المنافسة تكلّف منتجي النفط 4.6 مليار دولار يومياً

02 ديسمبر 2014
الرئيس البرازيلي السابق لولا دا سيلفا مفتتحا حقل نفط(Getty)
+ الخط -
ثمة فرق بين الأكثر تأثرا من تراجع أسعار النفط في السوق العالمية وبين الأكثر خسارة، إذ ليس بالضرورة أن تتأثر السعودية مثلا، وهي أكبر منتج في العالم للنفط، من تراجع أسعار النفط رغم كونها الخاسر الأكبر، وذلك بفضل الهوامش المالية والفوائض الضخمة التي ادخرتها على مدار السنوات الماضية، مكّتنها من توفير احتياطي نقد أجنبي يتجاوز 740 مليار دولار، يزيد عن إجمالي احتياطي العملة الصعبة في الدول العربية الـ22 مجتمعة.
وتشير حسابات "العربي الجديد"، إلى أن خسائر منتجي النفط في العالم تتجاوز 4.6 مليار دولار يوميا، نتيجة تهاوي الأسعار من 115 دولارا للبرميل في يونيو/حزيران الماضي إلى حدود 65 دولارا للبرميل في تعاملات أمس، على أساس تقديرات وكالة الطاقة الدولية التي تشير إلى أن متوسط إنتاج العالم من النفط خلال العام الجاري بحدود 92 مليون برميل يوميا.
ورغم الخسائر التي سجلتها أسعار النفط، لا يُبدي المراقبون تفاؤلا بشأن تحسن على المدى القريب، خاصة بعد قرار "أوبك" الخميس الماضي، بإبقاء سقف الإنتاج عند 30 مليون برميل يوميا، متجاهلة دعوات المنتجين لخفض سقف الإنتاج، على أمل تقليص التخمة في المعروض الذي تجاوز الطلب في السوق العالمية.

منافسة شرسة

ويبرر أعضاء "أوبك" الذين ضغطوا باتجاه هذا القرار، وعلى رأسهم السعودية، الإبقاء على سقف الإنتاج، بتفويت الفرصة على منتجي النفط الصخري في أميركا الشمالية بعد الطفرة التي حققوها مؤخرا وباتت تهدد حصص منتجي النفط التقليدي.

ويبدو أن استراتيجية جريئة ينتهجها المنتجون الخليجيون لاستغلال تراجع أسعار النفط لأدنى مستوى في خمس سنوات من أجل حماية حصصهم السوقية، قد بدأت تؤتي ثمارها مع توقف صادرات الخام الأميركي إلى آسيا.
وقالت مصادر في التجارة والصناعة، إن مصافي التكرير الآسيوية علقت واردات المكثفات - وهي خام خفيف منتج من النفط الصخري الأميركي - بعد أربعة أشهر فحسب من بدئها، مفضلة خامات الشرق الأوسط الأرخص.
ويسلط ذلك الضوء على احتدام المنافسة بين الموردين، بعد تراجع أسعار النفط أكثر من 40% منذ يونيو/حزيران، ما يؤهل السوق لمزيد من تراجع الأسعار بسبب الطفرة في المعروض.
وتأكيدا لهذا المنحى، قالت مؤسسة البترول الكويتية إنها خفضت أمس أسعار بيع غازي النفط المسال (بروبان وبيوتان) لشهر ديسمبر/كانون الأول الجاري، لتصل إلى نفس الأسعار التي أعلنتها السعودية.
وأضافت المؤسسة في بيان صحافي، إن غاز (البروبان) سيباع بـ550 دولارا للطن المتري الواحد، خلال ديسمبر بانخفاض قدره 60 دولارا مقارنة بنوفمبر/تشرين الثاني الماضي. وأضافت أن غاز (بيوتان) سيباع بـ570 دولارا للطن المتري، بانخفاض قدره 30 دولارا مقارنة بنوفمبر.
وخفضت "أرامكو"، المنتج الرئيسي للنفط في السعودية، أسعار بيع البروبان والبيوتان للشهر الجاري بنحو 60 دولارا و30 دولارا على التوالي.
وقال "توشار توران بانسال" من شركة "اف.جي.إي" الاستشارية في سنغافورة: هناك تخمة في المعروض، لدرجة أن خامات الشرق الأوسط متداولة بتخفيضات، ولم يعد جلب الخامات من الولايات المتحدة ذا جدوى اقتصادية.
وتسهم خامات الشرق الأوسط حاليا بنحو ثلثي الواردات الآسيوية.
وتتعرض صادرات الخام الأميركية إلى آسيا لضغوط إضافية من تكاليف الشحن بين الولايات المتحدة وآسيا التي زادت 50%، مما أجبر البائعين على إرسال شحناتهم إلى أوروبا. ويرجع ذلك جزئيا إلى زيادة الطلب على السفن في الشرق الأوسط وأفريقيا.

مزيد من التهاوي

وأدى هذا الصراع النفطي بين المنتجين من الشرق الأوسط وأميركا، إلى هبوط النفط الخام أكثر من دولارين إلى أدنى مستوى له خلال خمس سنوات في التعاملات الآسيوية أمس.
وكتب محللو شركة "ايه.ان.زد" في مذكرة: "يمكنهم في "أوبك" تحمل سعر 60 دولارا للبرميل ولكن السعر سيقوض المنافسة العادلة لقطاع كبير من النفط الصخري الأميركي على سبيل المثال، كما سيرجئ بكل تأكيد أي استثمار في زيادة طاقة الإنتاج المستقبلية".

وأضافت المذكرة أن منتجي أوبك يلعبون لعبة النفس الطويل، اعتمادا على أن الآخرين لا يمكنهم أن يفعلوا نفس الشيء.
ونزل برنت إلى 67.82 دولارا للبرميل، وهو أقل مستوى منذ أكتوبر/تشرين الأول 2009، بينما هبط الخام الأميركي 1.49 دولار إلى 64.66 دولارا للبرميل، بعد أن نزل، في وقت سابق أمس، إلى أقل مستوى منذ يوليو/تموز 2009 عند 64.10 دولارا.

الأكثر تأثراً

تشير تقارير دولية إلى أن التراجع الأخير في سعر المحروقات، وفي حال استمراره لفترة طويلة، سيكون له تأثير كبير على دول مجلس التعاون الخليجي الست التي تشكل عائداتها النفطية نحو 46% من إجمالي ناتجها المحلي.
وتقول مؤسسة التصنيف الدولة "ستاندرد اند بورز" إن سلطنة عمان والبحرين ستكونان الأكثر تأثرا بتراجع أسعار النفط، كونهما لا تتمتعان بمراكز مالية جيدة، وتبني كلاهما موازنتها على أساس أسعار نفط تتجاوز 100 دولار للبرميل، ما يشير إلى تحقيق عجز كبير في الموازنة.
وإلى جانب الدول الخليجية، تبدو الدول الناشئة من خارج أوبك، في مقاعد الخاسرين. فالبرازيل، على سبيل المثال، استثمرت بكثافة في المنشآت والبنى التحتية النفطية التي سيكون من الصعب عليها استعادتها. كما حددت روسيا ميزانيتها على أساس سعر 100 دولار للبرميل، ما دفع موسكو إلى تقدير خسائرها من تراجع أسعار النفط بنحو 100 مليار دولار على الأقل، فضلا عن التراجع الكبير في سعر صرف الروبل، والذي تراجع بتعاملات الاثنين بنحو 3.1% أمام الدولار الأميركي، و2.5% أمام اليورو، إثر هبوط أسعار النفط وصدور بيانات ضعيفة لقطاع الصناعة في الصين.
وبالعودة إلى أوبك، تبدو المؤشرات كلها سلبية في فنزويلا، التي تعاني أساسا من اختناق مالي، ويشكل النفط 96% من مصادرها من العملة الصعبة.
المساهمون