لقاءات لوزان السورية لبحث المرحلة الانتقالية... والمعارضة تطلق "بركان البادية"

24 مايو 2017
النظام كثّف غاراته بدرعا يوم الإثنين(محمد أبا زيد/فرانس برس)
+ الخط -
يبدأ وفد من "الهيئة العليا للمفاوضات"، الممثلة للمعارضة السورية، اجتماعاً تقنياً في لوزان اليوم، مع باحثين دوليين، استكمالاً لما تم الاتفاق عليه في جنيف بعدما سحب المبعوث الأممي لسورية، ستيفان دي ميستورا، اقتراحه الذي قدمه لكل من وفدي المعارضة والنظام، والذي يبدو أنه تم استبداله باعتماد اللقاءات التقنية مع خبراء أممين من أجل إعداد رؤى حول مستقبل سورية. ويأتي ذلك في وقت تستعد فيه "الهيئة العليا" لإجراء اجتماع داخلي يهدف لمحاولة إعادة هيكلتها، بعد إعلان عدد من الفصائل انسحابها منها خلال جولة جنيف الماضية. هذه التطورات السياسية تتزامن مع احتدام الصراع بين قوات المعارضة المدعومة من "التحالف الدولي"، وقوات النظام المدعومة من روسيا، في منطقة البادية، حيث يهدف كل طرف من خلال التصعيد، إلى محاولة فرض سيطرته على المنطقة التي من المتوقع أن تكون جبهة القتال المقبلة ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في آخر معاقله في سورية بعد تحرير الرقة.

وقد أكدت نائبة رئيس الوفد التفاوضي المعارض إلى جنيف، أليس مفرج، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن اجتماع لوزان هو ورشة عمل تجريها "الهيئة العليا للمفاوضات" مع الاتحاد الأوروبي، بمشاركة مجموعة مهمة من الخبراء في عدد من المعاهد والمراكز البحثية الأوروبية. وأوضحت أن جزءاً كبيراً من هؤلاء الخبراء هم من أصول سورية، ويحملون جنسيات أجنبية. وبيّنت مفرج أن الهدف من هذه الاجتماعات هو دعم جهود المعارضة السورية لإعداد رؤية حول مستقبل سورية وكيف يمكن أن تؤول الأوضاع فيها عقب إكمال عملية الانتقال السياسي، مع تقديم رؤية لتعزيز العملية التفاوضية تحت مظلة جنيف قبل الجولة المقبلة منه، والتي من المتوقع أن تكون في منتصف الشهر المقبل. وأضافت أن "جهود الورشة ستتركز لإنجاح عملية الانتقال السياسي في سورية وبحث عدد من القضايا المتعلقة بها كالقضايا الدستورية وكيفية إدارة هيئة الحكم الانتقالية وكيفية الوصول إلى آلية قانونية لصياغة الدستور الجديد، بالاضافة إلى قضايا الإدارة اللامركزية والحوار الوطني والمصالحة وإعادة الإعمار عقب الانتقال السياسي". وتابعت أن البحث سيركز أيضاً على موضوع "إصلاح القطاع الأمني، عبر العمل على حوكمة هذا القطاع لتثبيت الأمن والاستقرار بفترة المرحلة الانتقالية، والذي يشكل هاجساً للمجتمع الدولي"، وفق قولها.



ولفتت نائبة رئيس الوفد المفاوض إلى أن المجتمعين في لوزان لا يمكن أن يضعوا ورقة تحدد مستقبل سورية، لأن الأمر بحاجة إلى توافقات سياسية أكبر من "الهيئة العليا". وأكدت أن هذا الأمر يخص جميع السوريين ولا يخص جهة سياسية، وفق تعبيرها. وذكرت أنه بما أن جميع هذه النقاط متداخلة مع بعضها البعض سنعمل لإيجاد مقاربة من السلال الأربع التي طرحها دي ميستورا في المفاوضات. وأكدت مفرج أن هذه الورشة لا تهدف أبداً لتحديد المواقف التفاوضية لـ"الهيئة العليا"، ولكن تعمل على تحديد الخط الاستراتيجي للوصول إلى النتائج، على حد قولها.


ورأت مفرج أن الاتحاد الأوروبي يحاول على ما يبدو أن يكون حاضراً بشكل أكبر في الملف السوري، مبينة أن الأوروبيين يعملون بحسب ما يعلنون، على إيجاد أرضية مشتركة بين الجهات الفاعلة في الصراع لتسهم في العملية السياسية. وذكرت أن الاتحاد الأوروبي اعتمد مقاربة شاملة تجاه الأزمة السورية، وهذه استراتيجية جديدة للاتحاد أقرها في 3 إبريل/نيسان مع وزراء خارجية الدول الأوروبية في مجلس الشؤون الخارجية. وهذا يمثل أحد أهداف أوروبا في دعم المعارضة السورية ورؤية "الهيئة العليا" وتحقيق تغير حقيقي في البلاد، وفق قول مفرج.

وفي ما يخص اجتماع "الهيئة العليا للمفاوضات" الذي كان مزمعاً عقده في 29 من الشهر الحالي، أكد مصدر مسؤول في المعارضة السورية لـ"العربي الجديد" أنه لم يحدد حتى الآن الموعد النهائي لاجتماع "الهيئة"، أو شكله، مرجحاً أن يتم أواخر الشهر الحالي. وبيّن المصدر أن أهم النقاط المطروحة على جدول الأعمال هي مناقشة التطورات الأخيرة واتخاذ قرارات في ما يخص ما حدث في جنيف، وفق تأكيده.

ميدانياً، شهدت البادية السورية خلال الساعات الماضية، تحركات عسكرية كثيفة من قبل المتنافسين على مد نفوذهم في المنطقة القريبة من معبر التنف الحدودي مع العراق والقريب من الأراضي الأردنية. وأكدت مصادر محلية تعزيز الحشود العسكرية من قبل المعارضة السورية المسلحة المدعومة من طيران "التحالف الدولي"، قابله تعزيز حشود من قوات النظام السوري المدعومة من الطيران الروسي والمليشيات الأجنبية.


وذكرت مصادر لـ"العربي الجديد" أن قوات النظام السوري والمليشيات الموالية لها استقدمت تعزيزات عسكرية ضخمة إلى منطقة "ظاظا - زازا" ومنطقة السبع بيار في البادية السورية شرق مدينة تدمر على طريق معبر التنف، وذلك بعد تقدمها في عدد من المواقع بالبادية في ريفي حمص والسويداء. وأضافت المصادر أن قوات النظام السوري أتت بتعزيزاتها العسكرية إلى البادية الشرقية، في حين قامت المعارضة السورية المسلحة بإرسال تعزيزات إلى المناطق المقابلة لجبهات القتال. وفي هذا السياق، تحدث الناشط، عضو "تنسيقية تدمر"، خالد الحمصي، لـ"العربي الجديد"، قائلاً إن قوات النظام السوري أرسلت التعزيزات بعد تقدمها وسيطرتها على حاجز ظاظا، تزامناً مع محاولة التقدم باتجاه مواقع المعارضة في منطقة بئر الشحمي على مسافة لا تقل عن 30 كيلومتراً عن معبر التنف، حيث تدور معارك عنيفة منذ صباح الثلاثاء في موقع استراحة بئر الشحمي. وأشار إلى أن قوات النظام السوري تمكنت من التقدم في الاستراحة والسيطرة على جزء واسع منها.

وأعلنت فصائل المعارضة السورية في البادية عن إطلاق معركة "بركان البادية" بهدف طرد النظام من المنطقة، في حين نشرت الصفحة الرسمية لـ"القناة المركزية لقاعدة حميميم العسكرية" بياناً على موقع "فيسبوك"، جاء فيه أن "وحدات برية صديقة تتبع لقوى الحرس الجمهوري السوري تقدمت باتجاه مناطق تعتبر خطاً أحمر للقوّات الحليفة لواشنطن". وأضافت أن "الوحدات تمكنت من كسر الخطوط الحمراء التي وضعتها تلك القوات"، مشيرةً إلى أن "موسكو تؤكد مجدداً دعمها المباشر للقوات الحكومية في تحركاتها البرية على الأراضي السورية"، بحسب ما أوردت تلك الصفحة الداعمة لنظام بشار الأسد.

وفي موازاة ذلك، سيطرت قوات النظام السوري على جبال محسة وجبل الخنزير وتلول الخضاريات وتلول الأعمدة وتلة أم طويقية في ريف حمص الشرقي، بعد انسحاب عناصر تنظيم "داعش" منها، إثر غارات جوية كثيفة من الطيران الروسي. وفي مدينة حمص، قتل أربعة أشخاص وجرح عشرة آخرون على الأقل جراء انفجار سيارة مفخخة أمام "مركز طوارئ كهرباء الزهراء" في حي الزهراء شرقي المدينة، صباح الثلاثاء، بالتزامن مع وصول الموظفين إلى المركز، ومن بين القتلى مدير المركز المدعو "حسام العسس". وفي سياق متصل، أكدت مصادر لـ"العربي الجديد" أن سيارة مفخخة انفجرت في الطريق الواصل بين مطار دمشق الدولي، ومنطقة السيدة زينب جنوب دمشق وأسفر ذلك عن أضرار مادية فقط، مبينةً "أنه تم سماع أصوات إطلاق نار كثيف في المنطقة قبل سماع دوي الانفجار الذي تبين أنه ناجم عن انفجار مفخخة".

وفي الرقة سيطرت مليشيات "قوات سورية الديمقراطية" على قرية بير حمد في الريف الشرقي، بعد معارك عنيفة مع تنظيم "الدولة الإسلامية"، في حين استمرت المواجهات مع التنظيم في بلدة حمرة ناصر وأطراف قرية حمرة البلسم وسط غارات من طيران "التحالف الدولي" على مواقع التنظيم في المنطقة. وفي حال فقد "داعش" سيطرته على بلدة حمرة ناصر وقرية حمرة البلسم يكون الريف الشرقي من مدينة الرقة تحت سيطرة المليشيات الكردية التي ستكون بالتالي على بعد 6 كيلومترات من المدينة التي يجري الإعداد لمعركة تحريرها.

وفي شأن متصل، تحدثت مصادر لـ"العربي الجديد" عن اعتقال مليشيات "وحدات حماية الشعب الكردية"، وقوات الأمن التابعة لها والمعروفة بـ"الأسايش الكردية" عشرة شباب من النازحين في ريف الرقة الشمالي، عند مرورهم على حاجز قرية عين العروس، وساقتهم إلى معسكرات التدريب التابعة لها في ريف الحسكة، كذلك اعتقلت عدداً آخر بعد مداهمة مخيم عين عيسى. ورجحت المصادر أن يكون سبب الاعتقال هو التجنيد الإجباري في صفوف المليشيات للقتال ضد تنظيم "داعش" في محافظات الحسكة والرقة ودير الزور. وأكدت المصادر ذاتها مقتل نازحين خلال محاولتها الفرار من دورية تابعة للمليشيات الكردية بالقرب من الشريط الحدودي مع تركيا والمحاذي لمدينة تل أبيض في ريف الرقة الشمالي.