كشفت الحكومة المغربية عن توجهها لهيكلة الوظائف العمومية، لتقليص الإنفاق على الأجور وكبح عجز الموازنة العامة للدولة الذي تزايد في ظل تداعيات جائحة فيروس كورونا، التي أثرت سلباً على مختلف قطاعات الدولة.
وشددت رئاسة الحكومة في توجيه للوزارات بمناسبة إعداد مشروع قانون المالية لسنة 2021، اطلعت عليه "العربي الجديد"، على استغلال الإمكانيات المتعلقة بالتشغيل، وإعادة انتشار المناصب (تدوير الوظائف) لتغطية العجز الفعلي على مستوى القطاعات المختلفة.
ويندرج هذا التوجه ضمن ما سبق أن دافعت عنه الحكومة في الأعوام الأخيرة من رغبة في تكريس التعاقد في الوظائف العمومية وإعادة انتشار الموظفين بين الإدارات الحكومية. ويقوم تصور إعادة الانتشار على نقل موظفين من وزارات تشهد فائضا في عدد الموظفين إلى وزارات أخرى تواجه عجزا على مستوى الموارد البشرية.
وسبق للمجلس الأعلى للحسابات أن أوصى في تقرير له حول إصلاح نظام الوظيفة العمومية، بضرورة تشجيع حركية الموظفين، عبر عمليات إعادة الانتشار.
غير أن المجلس ربط الانخراط في عمليات إعادة الانتشار باتخاذ تدابير تحفيزية كافية جذابة ومقلصة للفوارق في الرواتب بين مختلف الإدارات، منتقدا الحكومة بسبب عدم كفاية الإجرءات الهادفة إلى نقل الموظفين بين الوزارات والإدارات، وهو التدبير الذي يفترض أن يشمل حوالي ربع الموارد البشرية في الوظيفة العمومية.
وتجد الحكومة صعوبات كبيرة في التحكم في كتلة الأجور، التي ينتظر أن تصل في العام الحالي إلى 13.6 مليار دولار، حسب توقعات قانون المالية المعدل في يوليو/ تموز الماضي، بعدما كانت تتوقع نفقات موظفين في حدود 13.8 مليار دولار في قانون المالية الذي شرعت في تطبيقه في بداية بناير/ كانون الثاني.
وقرر المغرب في ظل جائحة كورونا تعليق الترقيات والتوظيف في الوزارات والإدارات الحكومية، من أجل تسخير موارد الموازنة العامة للدولة لمواجهة تداعيات الوباء، غير أن القرار استثنى من هذه التدابير الموظفين والتابعين للإدارات المكلفة بالأمن الداخلي ومهنيي قطاع الصحة.
وبينما تسعى الحكومة إلى عدم تعيين موظفين جدد، فإن محمد الرهج، الخبير الاقتصادي المغربي، قال إن الأزمة الصحية كشفت عن نقص كبير في الموارد البشرية في قطاعات حيوية، مثل الصحة والخدمات المرتبطة بها والتعليم.
وأضاف الرهج، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الوظائف القليلة التي يتم إحداثها سنوياً عبر الموازنة لا تغطي النقص الناجم عن شغور مناصب بإحالة أصحابها على المعاش.
وكان صندوق النقد الدولي قد حض الحكومة المغربية على تقليص كتلة الأجور في الوظائف الحكومية، بما في ذلك المزايا الاجتماعية.
وتسعى الحكومة عبر تدابير التحكم في نفقات التسيير التي تستحوذ عليها نفقات الأجور إلى خفض عجز الموازنة، الذي يتوقع أن يقفز، حسب المندوبية السامية للتخطيط، من 3.6% في العام الماضي إلى 7.4% في العام الحالي، قبل أن يتراجع إلى 5% في العام المقبل.
وتعتبر المندوبية أنه بالنظر للزيادة المرتقبة في ميزانية بعض القطاعات المتضررة من تداعيات كورونا وصعوبة تقليص نفقات التسيير، ستواصل النفقات الجارية الصعود.