المقاطعة في المغرب تثمر خفض أسعار وضبط أرباح

31 مايو 2018
تحركات مزمنة في المغرب بسبب الظروف المعيشية (فرانس برس)
+ الخط -

يبدو أن شارع المغرب بدأ يجني ثمار حملات المقاطعة لمنتجات 3 شركات، إذ تحركت الحكومة نحو ضبط سوق الوقود في الوقت الذي خفضت فيه شركة ألبان أسعارها وقلّصت من منتجاتها، فيما طالبت شركة مياه معدنية بتقليص الضرائب لخفض الأسعار.

وتتجه الحكومة المغربية نحو الإعلان عن قرار يضع حدا أقصى لهوامش أرباح شركات المحروقات، في ظل تعبير المستهلكين عن ضيقهم من ارتفاع أسعار السولار والبنزين، ما أفضى إلى مقاطعة شركة رائدة في القطاع.

وتنوي الحكومة تحديد حد أقصى لهوامش أقصى لأرباح شركات المحروقات، حيث أوضحت مصادر حكومية أن وزارة الشؤون الحكومية والحكامة، شرعت منذ ثلاثة أشهر في دراسة العودة لوضع حد أقصى لأسعار الوقود، حيث ستجرى العودة لصيغة للأسعار، تكون فيها الأرباح محددة سلفا.

وكان وزير الشؤون العامة والحكامة، لحسن الداودي، أعلن أن الدراسة تستلهم النموذج البلجيكي في تحديد حد أقصى للأسعار، حيث وعد بإحالة نتائج الدراسة على رئيس الحكومة من أجل اتخاذ القرار.

وسيقتضي هذا التوجه الذي سيتخذ القرار بشأنه قريبا، تحديد الحكومة بعد التفاوض مع شركات توزيع المحروقات، سقفا أقصى للأرباح، حيث ستكون المنافسة بين هذه الشركات ضمن هذه الحدود.



وتوضح مصادر حكومية أن القرار الجديد، لن يعني العودة إلى نظام الدعم، الذي كان ساريا قبل التحرير في ديسمبر/ كانون الأول 2015، حيث أن الدعم كان يفرض تحديد بنية الأسعار مع هامش ربح محدد سلفا.

ويسود الاعتقاد بأن ارتفاع أسعار البنزين والسولار بالمغرب، ناتج عن مستوى هوامش أرباح شركات توزيع المحروقات، غير أن هذا العامل ليس الوحيد الحاسم في تحديد الأسعار، حسب المتخصصين في القطاع، الذين يشيرون إلى أسعار النفط في السوق الدولية وسعر صرف الدولار في علاقته بالدرهم المغربي والضريبة على الاستهلاك والقيمة المضافة.

ولم تعبر شركات توزيع المحروقات إلى حدود الآن، عن موقفها من الانتقادات الموجهة لها بسبب أرباحها، كما لم تخض في النقاش حول وضع حد أقصى لأرباحها من قبل الحكومة.

وسيأتي قرار الحكومة عبر مرسوم يتخذه رئيس الحكومة، حيث سيجرى أخذ بعين الاعتبار في تحديد هوامش أرباح الشركات، استحضار مستوى الأسعار في السوق الدولية، وتكاليف التخزين والتوزيع والنقل.

ولاحظت "العربي الجديد"، خلال جولة في محطات الوقود أن الأسعار لم تسجل أية زيادة منذ حملة المقاطعة التي دخلت أسبوعها الخامس، حيث يحوم سعر البنزين في حدود 1.22 دولار للتر الواحد، بينما ظل سعر لتر السولار في حدود 1.1 دولار.

وحسب تقارير رسمية، يستورد المغرب 96 % من احتياجاته من النفط المكرر، منذ إغلاق المصفاة الوحيدة التي تتوفر عليها المملكة، بينما اتخذ قرار رقع الدعم وتحرير الأسعار منذ ديسمبر/ كانون الأول 2015. وقال وزير الطاقة عزيز رباح في تصريحات سابقة إن الحكومة قد تفرض سقفاً لأسعار الوقود.

وطالب نواب برلمانيون بعد تقديم لجنة برلمانية في تقرير، قبل أيام حول التنافسية في قطاع المحروقات، بتحديد حد أقصى لأسعار البنزين والسولار، خاصة في سياق متسم بانخراط مستهلكين في مقاطعة منتجات شركة محروقات رائدة في السوق.

ورغم عدم توضيح التقرير البرلماني لتفاصيل أرباح شركات الوقود منذ تحرير الأسعار، إلا أن أعضاء في لجنة التحقيق اعتبروها مرتفعة، فقد ذهب رئيسها إلى أن أرباح شركة واحدة زادت بنحو 996 %.

ويرى مراقبون أن ضبط أرباح الشركات، سيكون حلا صائبا، حيث يتخوفون من أن تقفز الأسعار إلى مستويات لا قبل للمستهلكين بها، في حال تجاوزت أسعار برميل النفط المستوى الحالي في السوق الدولية.


ويعتبر رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، بوعزة الخراطي، في حديثه لـ"العربي الجديد" أن ضبط الأسعار، لا يمكن تأمينه بالمغرب خارج آليات الوقاية التي تضمن حماية المستهلك.

ويرى أنه يتوجب إعادة بعث مجلس المنافسة المجمد منذ أربعة أعوام، وإحداث المجلس الوطني للمستهلك، وتطبيق المقتضيات المضمنة في قانوني حرية الأسعار والمنافسة وقانون حماية المستهلك.

ووصلت مشتريات المغرب من منتجات الطاقة حتى أبريل/ نيسان الماضي إلى حوالي 2.5 مليار دولار، مقابل 2.3 مليار دولار في الفترة نفسها من العام الماضي، بزيادة بنسبة 9.5%، حسب مكتب الصرف.

ودفعت الحملة الشعبية لمقاطعة موردين كبار للحليب والمياه المعبأة في المغرب الحكومة إلى الدعوة إلى خفض الأسعار، كما أجبرت المقاطعة إحدى الشركات على تقليص عملياتها.

واستهدفت الحملة محطات وقود أفريقيا المملوكة لمجموعة أكوا التابعة لوزير الزراعة عزيز أخنوش، أحد أغنى أغنياء المغرب، وشركة الألبان الفرنسية سنطرال دانون ومياه سيدي علي المعبأة. ولم تعلن الشركات الثلاث كيف تأثرت أعمالها لكن عدة متاجر للبقالة في العاصمة الرباط قالت إن مبيعاتها من ألبان ومياه الشركتين المستهدفتين قد انخفضت.

وفي رد فعل رسمي على حملات المقاطعة، حث رئيس الوزراء سعد الدين العثماني الشركات على خفض أسعار السلع الشعبية.

وأقر ناطق باسم سنطرال دانون، كان يتحدث على شاشات التلفزيون الرسمي، بتأثر المبيعات لكنه لم يذكر تفاصيل. وخفضت الشركة سعر التجزئة للتر الحليب درهماً واحداً لشهر رمضان. وأبلغت الشركة رويترز بالبريد الإلكتروني، أنها قررت، أول من أمس، بسبب المقاطعة، وعلى الرغم من خفضها المؤقت للأسعار، تقليص كميات الحليب التي تجمعها من 120 ألف مزارع بنسبة 30%.

من جانبها، تقوم أولماس للمياه المعدنية، الشركة المنتجة لمياه سيدي علي، بنقل نحو 80 شخصاً أسبوعياً بالحافلات لزيارة نبع مياهها في جبال أطلس لمحاولة إقناع المستهلكين بأن أسعارها عادلة، بينما دعت الحكومة إلى خفض الضرائب.

ويبلغ سعر زجاجة المياه المعدنية في المغرب ستة دراهم (63 سنتا أميركيا) وهو ما يزيد على بعض الدول الأوروبية رغم أن القدرة الشرائية للمغاربة أقل بكثير.

واستهدفت دعوة المقاطعة الشركات الثلاث كرموز لاقتصاد تهمين عليه تكتلات كبيرة مرتبطة بنخب اقتصادية وسياسية أو بشركات أجنبية، كما امتدت المقاطعة إلى الأسماك بسبب الارتفاع الكبير في أسعارها.

ويقول رئيس حزب العدالة والتنمية الإسلامي المشارك في الائتلاف الحكومي إدريس الأزمي إن جميع الموزعين "يبيعون بنفس الأسعار للمستهلكين في شتى مناطق المغرب". ويضيف "هذا مضر بالمنافسة وهناك حاجة إلى هيئة تنظيمية نشطة لحماية المنافسة".
المساهمون