المشاريع الخارجيّة المصريّة: مبادرات فرديّة

19 نوفمبر 2014
الاستثمارات خجولة في الخارج(وكالة الاناضول/getty)
+ الخط -
تُشكل المبادرات الاستثمارية الفردية، التي أطلقها المصريون القاطنون بالخارج منذ ‏عشرات السنين، عصب الاستثمارات المصرية في أنحاء العالم. ورغم أهمية النفوذ ‏الاستثماري في توطيد العلاقات مع العالم الخارجي، إلا أن هذه المشروعات تفتقر إلى ‏الدعم الحكومي. دعم كان من شأنه تحويل الاستثمارات "العشوائية" إلى تكتلات ‏اقتصادية تلعب دوراً في صنع القرار الخارجي حين يتعلّق الأمر بالمصالح ‏المصرية.‏
وينعكس ذلك الغياب الحكومي بوضوح في عدم وجود قاعدة معلوماتية موثّقة عن ‏حجم الاستثمارات المصرية بالخارج أو توزيعها الجغرافي والقطاعي، ما يجعل هذه ‏الاستثمارات حبيسة التقديرات الفردية التي تتفاوت بين 20 إلى 30 مليار دولار.‏
وفي المقابل، عند الحديث عن الأرقام الموثقة، لن نجد سوى البيانات غير المحدثة ‏الصادرة عن صندوق النقد الدولي في الثمانينات من القرن الماضي، حين قُدّرت ‏الاستثمارات المصرية الدولية، شاملةً عمالة المصريين في الخارج، بنحو 160 إلى ‏‏180 مليار دولار.‏
الزراعة والمنسوجات والبنية التحتية ‏
وفي محاولة لمعرفة طبيعة الاستثمارات المصرية بالخارج، حاورت "العربي ‏الجديد" عدداً من المستثمرين الدوليين والمسؤولين من أصحاب الخبرات. ‏ويقول رئيس مجلس إدارة شركة مصرية للتسويق والتجارة، الدكتور شريف الخريبي، إن حجم الاستثمارات المصرية المعروفة في دول العالم تراوح بين 20 إلى 30 مليار ‏دولار.‏
ويوضح الخريبي أن الاستثمارات تتوزع بين قطاعات الزراعة ومزارع الثروة ‏الحيوانية والبنية التحتية والكابلات الكهربائية والمنسوجات والملابس والاستشارات ‏الهندسية. ‏
ويرى أن إحدى شركات الاستثمارات المصرية مثلاً، تدير في أفريقيا مشاريع بقيمة ‏‏6 مليارات دولار، في حين تتسع مشاريع مصرية من نوع آخر في دول العالم، ومنها ‏الاستشارات الهندسية والمقاولات، حيث تتوزع شبكة مصرية من مكاتب ‏للاستشارات والمقاولات في دول متعددة، مثل تنزانيا والسعودية وفرنسا، وفي آسيا ‏وأفريقيا.‏
وتمتلك مصر أيضاً وجوداً قوياً في قطاع الاتصالات في الدول العربية، إضافة الى ‏دخول الاستثمارات المصرية قطاعات سياحية عربية وأجنبية في عدد من الدول. ‏

أين المظلة الحكومية؟
ورغم توسّع الاستثمارات الخارجية، إلا أن مصر لم تحقق الإفادة المأمولة منها في ‏نقل تكنولوجيا حديثة إلى الصناعات المصرية. ويؤكد الخريبي أن تركّز معظم ‏المبادرات الاستثمارية في دولٍ أفريقية وآسيوية جعل من مصر مركزاً لنقل ‏التكنولوجيا لهذه الدول وليس العكس.‏
ويضيف أن هناك حالات استثنائية، مثل شركة للملابس التي نقلت خبرات إيطالية ‏وانجليزية إلى مصانعها في مصر، لتتمكن منتجاتها بفضل هذه النقلة التكنولوجية من ‏غزو أوروبا وأميركا اللاتينية. ‏
وباعتباره أحد المسؤولين البارزين في إدارة الاستثمارات الخارجية بفضل توليه ‏رئاسة بنك القاهرة الدولي في أوغندا عام 1995، يرصد الخريبي أسلوب تعامل ‏السفارات المصرية مع الجاليات في الخارج، ويقول: "هناك تجاهل تام للمستثمرين ‏المصريين، سواء على صعيد التواصل مع الحكومات الأجنبية لتسهيل التراخيص، أو ‏مساندتهم لحل المشكلات الإدارية أو المالية.‏
ومن الطبيعي أن يثير ذلك التجاهل علامات استفهام وتعجّب عديدة في ظل عدم ‏تخصيص الحكومة جهة محددة لمؤازرة استثمارات المصريين في الخارج، خاصة ‏أنها تقدّر بمليارات الدولارات". ‏
وعند طرح هذه القضية على السفير جمال بيومي، أمين عام الشراكة الأوروبية في ‏وزارة التعاون الدولي، انحصرت تفسيرات عدم حصر الدولة لاستثمارات ‏المصريين في الخارج إلى "سعة انتشارها، بما يُصعّب مهمة الحصر والتدقيق على ‏وزارتي الخارجية والتعاون الدولي".‏
ويقول بيومي، لـ"العربي الجديد"، إن هذه الاستثمارات قُدّرت من قبل صندوق النقد ‏الدولي في حقبة الثمانينات بما يراوح بين 160 ـ 180 مليار دولار، وهو ما يشير ‏إلى أنها تضاعفت بالتأكيد خلال الثلاثين عاماً الماضية. لذا، فعليناً التفكير بجدية في ‏سُبل توجيه جزء منها للاقتصاد الوطني لانتشاله من الازمات التي يمر بها حالياً". ‏
وعند الانتقال بدفة الحديث إلى الشركات ذات الوجود المباشر بالأسواق الخارجية، ‏سنكتشف أن تسهيلات التراخيص أحد أبرز العوامل التي تدفعها للتوسّع في دول العالم. ‏وهذا ما يؤكده مصدر بشركة النساجون الشرقيون (أكبر مصنع للسجاد الميكانيكي ‏حول العالم بطاقة 135 مليون متر مربع سنوياً)، إذ يشير إلى أن متر الأراضي ‏الصناعية في أميركا يبلغ 8 دولارات فقط مقارنة بأكثر من 100 دولار في مصر. ‏
ويضيف أن الشركة عندما قررت إنشاء مصنعين في السوقين الأميركية والصينية، ‏وضعت نصب عينيها الطلب المرتفع في هذه الأسواق والحاجة إلى النفاد إليها ‏مباشرة دون تحمُّل أعباء مصاريف النقل. ‏
من جهته، يشرح رئيس مجلس إدارة شركة استشارية مصرية، عمرو علوبة، ‏استراتيجية عمل شركته في أفريقيا، ويقول: "آلاف المشروعات الأساسية في القارة ‏السمراء تفتح ذراعيها للاستثمارات الخارجية، خاصة القادمة من دول تنتمي لنفس ‏القارة. ولكن تحجيم المخاطر هو مفتاح دخول هذه الأسواق".‏
ويضيف أن "مخاطر السداد هي أبرز الصعوبات التي تواجه الشركة عند إقامة ‏مشروعات البنية الأساسية في الدول الأفريقية. لذا ينصب التركيز على انتقاء الفرص ‏الجذابة، مثل التعاقد مع الحكومات مباشرة في إقامة القرى الذكية".‏
المساهمون