المغرب: 13 مارس يعيد فتح ملف سبتة ومليلية

09 فبراير 2018
استعراض إسباني في سبتة العام الماضي (مانو رينو/Getty)
+ الخط -


عاد ملف وضعية مدينتي سبتة ومليلية، شمال المغرب، الواقعتين تحت السيادة الإسبانية، إلى الواجهة من جديد بدعوة نشطاء مغاربة إلى تخصيص 13 مارس/ آذار من كل سنة يوماً وطنياً للمطالبة باسترجاع المدينتين، واعتبارهما "مناطق محتلة يجب تحريرها". واعتبر نشطاء الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان أن "سبتة ومليلية جزء لا يتجزأ من التراب المغربي، بدليل الوقائع التاريخية والجغرافية، لتكون المدينتان من أواخر معاقل الاستعمار في أفريقيا"، منتقدين ما سموه "طمس المعالم الإسلامية والزيارات المتكررة للمسؤولين الإسبان بهدف شرعنة الاحتلال الإسباني للمدينتين المغربيتين". وفي وقتٍ صمتت فيه الحكومة المغربية بشأن ملف سبتة ومليلية، في ظل عدم وجودهما في أجندة تحركاتها ومطالبها بالنظر إلى حاجتها إلى دعم إسبانيا لها في ملف الصحراء، ظهرت دعوات منظمات وجمعيات ونشطاء أخيراً، بضرورة "تحرير سبتة ومليلية والجزر الشمالية من الاستعمار الإسباني وإرجاعها إلى المغرب".

في هذا السياق، رأى المحلل السياسي سمير بنيس، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "ملف سبتة ومليلية يعد من بين الملفات الشائكة التي غالباً ما كان لها تأثير سلبي على العلاقات بين المغرب وإسبانيا، فمنذ استقلال المغرب عام 1956، عملت الرباط على مطالبة إسبانيا بفتح مفاوضات بخصوص هاتين المدينتين بهدف إرجاعهما للسيادة المغربية". وأضاف أنه "على مرّ العقود وأمام تعنت الحكومات الإسبانية المتعاقبة ورفضها فتح أي مفاوضات مع المغرب وتشبثها بانتماء المدينتين للسيادة الإسبانية، ظل المغرب يستغل كل الاجتماعات الثنائية مع المسؤولين الإسبان وكل المحافل الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة، من أجل المطالبة باسترجاع المدنيتين المحتلتين". ولفت إلى أنه "في ظل التطورات المتسارعة التي عرفها نزاع الصحراء المغربية خلال السنوات الـ15 الماضية، وبالنظر للأهمية الاستراتيجية لهذا الملف في السياسة الخارجية المغربية، عمل المغرب على نهج سياسة جديدة تمثلت في تجميد مطالبه بخصوص استرجاع مدينتي سبتة ومليلية مقابل تعزيز علاقاته مع إسبانيا، والحصول على دعمها في قضية الصحراء أو على الأقل اعتمادها لحياد إيجابي لا يضر بمصالح المغرب".



وأفاد بنيس بأن "تجميد هذا الملف ظهر من خلال الخطاب الذي اعتمده المغرب مع الجارة الشمالية، الذي تميز بالغياب شبه الكلي لهذا الملف خلال الاجتماعات الثنائية التي عقدها مسؤولو البلدين خلال السنوات العشر الماضية أو عن الخطابات والبيانات الرسمية للحكومة المغربية".

واعتبر أنه "إذا كانت سنوات السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات اتسمت بحضور مسألة المطالبة باسترجاع المدينتين في كل الاجتماعات الثنائية بين البلدين، وبإثارة المسؤولين المغاربة لهذا الموضوع في المحافل الدولية وبحضوره في الخطابات الملكية، فقد تميزت السنوات العشر الماضية بغياب شبه كلي لأي مطالبة علنية للمغرب باسترجاع مدينتي سبتة ومليلية أو حتى التفاوض بخصوصهما".



ولاحظ أن "هذه السياسة التي نهجها المغرب خلال السنوات الماضية نجحت، إذ أصبحت إسبانيا تأخذ تدريجياً مواقف تتماشى مع المصالح المغربية بخصوص ملف الصحراء، واتضح ذلك جلياً في شهر إبريل/ نيسان 2013، إذ كانت إسبانيا، باعتبارها عضواً في فريق أصدقاء الصحراء، من بين الدول التي أدت دوراً مهماً في إقناع الإدارة الأميركية بتغيير مشروع قرارها الأولي، الذي كان يسعى لتوسيع صلاحيات المينورسو (بعثة الأمم المتحدة لتنظيم استفتاء في الصحراء الغربية) ليشمل مراقبة حقوق الإنسان في الصحراء وفي مخيمات تندوف (في الجزائر)".

وأدت إسبانيا خلال عضويتها لمجلس الأمن، سنتي 2015 و2016، دوراً كبيراً في عدم تبني مجلس الأمن لأي قرارات من شأنها تغيير المسلسل السياسي الذي أطلقته الأمم المتحدة عام 2007، بالإضافة إلى وقوفها بجانب المغرب خلال الأزمة الدبلوماسية التي اندلعت بينه وبين الأمانة العامة للأمم المتحدة عقب التصريحات التي أدلى الأمين العام السابق، بان كي مون، في مخيمات تندوف، والتي وصف فيها التواجد المغربي في الصحراء بـ"الاحتلال".

في هذا الإطار، اعتبر بنيس أنه "ما دام هناك جمود في قضية الصحراء وما دام المغرب في حاجة للدعم الإسباني أو على الأقل الإبقاء على حيادها الإيجابي، فإن المغرب غير مستعد للعب على واجهتين، إذ سيتطلب ذلك جهداً مضنياً قد يشتت تركيز الدبلوماسية المغربية ويؤثر على فعاليتها". واعتبر أنه "من المستبعد أن يكون للحملة الوطنية التي أطلقتها الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان للمطالبة باسترجاع سبتة ومليلية من السيادة الإسبانية، أي تأثير على تعامل الدولة المغربية مع هذا الملف".

وشرح بنيس بأنه "على خلاف سنوات الستينيات والسبعينيات حين كانت تؤدي الأحزاب الوطنية، على رأسها حزبا الاتحاد الاشتراكي والاستقلال، دوراً في التأثير على توجهات السياسة الخارجية للمغرب، خصوصاً بما يتعلق باستكمال الوحدة الترابية للمغرب، فإن السياسة الخارجية للمغرب في الوقت الراهن تعتبر من اختصاصات الملك، الذي يحدد التوجهات الرئيسية للسياسة الخارجية للبلاد". وذهب إلى القول إنه "لو كانت هناك أي إرادة من المغرب لتحريك ملف سبتة ومليلية لظهرت في الخطابات الملكية وفي البيانات والتصريحات الرسمية للمسؤولين المغاربة"، متابعاً أن "ما يظهر من خلال الخطابات الملكية في السنوات الماضية هو التركيز أكثر من أي وقت مضى على ملف الصحراء وترسيخ مكانة المغرب في أفريقيا".