قالت مصادر حكومية يمنية ومصرفيون، إن أزمة السيولة النقدية التي تعانيها اليمن بفعل الحرب وتوقف الإيرادات، دفعت المصرف المركزي إلى إعادة النقود التالفة للتداول في السوق المصرفية بدلا من إعدامها، وذلك في ظل عدم قدرته على طباعة نقود جديدة.
وأوضحت المصادر أن مبالغ كبيرة كانت جاهزة للإتلاف، إلا أن المصرف اضطر لإعادتها مرة ثانية إلى السوق وتحويل جزء منها إلى المؤسسات الحكومية لصرف الرواتب.
وأكد مصرفيون في صنعاء أن معظم الأوراق التالفة المتداولة من فئتي 100 ريال و250 ريالا، وقال موظفون حكوميون لـ "العربي الجديد"، إنهم تسلموا رواتبهم لشهري أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني الماضيين من الأوراق التالفة فئة 250 ريالا، وإن المؤسسات الحكومية التي يعملون فيها ترفض استبدال الأوراق التالفة التي أصبحت غير قابلة للتداول لأن معظمها ممزق ويتم تجميعها من خلال لاصق.
وقال عارف القرشي، الذي يعمل موظفا في إحدى الدوائر الحكومية في صنعاء في تصريح لـ"العربي الجديد": "نود معرفة مصدر هذه الأوراق التي تم صرفها كرواتب، إنها تأتي ممزقة أو تتمزق بمجرد لمسها، ربما تم تخزينها تحت الأرض وأصبحت غير صالحة للاستخدام ويتم الآن صرفها كمرتبات".
كما ذكر موظفون متقاعدون في عدن وتعز (جنوب اليمن) والعاصمة صنعاء، أنهم تسلموا رواتبهم للشهرين الماضيين بواسطة مكاتب البريد من الأوراق النقدية التالفة، التي لم تعد صالحة للتداول، مشيرين إلى أن مكاتب البريد ترفض استبدالها.
وقال متقاعدون لـ"العربي الجديد"، إن مسؤولي البريد أبلغوهم أن المصرف المركزي قام بتزويدهم بالأوراق التالفة ولا يتوفر لديهم أوراق نقدية سليمة، مشيرين إلى أنهم يجدون صعوبة كبيرة في صرف هذه الأوراق في الممارسات اليومية لدى المحلات التجارية أو في المواصلات الداخلية لأن أغلبها ممزق.
وأكد مديرو شركات ومحال للصرافة في صنعاء، أن الأوراق النقدية المتداولة في السوق المصرفية من فئة 100 ريال تالفة، وأنهم يواجهون مشاكل يومية مع عملائهم لعدم قدرتهم على استبدال التالف بسبب أزمة السيولة التي تمر بها البلاد وعدم قدرة المصرف المركزي على طباعة أوراق جديدة.
وقدر خبراء مصرفيون حجم النقود التالفة التي تم إعادتها للتداول بنحو 30 مليار ريال (140 مليون دولار)، استقبلها المصرف خلال عامي 2014 و 2015 لغرض إعدامها بحسب الإجراءات المتبعة، إما عن طريق الفرم والتفتيت أو عن طريق الحرق.
وأكد الخبير المصرفي، أحمد شماخ في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن إعادة ضخ الأوراق النقدية التالفه إلى السوق لها انعكاسات سلبية على المواطنين وذوي الدخل المحدود.
وقال شماخ إن المواطنين هم ضحايا ضخ أوراق نقدية تالفة وغير صالحة للاستخدام، حيث نرى مشاكل يومية تحدث بسببها في المواصلات العامة ولدى تجار المواد الغذائية وتجار الرصيف بسبب عدم القبول بهذي الأوراق.
وأشار إلى أنه كان على المصرف المركزي إعدام هذه النقود، مهما كانت حجم الضائقة المالية، حيث ترفض المصارف وشركات الصرافة استبدال العملة التالفة ولا يتمكن المواطن من صرفها، وكأنه لم يتسلم راتبه أو مستحقاته.
وبحسب تقارير رسمية، يستقبل المصرف المركزي ما بين 50 إلى 70 مليون ريال (بين 230 ألف دولار و323.2 ألف دولار) من النقود التالفة بشكل يومي، وكانت آخر عملية إعدام للنقود العام 2013، حيث اعلن عن إعدام 18 مليار ريال من العملة التالفة.
وقال خبراء مصرفيون، إن المصرف المركزي يقوم سنويا بطباعة أوراق نقدية جديدة بدلا عن التالفة ومن ثم ضخها في النظام المصرفي، لكنه لن يتمكن هذه المرة من طباعة أوراق جدبدة بسبب الحرب.
وتتم عملية طباعة الأوراق النقدية اليمنية في روسيا عن طريق شركات متخصصة، بحسب مصادر مصرفية رسمية.
وقال مختصون في المصرف المركزي إن جودة الأوراق النقدية اليمنية رديئة بالأساس، وأن اليمن تعتبر في مقدمة دول العالم من حيث الاستخدام السيئ للعملات، مشيرين إلى أن فئة 50 و100 و250 ريالا هي أكثر الفئات، التي تعاني من سوء استخدامها نظرا لكثرة تداولها في أيدي الصغار والكبار.
اقرأ أيضاً:
موظفو اليمن لا يجدون رواتبهم
موظفو النفط في اليمن بدون رواتب