مليون شاب تونسي في المرحلة الحالية، داخل مختلف المؤسسات، بمنح مالية تساعدهم على البحث عن الإدماج التدريجي في سوق الشغل. وتمويل مشاريع تتعلق بإعادة تكوين الشباب المتخرج من الجامعات، الذي لم يستطع الحصول على فرصة شغل، مع تعزيز قدراته في مجال المعلوماتية واكتساب اللغات. وأكد الحطاب على أهمية دعم المؤسسات الاقتصادية الصغيرة والمتوسطة، وذلك بمنحها إمكانية الحصول على الصفقات العمومية، لتشجيعها على توفير فرص العمل. وعن دعم القدرة الشرائية للمواطن التونسي، شدد الخطاب على أن المذكرة تضمنت كذلك، الإسراع بتجميد أسعار 20 خدمة ومادة أساسية في تونس، وخفض أسعار المحروقات لإنقاذ قطاع النقل من الموت، ثم التفاوض مع الشركات الكبرى التي تحتكر إنتاج مجموعة من المواد، لإقناعها بضرورة خفض هامش الربح. وأكد المتحدث ذاته أن هذه الإجراءات وغيرها كفيلة بتعزيز الطلب الداخلي، والرفع من القدرة الشرائية للمواطن التونسي، كما ستساهم في انخفاض معدل التضخم الذي وصل إلى 6%. واعتبر الحطاب أن النهوض بالمناطق في تونس، كفيل بالحد من التفاوت في مستويات العيش التي تعرفها مختلف المدن والقرى. وزاد أن المذكرة تضمنت عرضاً مفصّلاً لـ81 مشروعاً معطلاً في العديد من الجهات، والتي يجب على الحكومة التونسية الجديدة تفعيلها. وعن إمكانية تحقيق هذه الإجراءات، وتفاعل ساسة تونس معها بشكل إيجابي، تحدث الحطاب بنبرة تفاؤلية، وأكد أن المناخ السياسي التوافقي في تونس على السكة الصحيحة. لكنه استبعد في الوقت ذاته أن تستطيع الحكومة الحالية تحقيق جميع مطالب الشارع التونسي، نظراً للحيّز الزمني الضيّق المتوفر لها، دون أن يستبعد قدرتها على تقديم مؤشرات إيجابية خلال الستة أشهر الأولى من ولايتها. واعتبر أن أول مؤشر يجب أن تقدمه، هو إظهار الحكامة الجيدة في صرف وتدبير الموارد الحكومية والتقليل من نفقاتها، وكذا الاقتناع بإشراك جميع الفاعلين، بما فيهم الخبراء الذين يمكنهم تقديم مقترحات وخطط اقتصادية واجتماعية تساعد الحكومة على القيام بمهامها.

فتحي الشامخي: الاقتصاد في ورطة
وصف البرلماني التونسي، فتحي الشامخي، الطريق نحو نمو اقتصادي في تونس بـ"المسدود والورطة". وربط، في حديثه لـ"العربي الجديد"، موقفه هذا، بغياب الرؤية الواضحة لدى الحكومات المتعاقبة منذ الثورة التونسية، بما فيها الحكومة المشكّلة حديثاً. واعتبر الشامخي أن قضية النمو الاقتصادي في تونس، رهينة معدلات النمو المسجلة خلال السنوات الأربعة الأخيرة مجتمعة، والتي لم تتجاوز، حسب تصريحه، 1.7% في أحسن الأحوال، رغم تصريح الحكومات التونسية بنيتها بلوغ ما بين 3 و4% كنسبة نمو اقتصادي. وعن إمكانية تحسّن الوضع الاقتصادي بعد تشكيل الحكومة الجديدة، قال الشامخي، لـ"العربي الجديد": "جوابي للأسف هو لا". وبرر ذلك، بما تضمنته خطة الموازنة التي طرحتها الحكومة التونسية الجديدة ضمن برنامجها، والتي أوردت، حسب وجهة نظره، إجراءات تقشفية، ومزيداً من الضغط على الأجور التي ظلت جامدة طيلة الثلاث سنوات الأخيرة، وركزت فقط، يضيف المتحدث ذاته، على إجراءات تمويل إعادة هيكلة الاقتصاد دون إصلاح مقومات نموه. واعتبر الشامخي أن ضعف الميزانية المخصصة للاستثمار العمومي المباشر، والتي لم تتجاوز نسبتها 9% من ميزانية الدولة، ستزيد من المشكلات القائمة وتعزز تراجع النمو. وشدد على أن هذا القطاع وحده القادر على إحداث وتوسيع الإنتاج الاقتصادي اليوم، وقادر على تحقيق الانتعاش الاستثماري المأمول. وأوضح أن قطاع الاستثمار العمومي المباشر، يمكنه أن يعوّض النقص الحاد في الطلب الخارجي على الصادرات التونسية، والتي تظل مرتبطة بالمناخ الاقتصادي في الدول الأوروبية. هذه الأخيرة، يضيف المتحدث ذاته، تعاني من مشاكل اقتصادية عديدة، وأصبحت تبحث عن أسواق وفرص بأقل كلفة ممكنة. واقترح البرلماني عن حزب الجبهة الشعبية التونسي المعارض، ضرورة إدخال تعديلات على نمط الإنتاج في تونس. واعتبر أن هذه التعديلات يجب أن تبدأ بدعم الطلب الداخلي عبر رفع الأجور، واتخاذ تدابير اقتصادية تهم الاستثمار العمومي المباشر، وخلق فرص حقيقية لبناء اقتصادي وطني غير رهين بالطلب الخارجي. وأشار النائب الشامخي إلى قضية تسديد الديون التي ورثتها تونس عن نظام المخلوع زين العابدين بن علي، والتي قال إنها كلفت الدولة ما بين سنة 2011 و2015 أكثر من ميزانية الدولة الخاصة بسنة 2011 (قرابة 11.416 مليار دولار)، حيث اعتبر أن هذا الرقم المهول يسدّد من أموال يجب أن توظّف لصالح النهوض الاقتصادي.
المساهمون