المعارضة السورية تشكك بنوايا استئناف المفاوضات: لا مصداقية للروس

14 سبتمبر 2016
توقعات بأن يرسل دي ميستورا الدعوات بأكتوبر(سلفاتور دي نالفي/الأناضول)
+ الخط -
تدفع روسيا باتجاه استئناف المفاوضات السورية في وقت لا تزال فيه المعارضة تعتبر موسكو طرفاً غير حيادي وليس له مصداقية، كونها الداعم الأبرز لنظام بشار الأسد، فضلاً عن محاولتها المستمرة لتشتيت صفوف المعارضة.

وعكست تصريحات وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أمس الثلاثاء، رغبة موسكو في استئناف المفاوضات، إذ اعتبر أنه "يجب أن يمهد الاتفاق الروسي الأميركي لاستئناف العملية السياسية السورية التي لم تعد المماطلة فيها أمراً جائزاً". وأضاف "قلنا هذا لمبعوث الأمم المتحدة لسورية، ستيفان دي ميستورا". وجاءت تصريحات لافروف بعد يوم واحد من ترجيح نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، استئناف المفاوضات في مدينة جنيف السويسرية، الشهر المقبل، متوقعاً أن يرسل دي ميستورا الدعوات الى الأطراف المشاركة في مطلع أكتوبر/تشرين الأول.



ومن المتوقع أن تنصب الجهود، خلال شهر سبتمبر الجاري، على محاولات تحريك المسار السياسي الراكد، منذ أبريل/ نيسان الماضي. وتبدو موسكو في عجلة من أمرها لاستئناف المفاوضات في جنيف، ضمن مسعى منها لاقتناص فرصة قرب انتهاء ولاية الرئيس الحالي، باراك أوباما، للحصول على أعلى قدر من المكاسب السياسية في سورية.

من جهتها، أوضحت مصادر في المعارضة، أن الأخيرة لا تملك خيار رفض دعوة لجولة جديدة من مفاوضات جنيف قد توجهها الأمم المتحدة أواخر الشهر الجاري.
ضمن هذا السياق، أعلنت المعارضة السورية أنها ستتعامل بـ "إيجابية" مع الاتفاق الروسي الأميركي الخاص بوقف "الأعمال العدائية"، لكن ذلك لا يمنعها من الشك بالنوايا الروسية حيال أي حل سياسي في سورية، لا سيما أن موسكو لا تزال تحاول "سحب البساط" من تحت الهيئة العليا للمفاوضات التي تمثل الطيف الأوسع من المعارضة السورية. وتعتمد استراتيجية موسكو على التواصل مع منصات معارضة تتوافق جزئياً مع الرؤية الروسية تجاه الحل في سورية، خصوصاً لجهة إعادة إنتاج النظام من خلال إبقاء الأسد في السلطة بحجة حرصها على مؤسسات الدولة السورية من الانهيار. وكان بوغدانوف قد التقى، منذ أيام، عدداً من المعارضين السوريين من منصات موسكو، والقاهرة، واستانة، التي تحاول روسيا، أن تفرضها على المشهد الثوري السوري كي تكون بديلاً للهيئة العليا للمفاوضات التي ليست في وارد التنازل عن مبدأ رحيل الأسد في أي تسوية مقبلة. وهو ما يزعج موسكو ويدفعها إلى "تلميع" منصات أخرى ليس لها مصداقية أو وزن سياسي في الشارع السوري المعارض.
من جهتها، ذكرت مصادر في الائتلاف الوطني السوري لقوى الثورة والمعارضة، أن الموفد الأميركي الخاص إلى سورية، مايكل راتني، أكد أنه لم يتم أي اتفاق سياسي بين واشنطن وموسكو وأن الأمر متروك للتفاوض. وأشارت المصادر إلى أن راتني أبلغ أعضاء في الائتلاف أن الموقف الروسي تجاه مصير الأسد، وصلاحيات هيئة الحكم "لم يتغير"، ما يعني عدم جدية أي عملية تفاوضية مقبلة.
وبحسب المصادر نفسها، فإنه لا يوجد أمام المعارضة إلا الاستجابة لدعوة الموفد الأممي للعودة الى المفاوضات. ورجحت المصادر أن يتقدم دي ميستورا بمبادرة مع دورة انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في الواحد والعشرين من شهر سبتمبر الجاري للعودة إلى جنيف بناء على الوثيقة التي وضعها للحل السياسي في البلاد. ولا تزال تصر موسكو على أن مصير الأسد يحدده السوريون في انتخابات تتم عقب المرحلة الانتقالية بناء على دستور جديد.

في المقابل تتمسك المعارضة بضرورة استبعاد الأسد من السلطة مع بدء المرحلة الانتقالية رافضة بالمطلق تقاسم السلطة معه. وتستند في موقفها إلى قرارات دولية تدعو إلى تشكيل هيئة حكم كاملة الصلاحيات تدير مرحلة انتقالية دون الأسد. وأعاق هذا التباين الحاد أي تقدم في المسار السياسي، ودفع المعارضة إلى تعليق مشاركتها في مفاوضات جنيف.
وفي السياق ذاته، قال المتحدث باسم الهيئة العليا للمفاوضات، رياض نعسان آغا، في تصريحات إلى "العربي الجديد"، إنه لم يرَ جديداً في الموقف الروسي، مشيراً إلى أن الهيئة "لم تتلق أي دعوة للعودة الى المفاوضات من الموفد الأممي".
من جهته، توقع سفير الائتلاف الوطني في روما، بسام العمادي، أن تقبل الهيئة العليا للمفاوضات التابعة للمعارضة السورية العودة إلى طاولة التفاوض في جنيف "إلا إذا أحرجت بعدوان كبير من قبل قوات الأسد، أو المليشيات التي تساندها". ووفقاً للعمادي فإنه "لا يوجد أي أفق للمفاوضات"، مشيراً إلى أنها "لن تفضي الى حل سياسي في البلاد لأن الأسد لن يتنازل عن شيء على الإطلاق". ورجح أن يقابل رئيس النظام السوري، الضغط الروسي عليه، في حال حدوثه، بضغط إيراني معاكس. ولفت العمادي إلى أن "الأسد يدرك أن أي تنازل من قبله يعني الانتحار بالنسبة له، في المقابل، فإن السوريين يحكمون على أنفسهم بالموت، إذا قبلوا ببقاء الأسد ونظامه"، من ثم "لا يمكن الوصول إلى تفاهم سياسي على الإطلاق".
واعتبر العمادي أن الثورة السورية "قادرة على الحسم"، مشيراً إلى أن حلفاء النظام لن يدعموه إلى ما لا نهاية، موضحاً أن مقاتلي المعارضة السورية "يملكون الأرض، والآخرون غرباء عنها". كما توقع عدم صمود اتفاق الهدنة، وانهياره بأقرب الآجال لأن "الأسد يضع في حساباته سحق الثوار السوريين وليس أي شيء آخر" على حد وصفه.

المساهمون