المنقذون البحريون: ضيق حال على شواطئ الإسكندرية

31 اغسطس 2015
مسؤوليات كبيرة على المنقذ البحري (العربي الجديد)
+ الخط -
يقف محمود حسين على شاطئ ميامي بشرق الإسكندرية غير آبهٍ بكل ما حوله، يصارع الرمال الحارقة، وشمس الصيف التي تركت أثرها على وجهه؛ وهو يجوب الشاطئ ذهابا وإيابا أو من فوق برجه الخشبي، مشدودا إلى البحر يراقب، ويحدّق في كل مكان لحماية المصطافين من الغرق.

يقظة "حسين" وصوت صفارته التي لا تفارق عنقه أهم ما يميزه أثناء أداء مهنته التي يعتبرها الكثير صعبة، ولا يتمتع بما ينعم به غيره من رواد الشاطئ والمصيفين بعذوبة مياه البحر؛ وهو يقوم بتوجيه المصيفين أو تحذيرهم للتراجع في اتجاه الشاطئ، لإنقاذ أرواحهم وقت اللزوم أو الخطر.

الأربعيني "حسين" الذي بدا منتبهاً في حراسة الشاطئ ومتابعة حركة الأمواج والمصيفين بكل جدية، يقول: أعمل في هذه المهنة منذ 10 سنوات، أنقذت فيها قرابة 35 شخصا، وفشلت في إنقاذ 3 تمكن الغرق من إنهاء حياتهم، وكان عملي في شواطئ متعددة، بينها العام الحكومي والخاص المؤجر لرجال أعمال ومستثمرين.

اقرأ أيضاً:  هل تعرفون ما هي فريسكا الصيف في الاسكندرية؟

وأشار إلى أنه ليس الوحيد على شواطئ المدينة الذي هرب من البطالة إلى ممارسة مهنة الإنقاذ، فغيره من الشباب وكبار السن أصبحوا يقبلون على هذه المهنة، بعد أن وجدوا فيها ملاذا للهروب من الفقر والبطالة، ولو بصورة مؤقتة في فصل الصيف.

وأكد أن صعوبة عمله ليست هي السبب الحقيقي في شعوره الدائم بالخطر، بل السبب هو عدم توفير المسؤولين عن الشواطئ العامة، أو المستأجرين في الشواطئ الخاصة، أي أدوات أو إمكانات تساعده على القيام بدوره في حماية أرواح آلاف المصطافين الذين يتوافدون يوميا على شواطئ الإسكندرية أو الحفاظ على حياة المنقذ ذاته.

وأوضح أن أبرز ما يؤثر سلبًا في عزيمته وحبه لمهنته التي يراها في المقام الأول رسالة إنسانية لإنقاذ أرواح المواطنين وبخاصة الأطفال، هو عدم الاهتمام بفئة المنقذين وتوفير احتياجاتهم من الأجهزة الحديثة، والتعامل معهم كباقي عمال الشواطئ، إلى جانب سلوكيات بعض المصيفين، خاصة الشباب وعدم استجابتهم لنصائحه وإرشاداته، مطالبا بإيجاد عقوبات رادعة وفرض غرامات على المخالفين.

ويضيف محمد سلامة -المنقذ في شاطئ ستانلي المميز- عمال الإنقاذ يعانون من نقص في الرواتب التي يتقاضونها نظير المجهود الذي يقومون به، ويحتاجون إلى أدوات وملابس وأجهزة متخصصة تساعدهم في أداء دورهم على أكمل وجه في إنقاذ زوار الشواطئ بدون تعريض حياتهم إلى الخطر.

وأكد أن عمله يبدأ من السابعة صباحا وحتى غروب الشمس خلال موسم الصيف الذي يشهد حالات غرق عديدة، بسبب تدافع الناس، وعدم التزامهم بالرايات أو التعليمات ومعايير السلامة، وتهوّر البعض بالدخول في المناطق الخطيرة.

اقرأ أيضاً: 98 % من المدن الغارقة ببحر الإسكندرية لم تنتشل

تعليمات الشواطئ معلومة للجميع، ويجب على المصطافين الالتزام بعدم نزول المياه، وتفادي السباحة بشكل منعزل بعيدا عن أماكن التجمعات في حالة عدم استقرار حالة الجو والأمواج، والتي يتم تمييزها بالشارات أو الرايات الحمراء، حسب سلامة.

وأضاف "حتى الرواتب التي نتقاضاها ضعيفة جدًا ولا تزيد على 700 جنيه شهريًا، وهو ما يمنعنا من التفرغ للمهنة، ويضطرنا للبحث عن وظيفة أخرى في باقي اليوم، الأمر الذي يُضعف تركيزنا أثناء ساعات العمل، وهو ما قد يتسبب في كوارث.

عيسى القصبي -أحد منقذي الشواطئ في غرب المدينة- يؤكد بدوره "لا نتمتع بأي مزايا تقابل حجم الجهد الذهني والبدني والخطر الدائم الذي نعيش فيه، وبخاصة أنه لا توجد احتمالات للخطأ في مهنتنا، فأي نسبة للخطأ قد تودي بحياة أشخاص".

وطالب "القصبي"، المسؤولين بالمحافظة، بوضع حد أدنى لرواتب المنقذين، وتوفير أدوات ومعدات تساعدهم على أداء مهامهم على أفضل وجه، وإلزام مستأجري الشواطئ الخاصة بالالتزام بالقانون حيالهم، مشيرًا إلى أن بعض المنقذين يضطرون إلى العمل الإضافي.

ورغم فرحته الغامرة التي يعبّر عنها، عندما ينجح في إنقاذ حياة شخص، إلا أنه لا يستطيع أن يخفي مخاوفه من المخاطر التي يتعرض لها، قائلا: حياتنا على كفوفنا ولا أحد يقدّر ما نقوم به ودائما نتعرض للموت في كل ساعة، ومرتباتنا ملاليم، وفي حالة حدوث أي مكروه لا قدر الله، لن نجد أي تعويضات أو حتى مكافأة نهاية خدمة، لأننا غير معينين".

من جهة أخرى، أكد أحمد حجازي - مدير الهيئة العامة لتنشيط السياحة بالإسكندرية في تصريح خاص لـ "العربي الجديد" إلى أن الهيئة ناقشت وضعية السباحين المنقذين مع المسؤولين بالمحافظة، لمواجهة التدفق المتزايد للمصطافين وتحسين دخول السباحين المنقذين، أو اعتماد ميزانيات إضافية بخصوص عملهم، لم يتم البتّ في شأنها حتى الآن.

اقرأ أيضاً: 300 فيلم يشارك في مهرجان الإسكندرية السينمائي
المساهمون