المعتز بالله إنجازات

21 مارس 2019
+ الخط -
حالة المعتز بالله مصرية خاصة جدا، ابتداءً من جلد وجه سميك في مقدوره دفن نياته، وعيون لا تشير إلى أي جهة، إلا المراوغة، لا مراوغة فارس لا قدر الله، أو حتى ثعلب، ولكن مراوغة نمس موائد يسعى إلى المكاسب بأي تبرير نظري، من مستودع النظريات السياسية، وتبريراتها المفتوحة دائما للقنص، كي يصير هو، فيما بعد، وسادة ليّنة لجلسة الحاكم، ولا يهمه النقد أو الملامة بعد ذلك أبدا، فالجلد فوق الوجه سميك، والطموح لا تحدّه حدود، طالما العدة جاهزة في خدمة السلطة، علاوة على أن الكتب غير عزيزة على أي ناقلٍ أو حافظ لها.
إذا نظرنا إلى شاب في الثامنة عشرة، الأول على الثانوية العامة أدبي سنة 1989، يسأله المذيع: إيه شعورك وأنت الأول على الثانوية؟ يترك المعتز بالله السؤال تماما، وتحدف عينه إلى هناك، ويرد: "أنا أشكر السيد الرئيس حسني مبارك، وأشكر ماما سوزان، وكنت دايما بشوف كل الخطب اللي الرئيس مبارك بيقولها في التليفزيون، ونزلت السنة اللي فاتت في الانتخابات الرئاسية بتاعته"، فالشاب، وهو أخضر العود في آنه، نسي مشاعر الفرح الخاصة به في السؤال، وقدّم طائعا أوراق اعتماده في لحظة واحدة لجهتين، الجامعة والسلطة في خبطة واحدة.
ماذا يقدّم للسلطة الحالية، بعدما برزت أنياب الضبع فيه، وكثرت مراجعه ومحفوظاته، وشارف على الخمسين؟ فإليك بعض فيض فقط: "أنا عايز الرئيس الحالي يكمّل". طيب، ما مبرّر أستاذ العلوم السياسية لأن يكمل الرئيس، يرد عليك: "بطن البلد حاليا مفتوحة، ومشروعات كتير ولازم تخلص".
وإذ سُئل: طيب، متى نرى الإنجازات ظاهرة، كي تُحدث أي تغيير في حال المواطن، كما نرى في ماليزيا وتركيا على الأقل؟ رد في التو: الأمور تتحسّن في مصر، لكننا في مرحلة وضْع الأساسات التي رغم أهميتها الشديدة لا يراها الناس، لأنها تتم تحت الأرض... فإذا كنت أكثر مكرا، ولم تقتنع بما هو تحت الأرض من أساسات، وليس لديك مرارة لانتظاره، وقلت له: "يا دكتور، تتكلم عن تحسّن الحال في مصر، والناس تتفحّم في محطة مصر؟"، رد عليك في ثقة: "ما يفعله الإخوان في حادث القطار هو محاولة لصرف الانتباه عن الإنجازات"، فإذا أردت أن تقول له إن هناك حوادث أخرى، لم يتدخل فيها الإخوان بشيء.. كسقوط بعض الكباري، وهروب التلاميذ بالمئات من مدارسهم في أول يوم دراسي، رد عليك في سهولة ويسر باسما، وعين من عيونه معك، والأخرى هناك: "90 في المية من مشاكل مصر إحنا سببها، والعشرة في المية سببها مؤامرات خارجية". وإذا أردت أن تزيد أو تعيد في الـ "90 في المية"، وذكّرته أن كل الإعلام ظل شهرا يضحك على الرئيس محمد مرسي، ويكركع من الضحك، لأنه قال فقط، إن سبب انقطاع الكهرباء هو العشرون جنيها، والسكين والعامل، ألست أنت الآن مثله في التفسير؟ فلماذا تفسر الآن بآلياته، وفي السابق، كنت تضحك عليه، وترفع حرج الأخطاء كلها بجرّة قلم عن السلطة الحالية، وتمسحها في الناس؟ أجابك وقد اكتملت ضحكته وعينه الثانية ما زالت هناك: "لم أر حاكما منذ محمد علي باشا أوصلنا إلى هذه النقطة التي عليها مصر سوى الرئيس السيسي".
حينئذ، يأخذك الغضب إلى جهةٍ في الحوار، بعدما وصلنا إلى ذلك الطريق المسدود، البعيد تماما عن السياسىة والعلوم السياسية التي تخرج منها الطالب الذي كان متفوقا في الثانوية، وصار أيضا أستاذا للعلوم السياسية في عصر مبارك، وقلت له: "طيب وتسليم جزيرتي تيران وصنافير يا بطل؟"، حينئذ تكتمل ضحكته، وتنفرج أساريره، وعين معك، والأخرى كما هي هناك، ويرد: "لو تمسّكنا بتيران وصنافير هندخل في مواجهة مع الخليج"، فلا أجد في نفسي من ردٍّ على صاحب "نحتاية" الإنجازات سوى قولي: إنجازات المحاكمات المسيّسة لا تبني أوطانا، يا أستاذ العلوم السياسية، إلا داخل أدراج مكاتب العرضحالجية أمام محكمة زنانيري.