المغرب: ضريبة على الشركات الكبرى لدعم الفقراء

17 أكتوبر 2018
اتساع الفوارق الاجتماعية يقلق الحكومة (Getty)
+ الخط -

 

تعتزم الحكومة المغربية إلزام الشركات الكبيرة بضريبة يوجه عائدها إلى صندوق التماسك الاجتماعي، من أجل مساعدة الفقراء في الدولة، وهو ما كان مطبقا في فترات سابقة، غير أنه تم التخلي عن هذه الفكرة قبل نحو أربع سنوات.

ويسن مشروع قانون مالية العام المقبل 2019 (الموازنة العامة)، الذي ينتظر أن تعرضه الحكومة على البرلمان خلال أيام، هذه المساهمة في حدود 2% على الشركات التي تحقق أرباحا خاضعة للضريبة تتجاوز قيمتها 5 ملايين دولار.

ومن المنتظر أن يطاول التدبير الجديد، وفق مصادر مطلعة، حوالي 267 شركة من الشركات التي تصرح بأرباحها في المغرب، بينما تعمل في المملكة أكثر من 236 ألف شركة، وفق بيانات الإدارة الجبائية.

ولم تبد الشركات الكبيرة أي تحفظ، حتى الآن، على المساهمة المقترحة، التي تعتبر من بين التدابير الجديدة المدرجة في مشروع قانون مالية العام المقبل، الذي تؤكد الحكومة أنه يغلب عليه الهاجس الاجتماعي.

وليست هذه المساهمة الاجتماعية التضامنية جديدة في المغرب، فقد سبق أن تم العمل بها في الفترة من 2012 إلى 2014، في عهد الحكومة السابقة برئاسة عبد الإله بنكيران، قبل أن يتم التخلي عنها، وكانت السلطات العمومية تقتطع ما بين 1.5% و2.5% من الأرباح الصافية بعد الضريبة، بالنسبة للشركات التي تتجاوز أرباحها 1.5 مليون دولار.

ولم تكن تلك المساهمة تسري على الشركات الكبيرة فقط، فقد كانت تراوح بين 2% و6% من إيرادات الأفراد التي تتجاوز 36 ألف دولار في العام. ويدر رسم المساهمة الاجتماعية التضامينة على صندوق التماسك الاجتماعي حوالي 200 مليون دولار سنويا، حسب بيانات رسمية.

ويقول الخبير المغربي في مجال الجباية، محمد الرهج، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن إلزام الشركات الكبيرة دون غيرها بنسبة من أرباحها للتضامن الاجتماعي، سيرفع الضغط الجبائي على هذه الشركات.

ويشتد الضغط الجبائي، حسب الرهج، على الشركات الكبيرة، خاصة في ظل رفع معدل الضريبة عليها العام المقبل من 31% إلى 32% وفق مشروع قانون المالية.

وكانت الحكومة قد تخلت في السنوات الأخيرة عن إلزام الشركات الكبيرة بنسبة من أرباحها للمساهمة في التماسك الاجتماعي، خاصة أن هذه السنوات شهدت تراجعا في أسعار النفط، ما وفر موارد مالية للدولة لا سيما مع خفضها الإنفاق على الدعم.


ويسعى المغرب إلى مواجهة ارتفاع المطالب ذات الصبغة الاجتماعية، ما يدفع الحكومة إلى البحث عن إيرادات لتغذية رصيد صندوق التماسك الاجتماعي. ويتولى الصندوق تمويل عدة برامج اجتماعية، منها الدعم المباشر للنساء الأرامل ودعم الأشخاص الذين يعانون من الإعاقة.

وأشارت تقارير رسمية إلى أن الصندوق يعاني من ضعف إيراداته في ظل ارتفاع عدد المستفيدين، ما دفع وزارة الاقتصاد والمالية إلى التخوف من إفلاسه في 2020.

وكانت وزارة الاقتصاد والمالية قد تعهدت بالبحث عن إيرادات جديدة للصندوق والتحكم في الإنفاق على البرامج التي يقوم بتمويلها، والعمل على توسيع قاعدة المساهمين بما يساعد على الاستجابة لاحتياجاته المتنامية.

ودعا العاهل المغربي، محمد السادس، خلال افتتاح الدورة الجديدة للبرلمان، يوم الجمعة الماضي، إلى تشجيع مختلف أشكال التبرع والتطوع والأعمال الخيرية ودعم المبادرات الاجتماعية.

وحث ملك المغرب على وضع آليات جديدة لإشراك القطاع الخاص في النهوض بالميدان الاجتماعي، والمساهمة في تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين، مشيرا إلى أن ذلك يمكن أن يتم سواء في إطار المسؤولية المجتمعية للشركات أو من خلال إطلاق شراكات بين القطاعين العام والخاص.

وتواجه الحكومة المغربية ضغوطا متزايدة جراء اتساع الفوارق الاجتماعية، بينما لا تسمح موارد الموازنة العامة بالتصدي بشكل فعال للمشكلة الحالية، ما دعاها إلى البحث عن وسائل جديدة لمعالجة تلك الفوارق، التي حذرت تقارير دولية ومحلية من تداعياتها.

وذكر المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي المغربي، في تقريره السنوي الصادر في سبتمبر/ أيلول الماضي، أن الحركات الاجتماعية (الاحتجاجات) التي نشطت في الفترة الأخيرة، تبرز أن الفقر وبطالة الشباب والفوارق أضحت غير مقبولة من قبل الشباب.

وأوصى المجلس، وهو مؤسسة استشارية مغربية مستقلة، بمحاربة الفوارق الاقتصادية والاجتماعية، عبر تدعيم العدالة الاجتماعية وربط المسؤولية بالمحاسبة ومحاربة الفساد. ووفق استطلاع للرأي أجرته أخيرا المندوبية السامية للتخطيط (حكومية)، فإن 64% من المغاربة أكدوا تزايد الفوارق في المغرب، مقابل 7.8% يرون أن الفوارق تراجعت.

المساهمون