المصريون ضاقوا ذرعاً بالمحسوبية والمحاباة

07 مارس 2016
احتجاجات للمطالبة بالحقوق العمالية (Getty)
+ الخط -
يمكنك في مصر أن تجد شاباً يُسحل في الشارع، أو سيدة تُعتقل وبيدها شهادة الماجستير أو الدكتوراه. وفي مصر أيضاً، يمكنك أن تجد راسباً في الثانوية العامة في أكبر المناصب والمراكز. مفارقات كثيرة تولّد الإحباط الوظيفي، وكذا الاقتصادي والإنتاجي.
تقول الأمينة العامة لاتحاد النقابات المستقلة هدى كامل في تصريحات، إن السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي تتخذها الدولة المصرية، ساهمت في زيادة إحباط المواطنين. وتدلل على ذلك برفض الدولة اتاحة الفرصة للعاملين في القطاعين العام والخاص، بتأسيس نقاباتهم المستقلة، يستطيع من خلاله العامل المطالبة بحقوقه والتعرف على واجباته، خلافاً للقوانين والاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها مصر. وتشير كامل إلى أن الدولة شنت حرباً على النقابات المستقلة، وتدخلت وزارة الداخلية في الأمر، حيث رفضت منح النقابات المستقلة شعار الجمهورية في إطار عدم الاعتراف بها. وأكثر من ذلك أن وزارة الداخلية قررت إلقاء القبض على رئيس النقابة المستقلة للعاملين بالتأمينات في محافظة الإسماعلية، دون توجيه أي اتهام له. متسائلة "كيف يمكن أن ينتج عامل أو يتقدم بأفكار لتطوير مهنته في حين أن زميله وممثله النقابي الذي اختاره يقبع داخل السجون؟".

بدوره، يعتبر منسق حملة الماجستير والدكتوراه أحمد نبيل: "أن الدولة لا تقوم على الكفاءات ولا على المؤهلات"، ويدلل على ذلك برفض إحداث تسويات للحاصلين على المؤهلات العليا الذين حصلوا عليها أثناء تأدية وظائفهم، ونقلهم لمواقع تخصصهم بحجة عدم وجود أماكن شاغرة، ناهيك عن الحديث عن غياب الموارد المالية التي تحتاج لها التسويات، في حين أن الدولة نفسها تسعى للتمسك بمستشارين أصبحوا غير قابلين للتغيير".

خسائر اقتصادية

ويشير نبيل في تصريحاته إلى أن هذه السياسات القائمة على رفض الكفاءات والإصرار على مساندة الفساد، لن تأتي إلا بمزيد من الخسائر الاقتصادية، التي تثقل كاهل المواطنين. ويتساءل "كيف يمكن لي أن أبدع في عملي في حين أن الدولة غير قادرة على احترام المجهود الذي بذلته في الحصول على مؤهل عال وصل لدرجة الدكتوراه، في حين أن آخرين يملكون مستوى علميا ومهنيا أقل مما أملك، ويحصلون على حقوقي؟ ونعود ونسأل لماذا توقف المصريون عن الإنتاج؟".

يتابع نبيل: "إن تعامل الدولة مع حملة الماجستير والدكتوراه المعتصمين منذ ما يزيد عن شهر، وتعرضهم للضرب والإهانة والاعتقال، يؤكد أن الأخيرة لا تضع في حساباتها أصحاب الكفاءات ولا تعتزم تشجيع الإبداع والإنتاجية".
من جهته، يؤكد النائب البرلماني خالد عبد العزيز شعبان، عضو لجنة القوى العاملة والهجرة، أن السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي تتخذها الحكومة في أغلب الأحيان منحازة، ويكفي الحديث عن قانون الخدمة المدنية، الذي تم رفضه في البرلمان، والذي كان يؤسس للفساد بصورة كبيرة داخل الجهاز الإداري للدولة. مشيراً في تصريحات له، إلى أن هذه السياسات أدت إلى تردي الأوضاع في مصر. ويطالب شعبان بضرورة اتخاذ الحكومة قرارات ثورية قادرة على استغلال الكفاءات، وتمكين الفئات المجتمعية المختلفة من القيام بدورها في البناء، والاستغناء عن ثقافة الخبرات.
من جهته، يرى أستاذ الاقتصاد في كلية التجارة جامعة المنيا كريم نور الدين، أن الأزمة ليست في السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي تتخذها الدولة بقدر ما ترتبط بثقافة العمل، والقدرة على الإنتاج والإبداع، ونوعية التعليم الذي يتلقاه المصريون بدرجة أكبر. ويقول نور الدين: "يصل الإنتاج في القطاع الخاص إلى أضعاف الإنتاج في القطاع العام، إذ إن الأول يعتمد بصورة أساسية على العلم والكفاءة، بعيداً عن الوساطة والمحسوبية كما هو في القطاع العام".
ويشرح نور الدين أن هناك عشرات الشركات التي تكلف الدولة ملايين مازالت قائمة حتى اليوم، بحجة الحفاظ على مصالح الموظفين والعاملين بها، في حين أنه يمكن توجيه تلك الأموال لمشاريع استثمارية كبرى، يتم فيها تدريب العمالة نفسها على المشاريع الجديدة، والتخلص من شركات لا جدوى منها.
وقد أكد تقرير التنافسية العالمية على أن مصر تأتي في المرتبة 116 في تقرير التنافسية العالمية، وحصل على مؤشرات متدنية للغاية، في الكثير من التقارير من بينها مؤشر "كاتو" الأميركي للدراسات السياسية والاقتصادية الذي صدر العام الماضي، والذي صنف مصر في المرتبة 18 بين الدول الأكثر بؤساً في العالم، بين 108 دول.

اقرأ أيضاً:عجائب النظام المصري: تحرير الفساد وسجن كاشفيه
المساهمون