فجّر تقرير لمحكمة مراجعة الحسابات التابعة للاتحاد الأوروبي سجالاً مع المغرب الذي رفض الانتقادات التي تضمّنها التقرير لطريقة صرف وتدبير أموال الدعم التي يقدمها الاتحاد الأوروبي للمغرب.
واعتبر التقرير، الذي نُشر بشكل شبه متزامن مع مصادقة الاتحاد الأوروبي على منح المغرب دعماً مالياً جديداً يفوق المائة مليون يورو، أن الدعم المالي المباشر الذي منحه الاتحاد للمغرب، منذ عام 2014، لم يحقّق الأغراض التي صُرف من أجلها، موجهاً انتقاداته بشكل خاص لطريقة صرف هذا الدعم، والمتمثلة في تحويلات مالية مباشرة بدل تمويل مشاريع.
الانتقادات ردّ عليها المغرب على لسان الوزير الناطق الرسمي باسم الحكومة، الحسن عبيابة، والذي تلقى سؤالاً عصر اليوم الخميس خلال المؤتمر الصحافي الأسبوعي الذي يعقده بعد اجتماع مجلس الحكومة.
وقال عبيابة إن المغرب لا يسمح لأية دولة بأن تجري تقييماً للمغرب، وإن التعاون بين المغرب والاتحاد الأوروبي يتم عبر دفتر تحملات دقيق، مشدداً على أن هذا الدعم لا يصرف لفائدة المغرب لوحده، مشيراً إلى أن "كثيراً من الدول تشيد بالمغرب وبالتزامه بالقوانين وأنظمة المراقبة المعتمدة لديه".
وعلى غرار قصاصة سابقة نشرتها وكالة المغرب العربي الليلة الماضية، وهاجمت هذا التقرير، ألمح عبيابة إلى أن ما حملته هذه الوثيقة من انتقادات يعكس صراعات داخلية بين الدول الأوروبية، في إشارة محتملة إلى التنافس الفرنسي الإسباني، حيث تعتبر إسبانيا من أكبر داعمي منح هذا الدعم للمغرب لمساعدته على الحد من تدفق المهاجرين غير الشرعيين من سواحله نحو إسبانيا، بينما تمر العلاقات المغربية الفرنسية بفترة توتّر غامض.
وكانت إسبانيا قد بذلت جهوداً كبيرة في الشهور الماضية، لاستصدار دعم مالي أكبر لفائدة المغرب بهدف وقف موجة الهجرة السرية نحو سواحلها الجنوبية، حيث شهدت سنة 2018 ارتفاعاً ملحوظاً في أعداد المهاجرين الذين وصلوا إلى إسبانيا، وهو ما تكلّل أمس الأربعاء بصدور قرار بمنح 102 مليون يورو لفائدة المغرب، وذلك في إطار صندوق خاص لمواجهة الطوارئ ودعم إفريقيا، تستفيد منه بشكل خاص ليبيا إلى جانب المغرب، باعتبارهما مصدرين لتدفقات كبيرة من المهاجرين غير الشرعيين المتوجهين من إفريقيا نحو أوروبا.
وأوضح تقرير المحكمة الأوروبية المختصة بفحص صرف الأموال، أن الدعم الأوروبي الممنوح منذ عام 2014 لفائدة المغرب، والذي يقدّر مجموعه بحوالي مليار و400 مليون يورو، لم يحقق النتائج التي كانت منتظرة منه، خاصة في مجالات الخدمات الصحية والقضاء والحماية الاجتماعية وتطوير القطاع الخاص.
وأضافت المحكمة أنه ورغم تركيز المفوضية الأوروبية على ثلاثة قطاعات أساسية، إلا أن أموال الدعم صُرفت في 13 قطاعاً مختلفاً، ما يحدّ من آثارها. ودعت المحكمة في المقابل إلى تقليص مجالات صرف هذه الأموال، والقيام بعمليات تقييم من أجل الوقوف على مكامن الضعف والإقدام على المراجعات اللازمة.
القراءة المغربية لهذا التقرير الأوروبي عكسته قصاصة خاصة نشرتها وكالة المغرب العربي للأنباء منتصف الليلة الماضية، عنونتها بـ"المغرب يقع مرة أخرى ضحية عرضية لنزاع بين مؤسسات الاتحاد الأوروبي".
وقالت القصاصة إن التقرير يثير اللبس ويقدم الأشياء كما لو أن الأمر يتعلق بتقصير من جانب المغرب، أو أنه نكث بالتزاماته تجاه شريكه الأوروبي. وأضافت القصاصة أن التقرير يدعو إلى مراجعة تدبير المفوضية الأوروبية لمالية الاتحاد الأوروبي، ليس تجاه المغرب، بل إزاء اللجوء للدعم المالي بشكل عام "التقرير إذن موجه للمفوضية الأوروبية، وينصب على منهجية عملها وآلياتها المالية، باختصار، إن الأمر يتعلق بشأن داخلي للاتحاد".
وأضافت القصاصة أنه وبصرف النظر عن محتواه "يعاب على هذا التقرير طابعه المتجاوز بحيث أنه يتناول الفترة التي قرر المغرب خلالها القيام بوقفة للتفكير حول علاقاته مع الاتحاد الأوروبي، وذلك على الخصوص، بسبب بعض الاختلالات التي أوردها التقرير اليوم"، وهو ما تشير به القصاصة إلى فترة كان المغرب قد قرر خلالها تجميد اتصالاته الدبلوماسية مع الاتحاد الأوروبي بسبب قرار لمحكمة العدل الأوروبية كان يمسّ بسيادته الكاملة على الصحراء.