المكتبات العربية والأزمة: تردد في الإعارة الإلكترونية

03 ابريل 2020
مكتبة الإسكندرية
+ الخط -

تواجه المكتبات حول العالم خيارات صعبة حول الخدمات التي ستقدّمها وكيف، بدءًا من الحد الأدنى من القيود إلى الإغلاق الكامل. الحكومات نفسها تتخذ مناهج مختلفة، وأمرت في بعض الأحيان بإغلاق جميع المؤسسات، وأخرى تشير إلى أن الحياة يجب أن تستمر كالمعتاد، والبعض الآخر يترك القرارات ببساطة لمديري المكتبات.

من الواضح أن أي قرار بتقييد الخدمات أو إغلاق مكتبة هو قرار صعب ويجب اتخاذه بعد تقييم المخاطر النسبية. غير أن الأخبار بإغلاق أنظمة المكتبات العامة بالكامل في مساحة جغرافية تمتد من الولايات المتحدة الأميريكية وتمر بأوروبا كلها وصولاً إلى تركيا وحتى الهند وإندونيسيا وكثير من بلاد شرق آسيا، أما الصين فقد بدأت المكتبات في ماكاو بإعادة فتحها مع اتخاذ الاحتياطات اللازمة للحماية الصحية.

في غضون هذه الأزمة، تتأثر مكتبات المدارس أيضاً في 180 دولة بإغلاق جميع المؤسسات التعليمية وفقاً لأرقام من اليونسكو، وإضافة إلى ذلك أغلقت مكتبات الجامعات أيضاً رغم استمرار الدراسة أونلاين.

في البلاد العربية أغلقت المكتبات الوطنية أيضاً أبوابها للجمهور الجزائر وتونس والمغرب وحتى الأردن والعراق ولبنان. وفي حين بادرت معظم المكتبات حول العالم إلى تقديم بدائل رقمية محمّسة للقراء والطلبة، تبدو المكتبات العربية أقل حماساً للمبادرات الافتراضية فتقدمها بشكل محدود.

بعض المكتبات الأشهر في المنطقة العربية مثل "مكتبة الإسكندرية" اكتفت بالمحتوى الرقمي الذي كانت تتيحه أساساً لقرائها وأضافت إليه قناة تبث الأفلام التسجيلية والموسيقى على يوتيوب، بالإضافة إلى بث جلسات من مؤتمراتها الثقافية التي عقدت سابقاً.

"مكتبة قطر الوطنية" أيضاً أتاحت أرشيفها الرقمي، وكذلك فعلت المكتبات الوطنية في تونس والمغرب وغيرها من البلدان العربية. غير أن معظم الكتب التي تتيحها المكتبات العربية هي كتب انتهت حقوقها الملكية الفكرية، وغالباً ما يمكن العثور عليها في مجموعات رقمية أخرى.

غير أن الأزمة الحالية أظهرت تضامن المكتبات الصغيرة، في عمّان مثلاً أطلقت "مكتبة عمان الصغرى" منحة تفرغ بقيمة 500 دولار يستمر التقديم عليها حتى 17 من الشهر الجاري لمدة شهر بهدف كتابة مخطوط أو القيام بمشروع فني في البيت أثناء ذلك، وأتاحت "مكتبة شومان" في عمّان الإعارة للدوريات ودارسات الماجستير والدكتوراة في أرشيفها بهدف المساهمة في توفير قاعدة بيانات لطلبة الجامعات والدراسات العليا.

من جهة أخرى، تعيدنا الأزمة الحالية إلى مسألة الإعارة الإلكترونية للكتب، وقليلة هي المكتبات العربية إلى اليوم التي تعمل وفق هذا النظام، لا سيما وأنه يتيح استعارة تلك الكتب التي لم تنته حقوق ملكيتها، حيث يسمح هذا النظام بالاستعارة لفترة محددة ويجري بعدها إعادة الكتاب إلكترونياً وبطريقة لا يتمكن معها المستخدم من نسخه.

وفي الحقيقة إن التخوف من الإعارة الإلكترونية ليس عربياً فقط، فقد أجريت دراسة مؤخراً في أستراليا تستكشف كيف تؤثر طريقة تقديم الكتب الإلكترونية للمكتبات على قراراتهم بشأن ما يمكن تقديمه للمقترضين، بل إن مشروع eLending الدولي أكد على القيود والتضاربات وعدم التكيف مع الطلب في سوق الكتب الإلكترونية.

الأسعار وشروط الترخيص التي وضعها الناشرون لها تأثيرات حقيقية على الكتب التي تتم إضافتها إلى مجموعات المكتبة العامة الإلكترونية، وبالتالي تنعكس هذه على الذين يقرأون ويدفعون مقابل استخدامات المكتبة، ولكن الدراسة الجديدة تظهر أن ليست الشروط التي يقدمها الناشرون والمنصات هي التي تؤثر اليوم على قرار الإعارة الإلكترونية بل طلب المستفيد هو المحرك الرئيسي لصنع القرار.

على الرغم من المواجهة التي يقابل بها نظام الإعارة الإلكتروني والكتب المحدودة التي يتيحها على مستوى المكتبات العربية، لكن الأزمة التي يعرفها العالم حالياً قد تدفع الناشرين والمكتبات بل وحتى القرّاء إلى إعادة النظر في ممارسات النشر وطرق توفير الكتب وحقوق الملكية وكذلك عادات القراءة الشخصية.

المساهمون